الوَيلُ لَكم أَيُّها الفِرِّيسِيُّونَ - لوقا ١١: ٤٢-٤٦
الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس
٤٢ولٰكِنِ الوَيلُ لَكم أَيُّها الفِرِّيسِيُّونَ، فإِنَّكم تُؤَدُّونَ عُشْرَ النَّعنَعِ والسَّذابِ وسائِرِ البُقول، وتُهمِلونَ العَدلَ ومحبَّةَ الله. فهٰذا ما كانَ يَجِبُ أَن تَعمَلوا بِه مِن دونِ أَن تُهمِلوا ذاك. ٤٣الوَيلُ لَكم أَيُّها الفِرِّيسِيُّون، فإِنَّكم تُحِبُّونَ صَدرَ المَجلِسِ في المَجامِع وتَلَقِّيَ التَّحِيَّاتِ في السَّاحات. ٤٤الوَيلُ لَكُم، أَنتُم أَشبَهُ بِالقُبورِ الَّتي لا عَلامَةَ علَيها، يَمْشي النَّاسُ علَيها وهُم لا يَعلَمون". ٤٥ فأَجابَه أَحَدُ عُلَماءِ الشَّريعَة: «يا مُعَلِّم، بِقَولِكَ هٰذا تَشتُمُنا نَحنُ أَيضًا». ٤٦فقال: «الوَيلُ لَكُم أَنتُم أَيضًا يا عُلَماءَ الشَّريعَة، فإِنَّكم تُحَمِّلونَ النَّاسَ أَحمالًا ثَقيلة، وأَنتُم لا تَمَسُّونَ هٰذِهِ الأَحمالَ بإِحْدى أَصابِعِكم".

زمن سلام جديد. هل انتهت الحرب القديمة؟ ٧٣٤ يوم حرب، ابتداء من ٧ أكتوبر ٢٠٢٣. يوم الخميس ٩/١٠/٢٠٢٥ وقعوا على اتفاقية سلام. هل نبدأ نعُدُّ أيام السلام؟
"في الضِّيقِ دَعوتُ الرَّبَّ، فاستَجابَ الرَّبُّ لي، وفي الرُّحْبِ أَقامَني" (مزمور ١١٨: ٥). ارحمنا، يا رب. الوضع في غزة والوضع العام ما زال مضطربًا، ما زال قتل وإبعاد في غزة وفي الضفة. السلام بعيد يا رب. ارحمنا، يا رب. في الضيق دعوناك، وما زلنا في ضيق، وما زلنا ندعوك. وما زلنا نؤمن ونأمل أنك ستقيمنا في الرحب. إنا نؤمن، يا رب، ستقيمنا من الموت. ارحمنا، يا رب.
إنجيل اليوم
"الوَيلُ لَكم أَيُّها الفِرِّيسِيُّونَ، فإِنَّكم تُؤَدُّونَ عُشْرَ النَّعنَعِ والسَّذابِ وسائِرِ البُقول، وتُهمِلونَ العَدلَ ومحبَّةَ الله. فهٰذا ما كانَ يَجِبُ أَن تَعمَلوا بِه مِن دونِ أَن تُهمِلوا ذاك" (٤٢).
الويل لكم. يسوع الذي جاء ليخلِّصنا، ليعيد إلينا الحرية والحياة، يجد أمامه أناسًا يستحقون اللعنة... مراؤون يبحثون عن مجد الناس. هم أصلًا خدّام لله، لكنهم يطلبون مجد الناس. هذه خطيئتهم، خدَّام لله، وجعلوا الله غائبا في حياتهم، وصارت حياتهم في الفراغ، وفي الشر الذي يولد من إنسان قطع نفسه عن الله.
سؤال يطرح على كل مؤمن. أنا أومن بالله. أومن بيسوع المسيح. لكن أي إيمان هو إيماني؟ ألا أقع أحيانًا في المراءاة نفسها، أو في النسيان، نسيان الله؟
يسوع، كلمة الله الأزلي، حاء ليعرِّفَنا بالآب، لندخل في مجد الآب. لنتأمّلْ في الفصل الأول من إنجيل القديس يوحناـ، حتى نضع أنفسنا في نور الله، ونبتعد عن أنفسنا أولا، وحتى نرى شيئًا آخر غير أنفسنا، وغير الأرض، وكل شر الأرض...
