متى جاءَ ابنُ الإِنسان، أَفَتُراه يَجِدُ الإِيمانَ على الأَرض؟ - لوقا ١٨: ١-٨

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس

وضرَبَ لَهم مَثَلًا في وُجوبِ المُداوَمةِ على الصَّلاةِ مِن غَيرِ مَلَل، ٢قال: «كانَ في إِحدى المُدُنِ قاضٍ لا يَخافُ اللهَ ولا يَهابُ النَّاس. ٣وكانَ في تلكَ المَدينَةِ أَرمَلَةٌ تَأتيهِ فتَقول: أَنصِفْني من خَصْمي. ٤فأَبى علَيها ذٰلِكَ مُدَّةً طَويلة، ثُمَّ قالَ في نَفْسِه: أَنا لا أَخافُ اللهَ ولا أَهابُ النَّاس، ٥ولٰكِنَّ هٰذِه الأَرمَلَةَ تُزعِجُني، فسَأُنصِفُها لِئَلَّا تَظَلَّ تَأتي وتَصدَعَ رَأسي». ٦ثُمَّ قالَ الرَّبّ: «اسمَعوا ما قالَ القاضي الظَّالِم. ٧أَفَما يُنصِفُ اللهُ مُختاريهِ الَّذينَ يُنادونَه نهارًا ولَيلًا وهو يَتَمهَّلُ في أَمرِهم؟ ٨أَقولُ لَكم: إِنَّه يُسرِعُ إِلى إِنصافِهم. ولٰكِن، متى جاءَ ابنُ الإِنسان، أَفَتُراه يَجِدُ الإِيمانَ على الأَرض؟»

متى جاءَ ابنُ الإِنسان، أَفَتُراه يَجِدُ الإِيمانَ على الأَرض؟ - لوقا ١٨: ١-٨

زمن سلام جديد. هل انتهت الحرب القديمة؟ ٧٣٤ يوم حرب، ابتداء من ٧ أكتوبر ٢٠٢٣. يوم الخميس ٩/١٠/٢٠٢٥ وقعوا على اتفاقية سلام. هل نبدأ نعُدُّ أيام السلام؟

"لقَد لَصِقَت بِالتُّرابِ نَفْسي، فأَحْيِني بِحَسَبِ كَلِمَتِكَ" (مزمور ١١٩: ٢٥). ارحمنا، يا رب. في غزة ما زال الأطفال يبكون. وما زال الظالمون يقتلون. السلام هشٌّ في غزة، يا رب. أنت الساهر على عمل يديك، يا رب. ""لقَد لَصِقَت بِالتُّرابِ نَفْسي، فأَحْيِني بِحَسَبِ كَلِمَتِكَ". لا تتركنا، يا رب. ردَّ القلوب إليك. ردَّ إليك هذه الأرض التي سكنتها وقدستها، وكل سكانها. من أجلنا جئت يا رب، من أجلنا رضيت بالموت. ومن أجلنا غلبت الموت. نجنا، يا رب، من يد الأشرار. ارحمنا، يا رب.

إنجيل اليوم

وضرَبَ لَهم مَثَلًا في وُجوبِ المُداوَمةِ على الصَّلاةِ مِن غَيرِ مَلَل، قال: «كانَ في إِحدى المُدُنِ قاضٍ لا يَخافُ اللهَ ولا يَهابُ النَّاس. وكانَ في تلكَ المَدينَةِ أَرمَلَةٌ تَأتيهِ فتَقول: أَنصِفْني من خَصْمي. فأَبى علَيها ذٰلِكَ مُدَّةً طَويلة، ثُمَّ قالَ في نَفْسِه: أَنا لا أَخافُ اللهَ ولا أَهابُ النَّاس، ولٰكِنَّ هٰذِه الأَرمَلَةَ تُزعِجُني، فسَأُنصِفُها لِئَلَّا تَظَلَّ تَأتي وتَصدَعَ رَأسي». ثُمَّ قالَ الرَّبّ: «اسمَعوا ما قالَ القاضي الظَّالِم. ٧أَفَما يُنصِفُ اللهُ مُختاريهِ الَّذينَ يُنادونَه نهارًا ولَيلًا وهو يَتَمهَّلُ في أَمرِهم؟ أَقولُ لَكم: إِنَّه يُسرِعُ إِلى إِنصافِهم. ولٰكِن، متى جاءَ ابنُ الإِنسان، أَفَتُراه يَجِدُ الإِيمانَ على الأَرض؟» (١-٨).

