الحياة مع يسوع أمر سهل - متى ١٠: ٣٢-٣٨
الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا
إنجيل متى، فصل ١٠: ٣٢-٣٨. "مَن شَهِدَ لِي أمَامَ النَّاسِ، أَشهَدُ لَهُ أَمَامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَوَاتِ. وَمَن أَنكَرَنِي أَمَامَ النَّاسِ، أُنكِرُهُ أَمَامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَوَاتِ" (٣٢-٣٣).

٣٢. من شهد لي أمام الناس، أشهد له أمام أبي الذي في السموات.
٣٣. ومن أنكرني أمام الناس، أنكره أمام أبي الذي في السموات.
٣٤. لا تظنوا أني جئت لأحمل السلام إلى الأرض، ما جئت لأحمل سلامًا بل سيفا:
٣٥. جئت لأفرق بين المرء وأبيه والبنت وأمها، والكنة وحماتها.
٣٦. فيكون أعداء الإنسان أهل بيته.
٣٧. من كان أبوه أو أمه أحبَّ إليه مني، فليس أهلًا لي. ومن كان ابنه أو ابنته أحبَّ إليه مني، فليس أهلًا لي.
٣٨. ومن لم يحمل صليبه ويتبعني، فليس أهلًا لي.
إنجيل متى، فصل ١٠: ٣٢-٣٨. "مَن شَهِدَ لِي أمَامَ النَّاسِ، أَشهَدُ لَهُ أَمَامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَوَاتِ. وَمَن أَنكَرَنِي أَمَامَ النَّاسِ، أُنكِرُهُ أَمَامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَوَاتِ" (٣٢-٣٣).
مجموعة من الحِكَم والإرشادات لمن يريد أن يكون تلميذًا ليسوع. أولًا، التلميذ يظهر أنه تلميذ، وبأعماله وأقواله يدُلّ على أنه تلميذ. يتميَّز بشيء عن عامة الناس، له مثال يقتدي به، له معلِّمٌ يسمع تعاليمه. تعلَّمَ منه أن الله محبة، وأن جميع الناس أبناء الله، ومن ثم هم إخوة. بحبه لله، وبمحبته لجميع إخوته، يشهد التلميذ ليسوع على الأرض. وبإسهامه في بناء الأرض، المجتمع كله، بالمحبة، بأن يفيض في مجتمعه مزيدًا من المحبة.
يقول يسوع: من قبلني على الأرض أقبله في السماء. من تتلمذ لي على الأرض. يكون معي في السماء.
ثم إن الحياة مع يسوع هي من جهة أمر سهل: هي حياة ابن يعرف أباه، ويحبه. هي فرح الابن الذي ينظر إلى أبيه. هي فرح الإنسان الذي يرشده روح الله إلى الحق كله. "لا تهتموا لما تقولون... فإن روح أبيكم هو المتكلم فيكم".
الحياة مع يسوع أمر سهل. وعذب. هي محبة. وهي "تعلَّمُوا أني وديع ومتواضع القلب". وهي في الوقت نفسه أمر صعب، أي حياة جهاد، تقتضي جهودًا، حربًا من الإنسان على ذاته، وأهوائه، وعلى ما يدفعه إلى مخاصمة إخوته.
بهذا المعنى قال يسوع: "لَا تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لِأَحمِلَ السَّلَامَ إلَى الأَرضِ، مَا جِئْتُ لِأَحمِلَ سَلَامًا بَل سَيفًا" (٣٤). تبدو هذه الآية تناقضًا مع وصية المحبة، ومع كل تعليم يسوع. لكن، لنتوقف ولنفهم أين يكون السلام وأين تكون الحرب والسيف؟ الحرب والسيف، في هذه الآية، على الذات، على أعماق النفس الميالة إلى السوء، لاستئصاله. ولإقرار السلام الحقيقي مع الآخرين، السلام المبني على المحبة، الذي يصنعه إخوةٌ لأبٍ واحد هو في السماء
بالمعنى نفسه قال يسوع: " جِئْتُ لِأُفَرِّقِ ... فَيَكُونُ أَعدَاءَ الإنسَانِ أهلُ بَيتِهِ" (٣٥-٣٦). جئت لأفرِّق بين من يحبون ومن لا يحبون، بين من يقبلون أن يكون إخوة، ومن يرفضون، ولو كانوا من أعز الناس إليهم وهم لا يحبون الله والإخوة... فتصير المحبة، بغيابها فيهم، هي المفرق بينهم وبين سائر أهل البيت.
الله هو الأول، في كل مكان وفي كل حال: "مَن كَانَ أَبُوهُ أَو أُمُّهُ أَحَبَّ إلَيهِ مِنِّي، فَلَيسَ أَهلًا لِي. وَمَن كَانَ ابنُهُ أَو ابنَتُهُ أحَبَّ إلَيهِ مِنِّي، فَلَيسَ أَهلًا لِي" (٣٧). أما إن كان أهل البيت كلهم ممن يحبون الله وأبناء الله، فهم واحد فيما بينهم، وهذا هو الحال الأفضل طبعًا. البيت كله يحب الله، ويحب جميع أبناء الله، ويزرع المحبة في المجتمع.
السير مع يسوع قد يكون صعبًا، حين يلزم أن ننقي أنفسنا، وحين يلزم أن نحمل صلبان الحياة، كما حمل يسوع صليبه، عالمين أن الصليب الصعب يؤدي إلى الحياة المليئة بالقوة والمحبة والأخُوّة.
ربي يسوع المسيح، علِّمْني أن أكون لك، وأن أعلِّم المحبة لك، فأكون مع كل إخوتي، أهل بيت الله. آمين.
الأربعاء ١/٢/٢٠٢٣