في البَدءِ كانَ الكَلِمَة، والكَلِمَةُ كانَ لَدى الله، والكَلِمَةُ هوَ الله.
كانَ في البَدءِ لَدى الله، بِه كانَ كُلُّ شَيء وبِدونِه ما كانَ شَيءٌ مِمَّا كان.
فيهِ كانَتِ الحَياة، والحَياةُ نورُ النَّاس والنُورُ يُشرِقُ في الظُّلُمات، ولَم تُدرِكْه الظُّلُمات.
كان النُّورُ الحَقّ، الَّذي يُنيرُ كُلَّ إِنْسان، آتِيًا إِلى العالَم. كانَ في العالَم وبِه كانَ العالَم
والعالَمُ لَم يَعرِفْهُ.
جاءَ إِلى بَيتِه، فما قَبِلَه أَهْلُ بَيتِه. ...
دائما الخطر الذي يهدد المؤمن أنه لا يعرف أو لا يريد أن يستقبل نِعَمَ الله... بطرق مختلفة. خلقنا الله على صورته، قادرين على المحبة مثله، وصرنا قادرين على الرفض، على رفض نعمة الله. أنظُرُ في أعماق نفسي لأرى حقيقة نفسي، الله في نفسي، أم أنا وحدي؟
أمّا الَّذينَ قَبِلوه، وهُمُ الَّذينَ يُؤمِنونَ بِاسمِه، فقَد مَكَّنَهم أَنْ يَصيروا أَبْناءَ الله: فَهُمُ الَّذينَ لا مِن دَمٍ، ولا مِن رَغبَةِ لَحْمٍ، ولا مِن رَغبَةِ رَجُل، بل مِنَ اللهِ وُلِدوا. والكَلِمَةُ صارَ بَشَرًا، فسَكَنَ بَينَنا، فرأَينا مَجدَه، مَجدًا مِن لَدُنِ الآبِ لِابنٍ وَحيد، مِلؤُه النِّعمَةُ والحَقّ".
نصير أبناء الله، بإرادة الله، لا بمساعي إنسان. منه كل هبة صالحة وكل شيء، منه النعمة والحق.
مِن مِلْئِه نِلْنا بِأَجمَعِنا، وقَد نِلْنا نِعمَةً على نِعمَة... وأَمَّا النِّعمَةُ والحَقّ، فقَد أَتَيا عن يَدِ يسوعَ المسيح.
إِنَّ اللهَ ما رآهُ أَحدٌ قطّ، الِابنُ الوَحيدُ الَّذي في حِضْنِ الآب هو الَّذي أَخبَرَ عَنه" (يوحنا ١: ١-١٨).
هذه سعادة الإنسان، خلقه الله ودعاه ليحيا بملء الحياة في الله، خلقه ليرعى الأرض ويبدل الشر فيها بالخير، ليزيل الحرب، ليملأ حياته الشخصية بملء حياة الله، الله الصالح والقدير، وهو الذي يعطيني المقدرة لأن أحب ولأن أصنع كل شيء صالح، مثله.
ولمزيد من الحقيقة أمام الله، اليوم عيد القديسة تريزا من أفيلا، في ضوء الآيات الإنجيلية، لنتأمل أيضًا في كلمات ملهمة للقديسة تريزا:
الصلاة ليست في الإكثار من الكلام، بل في الإكثار من المحبة.
لا تظنّوا أن الأمر هو في كثرة التفكير، بل في كثرة المحبة. فليكن قلبكم مهيّأً للمحبة.
عندما يريد الله أن يرفع النفس إليه، يغلق أبواب الحواس علينا فلا نرى ولا نسمع سواه، فنستطيع أن تدرك وتتذوّق حضوره على نحو أفضل.
السلام العميق والصمت العذب عطيّة من الله، لا ثمرة جهدنا.
ما علينا إلا أن نقف بتواضع، مستعدّين لقبول هذه النعمة، مثل فقيرٍ متسوّلٍ ينتظر كلّ شيء من صلاح ربه."
ربي يسوع المسيح، أعطني أن أرى، أن أبقى كما خلقتني قادرًا على المحبة والصلاح. آمين.
الأربعاء ١٥ /١٠/٢٠٢٥ الأحد ٢٨ من السنة/ج