أوصى يسوع الصلاة دائمًا بلا ملل... وإن الله صالح يسرع إلى إنصاف الناس... وقال أيضًا: ولٰكِن، متى جاءَ ابنُ الإِنسان، أَفَتُراه يَجِدُ الإِيمانَ على الأَرض»؟

نصلي بلا ملل. من غير أن نيأس. بل نثبت رجاءنا في الله. الصلاة هي مكوث دائم وحضور أمام الله، في محبة الله وكل إخوتي وأخواتي. دائمًا من غير تعب أو ملل أكون أمام الله، عارفًا نفسي ما أنا، خليقة الله، وأني دائمًا بحاجة إلى الله أبي. لا أتعب من الله أبي حتى إذا بدا لي أنه ليس إلى جانبي، ويترك الأشرار يعملون بحسب شرهم.

"القاضي الظالم يسرع إلى إنصاف الأرملة" "أما يسرع الله والأب الصالح إلى إنصاف المؤمن الذي يصلي إليه؟ الله يسهر، ويحِبّ. قد أشعر أحيانًا أني وحدي، وأني متروك بين أشرار الأرض. لكني لست وحدي. الله معي. فعليَّ أن أرجو وأنتظر، أبكي وأنتظر، وأحمل صليبي أنا أيضًا، وأنتظر. في الزمن الذي يريده هو أبي، سيقوم وينصف كل المظلومين. أومن وأثق بأبي. سيسرع إلى إنصافي.

"إن هٰذِه الأَرمَلَةَ تُزعِجُني، فسَأُنصِفُها لِئَلَّا تَظَلَّ تَأتي وتَصدَعَ رَأسي. ثُمَّ قالَ الرَّبّ: اسمَعوا ما قالَ القاضي الظَّالِم ...َأفَما يُنصِفُ اللهُ مُختاريهِ الَّذينَ يُنادونَه نهارًا ولَيلًا وهو يَتَمهَّلُ في أَمرِهم؟ أَقولُ لَكم: إِنَّه يُسرِعُ إِلى إِنصافِهم".

مدة طويلة بقي القاضي الظالم على ظلمه، لكنه أخيرًا فكر في أمره وعمل ما هو عدل. وعدل الله أكبر من عدل الإنسان. عدل الله ينتصر على ظلم الإنسان، وعلى ظلم كبير مستبد في الأرض مصمِّم على البقاء في ظلمه... يجب أن نؤمن فنصبر ونبقى حاضرين أمام الله. يمكن أن يكون زمن الله بعيدًا وظلم الناس طويلا وثقيلا...لكن مهما كان شر الناس، فإن صلاح الله، محب البشر، أكبر من كل شر الإنسان... سينصفنا الله. هو الذي يقول: لي الانتقام. الله محب البشر، سينصف الذين يحبهم.

"ولٰكِن، متى جاءَ ابنُ الإِنسان، أَفَتُراه يَجِدُ الإِيمانَ على الأَرض؟"

هل يثبت الإنسان في صلاته؟ الموت وشر الناس هل يخنق الناس؟ هل يضعفون في النهاية بين ويلات هذه الأرض، مثل الإبادة في غزة؟ هل يبقى مؤمنون على الأرض، أناس في قلبهم رجاء، في كل سنوات الشر الطويلة من قبل الناس/ "قبل أن ينصف الله محبيه"؟

الله صالح قوي قدوس. هو الكائن والذي سيكون وهو محب البشر.

الشرير يمكن أن يكون شره كثيرًا، لكن يمكن أيضًا أن يتوب. وصلاح الله سينتصر على شر الإنسان. فلا نيأس. لنؤمِنْ ولنثَبِّتْ رجاءنا في زمن الموت الذي نعيشه، ولننتظِرْ الله. لنبقى مؤمنين إلى يوم مجيء ربنا يسوع المسيح.

ربي يسوع المسيح، حياتي معركة مستمرة مع نفسي وضعفي، ومع شر الناس وظلمهم. حياتي معركة لكي أثبت في إيماني بك، وبصلاحك وبحبك لي. ربي يسوع المسيح، أعطني أن أثبت في صلاتي مؤمنًا أنك تسمعني. آمين.

الأحد ١٩ /١٠/٢٠٢٥                              الأحد ٢٩ من السنة/ج