إِنَّ هٰذا الجِيلَ جيلٌ فاسِدٌ يَطلُبُ آية - لوقا ١١: ٢٩-٣٢
الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس
٩وٱحتَشَدَتِ الجُموعُ فأَخَذَ يقول: «إِنَّ هٰذا الجِيلَ جيلٌ فاسِدٌ يَطلُبُ آية، ولَن يُعْطى سِوى آيةِ يُونان. ٣٠فكما كانَ يونانُ آيةً لِأَهلِ نِينَوى، فكذٰلِكَ يَكونُ ابنُ الإِنسانِ آيَةً لِهٰذا الجيل. ٣١مَلِكَةُ التَّيمَنِ تَقومُ يَومَ الدَّينونَةِ مَعَ رِجالِ هٰذا الجيلِ وتَحكُمُ علَيهِم، لِأَنَّها جاءَت مِن أَقاصي الأَرضِ لِتَسمَعَ حِكمَةَ سُلَيمان، وهٰهُنا أَعظَمُ مِن سُلَيمان. ٣٢رِجالُ نِينَوى يَقومونَ يَومَ الدَّينونَةِ مع هٰذا الجيلِ ويَحكُمونَ علَيه، لِأَنَّهم تابوا بإِنذارِ يُونان، وهٰهُنا أَعظمُ مِن يُونان.

زمن سلام جديد. هل انتهت الحرب القديمة؟ ٧٣٤ يوم حرب، ابتداء من ٧ أكتوبر ٢٠٢٣. يوم الخميس ٩/١٠/٢٠٢٥ وقعوا على اتفاقية سلام. هل نبدأ نعُدُّ أيام السلام؟
"يَمينُ الرَّبِّ ارتَفَعَت، يَمينُ الرَّبِّ بِبَأسٍ عَمِلَت" (مزمور ١١٨: ١٦). ارحمنا، يا رب. إنّنا نسبحك، يا رب، ونشكرك، لأنك رفعت يمينك، وألهمت الناس سلامك، في غزة. لكن الوضع ما زال مترددًا. والموت ما زال رابضًا في نفوس الحكام. أنت، يا رب، سند المظلومين. غزة وكل أرضنا ما زالت مليئة بالآلام. ارحمنا، يا رب.
إنجيل اليوم.
"واحتَشَدَتِ الجُموعُ فأَخَذَ يقول: «إِنَّ هٰذا الجِيلَ جيلٌ فاسِدٌ يَطلُبُ آية، ولَن يُعْطى سِوى آيةِ يُونان. فكما كانَ يونانُ آيةً لِأَهلِ نِينَوى، فكذٰلِكَ يَكونُ ابنُ الإِنسانِ آيَةً لِهٰذا الجيل" (٢٩-٣٠).
"إِنَّ هٰذا الجِيلَ جيلٌ فاسِدٌ يَطلُبُ آية". رأوا الآيات، رأوا العميان تنفتح عيونهم، والمرضى يشفون، والموت يقومون... رأوا الآيات، ولم يؤمنوا. بقي لإقناعهم الآية الكبرى، آية يونان، - يسوع نفسه يموت ثم يقوم... قيامة يسوع المسيح من بين الأموات. لكن، بعد ذلك أيضًا، هل يؤمنون؟ التلاميذ آمنوا. أما رؤساء الكهنة فقالوا لحراس القبر: اكذبوا وقولوا إن تلاميذه جاؤوا وسرقوا جثمانه... لم يؤمنوا.
ونحن؟ هل نؤمن؟ أم ننتظر مثل هؤلاء الرافضين آيات أخرى لنؤمن؟ الله صالح ورحيم، ويرسل لنا الآيات، إن نحن بقينا في "بساطتنا" وتواضعنا، وعرفنا أن نرى آياته في عجائب خلقه، وعرفناه في حبه العظيم لنا، في موته وقيامته من أجل خلاصنا. علينا أن نرى ونعرف ما نحن، من أجلنا تألم ومات وقام.
نؤمن ونجتهد دائمًا لنرى ونسمع الآيات وكلام الله في حياتنا. حتى نرى الآية الكبرى، يسوع ابن الله، يصير إنسانًا، ثم يموت ويقوم من الموت، حتى يفيض فينا نور قيامته.
حتى نرى الله.
جيل فاسد، رأى وسمع يسوع في زمنه ورفض أن يرى وأن يسمع. ألله أعطاهم ورفضوا أن يأخذوا.
كثيرون من بعدهم استمروا في عماهم ورفضهم. وكثيرون أيضًا سمعوا وآمنوا بيسوع ابن الله، مخلص البشر.
ونحن اليوم، سمعنا ورأينا. الطريق صعب. ونحن صغار، غارقون في أرضنا، فلا نرى الآيات. المحن والمشقات كثيرة، وعزلتنا كثيرة. بعيدون عن الله. في وحدتنا، بدون الله، الحياة صعبة ونحن لا نرى.
يمكن دائمًا أن نرجع ونتوب، أن نرجع إلى بيت الآب، مثل نينوى المدينة الوثنية، الجاهلة بالله، لكنها استقبلت أخيرا عطية الله، سمعت صوت يونان، النبي المرسل من قبل الله. شدائدنا كثيرة لكن رسل الله أيضًا كثيرون، اليوم أيضًا، يجب البحث عنهم وانتظارهم. الله يرسل دائمًا رسله.
الله يبحث عنا، فهو الراعي الصالح الذي يبحث عن الخروف الضال، عن كل خروف ضال... الله يبحث عني، وينتظر عودتي. حياتي على الأرض مليئة بالشدائد والحروب؟ لكنها مليئة أيضًا بانتظار الله، أبي. أكثر من الحرب، وأكثر من آلام كل يوم، الله معي على هذه الأرض، يحبني وينتظرني.
ربي يسوع المسيح، جئت تبحث عني. من أعماق سرك، ومن أعماق الأزل، طلبتني. أعطني يا رب أن آتي إليك فألقاك وأراك في عجائب وآيات خلقك، وفي الصلاح الذي وضعته في إخوتي وأخواتي. آمين.
الاثنين ١٣/١٠/٢٠٢٥ الأحد ٢٨ من السنة/ج