الله أبي لا يريد أن أبتعد عنه - متى ١٨: ١٢-١٤
الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا
١٢ما رَأيُكم؟ إِذا كانَ لِرَجُلٍ مائةُ خَروف فضَلَّ واحِدٌ مِنها، أَفلا يَدَعُ التِّسعَةَ والتِّسعينَ في الجِبال، ويَمضي في طَلَبِ الضَّالّ؟ ١٣وإِذا تَمَّ له أَن يَجِدَه فالحَقَّ أَقولُ لَكم إِنَّه يَفرَحُ بِه أَكثَرَ مِنه بِالتِّسعَةِ والتِّسعينَ الَّتي لم تَضِلّ. ١٤وهٰكذا لا يَشاءُ أَبوكمُ الَّذي في السَّمَواتِ أَن يَهلِكَ واحِدٌ من هٰؤُلاءِ الصِّغار.

الحرب. السنة الثانية – يوم ٦٥
"انظُرْ واستَجِبْ لي أَيُّها الرَّبُّ إِلٰهي، وأَنِرْ عَينَيَّ لِئَلَّا أَنامَ نَومةَ المــَوت. وأَنا تَوَكَّلتُ على رَحمَتِكَ" (مزمور ١٣: ٤و٦). ارحمنا، يا رب. كم من الزمن ننتظر بعد حتى يحل السلام؟ كم من الزمن بعد لمملكة الموت علينا، ونحن نصلي كل يوم: ليأتِ ملكوتك، وبدل ذلك يملك الموت علينا. اذكرنا، يا رب، اذكر حُبَّك لنا. اهزِمْ الأشرار الذين يريدون أن يبيدونا. لتكن مشيئتك، ولتَنتصِرْ على صُنَّاع الموت. يا رب، إنهم يريدون أن يغيِّروا وجه الشرق الأوسط كله، لبنان والعراق وسوريا ومصر... ونحن في أرضك المقدسة. لكن أنت، يا رب، لك تدبير آخر للجميع، في رؤيتك الأزلية، رؤية السلام. ونحن نحيا في رؤيتك. عيد الميلاد يقترب، يا رب، فبدِّدْ خططهم، خِطَطَ الموت، وخلِّصْنا. ارحمنا، يا رب.
إنجيل اليوم
"لا يَشاءُ أَبوكمُ الَّذي في السَّمَواتِ أَن يَهلِكَ واحِدٌ من هٰؤُلاءِ الصِّغار" (١٤). بل يريد أن يَخلُصَ جميعُ الناس. والإنسان، من جهته، حُرٌّ، ويمكن أن يريد شيئًا آخر. يمكن أن يضيع في مسرَّات الأرض، أو في شرورها. أما الله فإنه يريد أن يَخلُصَ جميعُ الناس.
أفكِّر في نفسي. يريد الله أن أَخلُص، أن أعرفه، وأن أجده. إن ابتعَدْتُ فهو يبحث عني حيثما كنت، في حياتي المكرسة، في بعض إهمالي ونسياني، أو في حياتي العائلية، وفي بعض إهمالي فيها، ويفرح بكل رجوع مني إلى حماسي الأول. الله أبي لا يريد أن أبتعد عنه. يريدني أن أبقى كلي بقربه، وتحت نظره.
في حياتي المسيحية، تحت نظر الله، وفي نوره، أرى حبَّه في كل أحداث حياتي الخاصة والعامة، وفي الحرب، وفي كل صعوبة.
يمكن أن أسأل نفسي: كيف أنظر إلى الحرب، التي نعيش فيها، هنا وفي المنطقة كلها؟ هل أحيا فيها وحدي أم مع الله؟ وأدخل في أعماق سر الله في تعامله مع خليقته التي يريد أن يَخلُصَ فيها جميعُ الناس، حتى إنه أرسل ابنه الوحيد يسوع المسيح ليخلِّص جميع الناس، وهو في الوقت نفسه يسمح للإنسان أن يبقى في كل حريته في الشر الذي يصنعه.
أحيا وحدي أم مع الله؟ مع الله أقبل الحياة في الله، وفي سر الله الذي لا أفهمه، وفي ليل شر الناس. لكني أكيد أن الله يريد أن يَخلُصَ جميع الناس، يريد أن يعرف كل إنسان حُبَّ الله.
أنا المكرَّس لله، أو المسيحي المؤمن، أحيا في سر الله: يحِبُّنا الله ويسمح لنا بأن نبتعد عنه. يريد عالَمــًا يعرفه، ويعمل مشيئته، وفي الوقت نفسه، يسمح للعالَم بأن يضلِّ في طرق الشر والحرب، ويعارض صلاح الله.
في عمق هذا السر، أجتهد لأسير في النور، عالمــًا أن الله يريدني أن أَخلُصَ، أنا وكل إخوتي، وكل عالمي. فأضع كل دقائق حياتي في نور الله، وأطهِّر نفسي من كل شرـ أطهر نيتي، وكل عمل وكل كلمة، لأن الله يريد أن أَخلُص. فأعمل، من جهتي، كل ما يمكنني عمله، بنعمته تعالى، لأَخلُص، لأبقى قريباً من الله، في النور وفي السر الذي لا أفهمه، ما زلت على هذه الأرض.
"لا يَشاءُ أَبوكمُ الَّذي في السَّمَواتِ أَن يَهلِكَ واحِدٌ من هٰؤُلاءِ الصِّغار"
ربي يسوع المسيح، أنت لا تريد أن يهلك أحد من إخوتك. تريد أن يخلص كل واحد منا. تريدني أن أخلص. خذ بيدي، واهدني بنورك بين صعوبات الحياة. آمين
الثلاثاء ١٠ /١٢/ ٢٠٢٤ بعد الأحد الثاني من المجيء/ج