الطفل الصغير هو كلمة الله - لوقا ٢: ١-١٤
الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا
"في البَدءِ كانَ الكَلِمَة والكَلِمَةُ كانَ لَدى الله والكَلِمَةُ هوَ الله. كانَ في البَدءِ لَدى الله. بِه كانَ كُلُّ شَيء وبِدونِه ما كانَ شَيءٌ مِمَّا كان... والكَلِمَةُ صارَ بَشَراً فسَكَنَ بَينَنا فرأَينا مَجدَه مَجداً مِن لَدُنِ الآبِ لابنٍ وَحيد مِلؤُه النِّعمَةُ والحَقّ" (يوحنا ١: ١-٣ و١٤).

١ وفي تِلكَ الأَيَّام، صدَرَ أَمرٌ عنِ القَيصَرِ أَوغُسطُس بِإِحْصاءِ جَميعِ أَهلِ الـمَعمور. ٢وجَرى هذا الإِحصاءُ الأَوَّلُ إِذ كانَ قيرينِيوس حاكمَ سورية. ٣فذَهبَ جَميعُ النَّاسِ لِيَكَتتِبَ كلُّ واحِدٍ في مَدينتِه. ٤وصَعِدَ يوسُفُ أَيضاً مِن الجَليل مِن مَدينَةِ النَّاصِرة إِلى اليَهودِيَّةِ إِلى مَدينَةِ داودَ الَّتي يُقالُ لَها بَيتَ لَحم، فقَد كانَ مِن بَيتِ داودَ وعَشيرتِه، ٥لِيَكتَتِبَ هو ومَريمُ خَطيبَتُه وكانَت حَامِلاً. ٦وبَينَما هما فيها حانَ وَقتُ وِلادَتِها، فولَدَتِ ابنَها البِكَر، فَقَمَّطَتهُ وأَضجَعَتهُ في مِذوَدٍ لأَنَّهُ لم يَكُنْ لَهُما مَوضِعٌ في الـمَضافة... ونضَمَّ إِلى الـمَلاكِ بَغَتةً جُمهورُ الجُندِ السَّماوِيِّينَ يُسَبِّحونَ الله فيَقولون: ١٤ الـمَجدُ للهِ في العُلى! والسَّلامُ في الأَرضِ لِلنَّاسِ فإنَّهم أَهْلُ رِضاه!"
١ في البَدءِ كانَ الكَلِمَة والكَلِمَةُ كانَ لَدى الله والكَلِمَةُ هوَ الله. ٢كانَ في البَدءِ لَدى الله. ٣بِه كانَ كُلُّ شَيء وبِدونِه ما كانَ شَيءٌ مِمَّا كان... ١٤ والكَلِمَةُ صارَ بَشَراً فسَكَنَ بَينَنا فرأَينا مَجدَه مَجداً مِن لَدُنِ الآبِ لابنٍ وَحيد مِلؤُه النِّعمَةُ والحَقّ".
الحرب. اليوم ٧٩
عيد الميلاد والحرب باقية. "والكَلِمَةُ صارَ بَشَراً فسَكَنَ بَينَنا فرأَينا مَجدَه مَجداً مِن لَدُنِ الآبِ لابنٍ وَحيد مِلؤُه النِّعمَةُ والحَقّ" (يوحنا ١: ١٤). ومع ذلك، ففي هذه الأرض التي ظهر فيها مجد الكلمة الذي صار إنسانًا، في هذه الأرض حرب. الناس لا يرون. الموت الذي قهرته بموتك، يا رب، ما زال بيننا. ومئات الألوف من الناس في غزة بلا مأوى، مثلك، منذ بدء قدومك إلى البشرية: "لم يكن لك مكان في المدينة" (لوقا ١: ٧). أنت، يا رب وجدت مغارة صديقة لجأت إليها. وهم في غزة، لا شيء، ولا حتى المــُغُر. لا شيء. بل جنود ودبابات، وصواريخ. والموت. والإنسانية مهدَّمة. وأنت جئت لترممها. تعال، أيها الرب يسوع، ولا تبطئ. وَعَدْتَنا بالحياة. ونحن آمنَّا. تعال، يا رب، ولا تبطئ.
