العالم الذي يكرهنا هو عالم علينا أن نخلِّصه - يوحنا ١٥: ١٨-٢١

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا

"إذَا أبغَضَكُم العَالَمُ فَاعلَمُوا أنَّهُ أبغَضَنِي قَبلَ أن يُبغِضَكُم" (١٨). "لَو كُنْتُم مِن العَالَم لَأَحَبَّ العَالَمَ مَا كَانَ لَهُ. وَلَكِنْ، لِأَنَّكُم لَسْتُم مِنَ العَالَمِ إذ إنِّي اختَرتُكُم مِن بَينِ العَالَمِ، فَلِذَلِكَ يُبغِضُكُم العَالَمُ" (١٩).

العالم الذي يكرهنا هو عالم علينا أن نخلِّصه - يوحنا ١٥: ١٨-٢١

 

١٨. إذا أبغضكم العالم فاعلموا أنه أبغضني قبل أن يبغضكم. 

١٩. لو كنتم من العالم لأحب العالم ما كان له. ولكن، لأنكم لستم من العالم إذ إني اخترتكم من بين العالم، فلذلك يبغضكم العالم. 

٢٠. أذكروا الكلام الذي قلته لكم: ما كان الخادم أعظم من سيده. إذا اضطهدوني فسيضطهدونكم أيضًا. وإذا حفظوا كلامي فسيحفظون كلامكم أيضًا. 

٢١. لا بل سيفعلون ذلك كله بكم من أجل اسمي، لأنهم لا يعرفون الذي أرسلني.

 

"إذَا أبغَضَكُم العَالَمُ فَاعلَمُوا أنَّهُ أبغَضَنِي قَبلَ أن يُبغِضَكُم" (١٨). 

ما هو العالم؟ ماذا يقصد يسوع عندما يتكلَّم على العالم؟ يتكلَّم على الذين رفضوه، في زمنه وبعده. عن الذين وصفهم أنهم مراؤون، أمثال الفريسي الذي صعد إلى الهيكل ليصلي، ولم يذهب ليصلي، بل ليظهر للناس أنه يصلي، ولم يكن، في نظر نفسه، بحاجة إلى الله، بما أنه كان رجلًا بارًّا، يمارس الشريعة بكل تفاصيلها، لكنه لم يكن واعيًا أنه كان يحتقر أخاه العشار... العالم هو الشر فينا الذي لا نقاومه. هو روح العالم الذي ليس روح التطويبات. العالم هو أمور كثيرة... تبعدنا عن الله.  

العالم يبغضنا. لا يحب أن نكون مختلفين. يريدنا أن نكون في الشر العام.  لكن يسوع قال لنا: تعالوا، اتبعوني. سيرفضونكم كما رفضوني. لا تخافوهم. هم أيضًا يجب أن يَخلُصوا.

نعم، الكنيسة في العالم كله عرضة لنوع من الرفض العام. يُضطهَد المسيحيون في أنحاء كثيرة في العالم. وهنا أيضًا في كل المنطقة بسب مختلف السياسيات العالمية.

في حياتنا في كل يوم، يعرف بعضنا بعض المضايقات، لكنّا في الواقع لا نعرف واقع هذه الكراهية من العالم. بل نلاقي بعض الاحترام والترحيب لما نحن، مسيحيين أو مكرَّسين.

المهم ما يقوله لنا يسوع المسيح: أنتم مثلي. كما أبغضوني سيبغضونكم. إن رفضوكم فلأنهم رفضوني. مهما كان موقف العالم منَّا، نواجهه مثل يسوع المسيح، ونتصرف كما كان يتصرف يسوع المسيح. ونتذكر أن يسوع جاء من أجل خلاص الجميع، حتى الذين يرفضونه ويرفضوننا. العالم الذي يكرهنا هو عالم علينا أن نخلِّصه. يسوع هو المخلص، ونحن معه.

"لَو كُنْتُم مِن العَالَم لَأَحَبَّ العَالَمَ مَا كَانَ لَهُ. وَلَكِنْ، لِأَنَّكُم لَسْتُم مِنَ العَالَمِ إذ إنِّي اختَرتُكُم مِن بَينِ العَالَمِ، فَلِذَلِكَ يُبغِضُكُم العَالَمُ" (١٩). 

هناك فرق بين أن نحب وبين أن نرضي جميع الناس، يجب أن نحب جميع الناس، حتى الذين يكرهوننا لأننا مسيحيون. لكن ليس لنا أن نرضي جميع الناس، بمناقضة إيماننا، ومبادئنا. يجب أن نحب، وأن نرضي الناس، على أساس حبٍّ مثلِ حبِّ يسوع المسيح، حبٍّ يخلِّص، حبٍّ لا يترك أحدًا في الشر الذي هو فيه.

"لَسْتُم مِنَ العَالَمِ إذ إنِّي اختَرتُكُم مِن بَينِ العَالَمِ، فَلِذَلِكَ يُبغِضُكُم العَالَمُ". لا بدَّ من العراك، حتى نميِّز بين شؤون الله وشؤون العالم، حتى نبقى في عالم الله ولا نضيع في عالم يرفض يسوع المسيح. عالم يسوع هو عالم التطويبات، وعالم الصليب الذي يخلِّص.

.      "سَيَفعَلُونَ ذَلِكَ كُلَّهُ بِكُم مِن أَجلِ اسمِي، لٍأَنَّهُم لَا يَعرِفُونَ الَّذٍي أَرسَلًنِي" (٢١). ستبقى الأرض أرضًا. والإنسان القادر على المحبة، الذي خلقه الله ليحبَّه تعالى، وليحِبَّ جميع إخوته، سيكون دائمًا قادرًا أيضًا على صنع الخطيئة، لكن أيضًا، أبونا الذي في السماء سيكون دائمًا، ينتظر عودتنا. ويسوع الذي خلَّصنا سيكون دائمًا هناك، ليخلِّصَنا، لنكون خاصَّته، ولنجد فيه "الطريق والحق والحياة".

ربي يسوع المسيح انظر إلى جميع المضطهَدين من أجل اسمك. أعطنا جميعًا أن نثبت على الطريق الذي يؤدي إليك. آمين.

السبت ١٣/٥/٢٠٢٣   بعد الأحد الخامس في زمن الفصح