يسوع يقبل الدعوة إلى الطعام - لوقا ١٤: ١و٧-١١

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا

"وَدَخَل يَومَ السَّبْتِ بَيتَ أَحَدِ رُؤَسَاءِ الفَرِّيسِيِّينَ لِيَتَناوَلَ الطَّعَامَ، وَكَانُوا يُرَاقِبُونَهُ.... وَضَرَبَ لِلمَدعُوِّينَ مَثَلًا، وَقَد رَأَى كَيفَ يَتَخَيَّرُونَ المـَقَاعِدَ الأُولَى، قَالَ لَهُم: إذَا دُعِيتَ إلَى عُرسٍ، فَلَا تَجلِسْ فِي الــمَقعَدِ الأَوَّلِ... " (١و٧-٨).

يسوع يقبل الدعوة إلى الطعام - لوقا ١٤: ١و٧-١١

 

١. ودخل يوم السبت بيت أحد رؤساء الفريسيين ليتناول الطعام، وكانوا يراقبونه.

٧. وضرب للمدعوين مثلا، وقد رأى كيف يتخيرون المقاعد الأولى، قال لهم:

٨. إذا دعيت إلى عرس، فلا تجلس في المقعد الأول، فلربما دعي من هو أكرم منك،

٩. فيأتي الذي دعاك ودعاه فيقول لك: أخل الموضع لهذا. فتقوم خجلا وتتخذ الموضع الأخير. 

١٠. ولكن إذا دعيت فامض إلى المقعد الأخير، واجلس فيه، حتى إذا جاء الذي دعاك، قال لك: قم إلى فوق، يا أخي. فيعظم شأنك في نظر جميع جلسائك على الطعام. 

١١. فمن رفع نفسه وضع، ومن وضع نفسه رفع.

 

       الحرب. اليوم ٢٨.

       يا رب، ما زلنا في الحرب. موت وبيوت مدمرة، والخوف يزداد والكراهية تزداد. وقلوب القاتلين مثل الحديد الذي يقتلون به. فيك وحدك نضع رجاءنا. لا تتركنا، يا رب. أسرع إلى خلاصنا.

        انحنَيْتُ جدًّا وتحدَّيْتُ وبالحداد طوال النهار مشيت.  

       وَهَنْتُ جدًّا، وانسحقْتُ، ومن زئير قلبي زَمجَرْتُ. 

       أيها السيد، بغيتي كلها أمامك وتنهدي لا يخفى عليك. 

       يخفق قلبي، وقوتي تفارقني، وحتى نور عينَيَّ لم يبقَ معي. 

        إياك رجَوْتُ، يا رب، وأنت تجيب، أيها السيد إلهي. 

       لا تتركني، أيها الرب إلهي، ولا تتباعَدْ عني. 

       أسرع إلى نصرتي أيها السيد خلاصي (مزمور ٣٧).

 

          إنجيل النهار.

       "وَدَخَل يَومَ السَّبْتِ بَيتَ أَحَدِ رُؤَسَاءِ الفَرِّيسِيِّينَ لِيَتَناوَلَ الطَّعَامَ، وَكَانُوا يُرَاقِبُونَهُ.... وَضَرَبَ لِلمَدعُوِّينَ مَثَلًا، وَقَد رَأَى كَيفَ يَتَخَيَّرُونَ المـَقَاعِدَ الأُولَى، قَالَ لَهُم: إذَا دُعِيتَ إلَى عُرسٍ، فَلَا تَجلِسْ فِي الــمَقعَدِ الأَوَّلِ... " (١و٧-٨).

       يسوع يقبل الدعوة إلى الطعام، حتى عند الناس الذين يعرف أنهم ليسوا أصدقاء. فقد جاء للجميع، للأبرار والأشرار، لمن يسمعونه فيؤمنون، ولمن يسمعونه ويريدون أن "يأخذوه بكلمة"، والذين في النهاية قرروا أن يحكموا عليه بالموت. جاء من أجل الجميع.

       واليوم يسوع يأتي. ويرافقنا جميعًا. اليوم أيضًا يوجد من يرفضونه، ويجادلونه، لا ليفهموا، بل ليفرضوا وجهة نظرهم. وحدهم، من دونه، فيتّخذون قرارهم، ليحكموا بالموت على آخٍ لهم. هذه هي الحرب، رَفضُ البعضِ سماعَ صوت الله، رَفضُهم ما يقول الله، والاكتفاء بوجهة نظرهم، وأخذ القرار بالحكم بالموت على أخ لهم، فردًا أو شعبًا.

       الإنسان الذي يريد أن يسير وحده، يضَلُّ ويقع في الموت، ولا يبقى ما هو، أنه مخلوق على صورة الله. إنسان يرفض ما يقول الله، يفقد معرفته لنفسه، ويفقد مقدرته نفسها لعمل الخير. ويصبح إنسانًا يحمل الموت له ولغيره، ويصير صانع حروب، ليسحق، ويهدم، ويفرض سيادته على أنقاض إنسانيته هو.

       الإنسان وحده لا يقدر أن يكون. هو كائن لأنه على صورة الله. هو كائن، لأنه كائن مع، مع الله خالقه، ومع إخوته. وهو كائن مع إخوته، ليكونوا معًا، وليس ليدمِّروا بعضهم بعضًا. كائنٌ وحده فهو يصنع الحرب ويدمِّر كل شيء، ويصبح هو نفسه أنقاضًا، بالرغم من كل انتصاراته.

          "رَأَى كَيفَ يَتَخَيَّرُونَ المـَقَاعِدَ الأُولَى". وما هي المقاعد الأولى؟ بناء على أي مقياس المقعد هو الأول أو الأخير؟ يمكن أن يكون المقعد الأول بالنسبة لكبيرٍ يَشغَلُهُ، ويريد البعض أن يتقرب منه. لكن الأول في نظر الناس ليس دائمًا الأول في الحقيقة. يمكن أن يكون هو، والناظرون إليه، في ضلال، وصانعي حروب. فهم في المكان الأخير.

       في المكان الأول، يوجد الله، والذي يسمع ما يقول الله. بالقرب من الله، يجب أن يبحث الإنسان عن مكانه، قريبا من الخير، ومن الحقيقة، ومن المحبة، ومن السلام. وقريبًا من الصغار والفقراء. لأن القرب من هؤلاء يقرِّب من الله. المكان الأول هو حيث يوجد الله. هناك المكان الأول.

       مع الله الخالق والأب، ومع إخوتنا، جميعًا، من دون تفرقة، هناك المكان الأول الذي يجب أن نبحث عنه.

       ربي يسوع المسيح، رأيتَ الناس يطلبون المكان الأول بين الناس. أعطني أن أعرف أن المكان الأول هو أن أكون معك، ومع كل إخوتي. آمين.

السبت ٤/١١/ ٢٠٢٣           بعد الأحد ٣٠ من السنة/أ