إنجيل اليوم
"وفي تِلكَ الأَيَّام، صدَرَ أَمرٌ عنِ القَيصَرِ أَغُسطُس بِإِحْصاءِ جَميعِ أَهلِ الـمَعمور" (لوقا ١:١). روى لنا لوقا الأحداث، في إطار تاريخ البشرية. كانت البلاد جزءًا من الإمبراطورية الرومانية، وأمر الإمبراطور بإحصاء عام. فسافر مريم ويوسف من الناصرة إلى بيت لحم، مدينتهم الأصلية، ليكتتبوا فيها. كثيرون مثلهم عادوا إلى بيت لحم للسبب نفسه، فكانت المدينة الصغيرة غاصة بالقادمين. ولما وصل مريم ويوسف لم يجدوا لهم مكانًا، لا أهل، ولا جيران يعرفونهم. لا مكان لهم.
أول فكرة نتأمل فيها أمام هذا الواقع: كلمة الله صار إنسانًا، ومنذ أول لحظة من حياته بين الناس واجه رفض الناس. لا مكان له في المدينة. فذهب مريم ويوسف إلى مغارة في الجوار.
أمام هذا الواقع، أسأل نفسي، اسألْ نفسك: كم من المكان لله فيَّ أنا؟
روى لنا لوقا الأحداث. ويوحنا قال لنا من هو الطفل الصغير في المغارة.
"في البَدءِ كانَ الكَلِمَة والكَلِمَةُ كانَ لَدى الله والكَلِمَةُ هوَ الله. كانَ في البَدءِ لَدى الله. بِه كانَ كُلُّ شَيء وبِدونِه ما كانَ شَيءٌ مِمَّا كان... والكَلِمَةُ صارَ بَشَراً فسَكَنَ بَينَنا فرأَينا مَجدَه مَجداً مِن لَدُنِ الآبِ لابنٍ وَحيد مِلؤُه النِّعمَةُ والحَقّ" (يوحنا ١: ١-٣ و١٤).
الطفل الصغير هو كلمة الله، ابن الله: "والكَلِمَةُ كانَ لَدى الله والكَلِمَةُ هوَ الله". وهو الخالق: "بِه كانَ كُلُّ شَيء وبِدونِه ما كانَ شَيءٌ مِمَّا كان". لنتأمل في هذه الكلمات، في بدء إنجيل يوحنا. كلمة الله، خالق الكون، صار إنسانًا مثلنا، ليخلصنا. لأنه أحبَّنا.
"كانَ في تِلكَ النَّاحِيَةِ رُعاةٌ يَبيتونَ في البَرِّيَّة، قالَ لَهمُ الـمَلاك: لا تَخافوا، ها إِنِّي أُبَشِّرُكُم بِفَرحٍ عَظيمٍ يَكونُ فَرحَ الشَّعبِ كُلِّه" (لوقا ١: ٩-١١).
ومثل الرعاة، يوجد اليوم أيضًأ أناس كثيرون بسطاء صالحون يرون مجد الله. أما "الكبار" والمتكبرون، وتجار الموت، فسيضع الله حدًّا لحروبهم: "شَتَّتَ الـمُتَكَبِّرينَ في قُلوبِهم. حَطَّ الأَقوِياءَ عنِ العُروش". (لوقا ١: ٥١-٥٢).
نحن في عيد الميلاد، ونحن في الأرض التي صار فيها كلمة الله إنسانًا. فلنؤمِنْ وَلْنسجُدْ. ولنوجه قلوبنا وحياتنا نحو كلمة الله الذي جاء ليخلصنا. نحن، بإيماننا البسيط، كل واحد منا، نحن، مع كلمة الله، مخلصو البشرية. منحنا الله أن نؤمن وأن نرى، وأرسلنا إلى كل إخوتنا، وإلى حروبنا، حتى يبقى الإنسان، ولو كان مظلوما، حتى يبقى إنسانًا قادرًا على أن يرى الله.
أيها الرب يسوع المسيح، جئتَ إلينا، فرحًا عظيمًا للبشرية كلها. ارحم هذه البشرية التي تحبها. كن نورًا وحياة للجميع. وللمتكبرين الظالمين أيضًا، كن نورًا، رُدّهم إلى الحياة، رُدّهم إلى إنسانيتهم، فيوقفوا حروبهم. ضع، يا رب، في قلوبنا جميعًا، في آلامنا، في دمار غزة، امنحنا، يا رب، الحياة والنور والعودة إلى المحبة. آمين.
الاثنين ٢٥/١٢/ ٢٠٢٣ عيد الميلاد المجيد