إبراهيم أبو الأنبياء - يوحنا ٨: ٥١-٥٩

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا

"فَقَالَ لَهُم يَسُوع: الحَقَّ الحَقَّ أَقُولُ لَكُم: قَبلَ أَن يَكُونَ إبرَاهِيم، أَنَا كَائِن. فَأَخَذُوا حِجَارَةً لِيَرمُوهُ بِهَا، فَتَوَارَى يَسُوع وَخَرَجَ مِنَ الهَيكَلِ" (٥٨-٥٩).

إبراهيم أبو الأنبياء - يوحنا ٨: ٥١-٥٩

 

٥١. الحق الحق أقول لكم: من يحفظ كلامي لا ير الموت أبدا. 

٥٢. قال له اليهود: الآن عرفنا أن بك مسا من الشيطان. مات إبراهيم ومات الأنبياء. وأنت تقول: من يحفظ كلامي لا يذق الموت أبدا. 

٥٣. أأنت أعظم من أبينا إبراهيم الذي مات؟ وقد مات الأنبياء أيضا. من تجعل نفسك؟ 

٥٤. أجاب يسوع: لو مجدت نفسي لكان مجدي باطلًا ولكن أبي هو الذي يمجدني ذلك الذي تقولون أنتم: هو إلهنا. 

٥٥. أنتم لم تعرفوه أما أنا فأعرفه. ولو قلت إني لا أعرفه لكنت مثلكم كاذبا. ولكني أعرفه وأحفظ كلمته. 

٥٦. ابتهج أبوكم إبراهيم راجيا أن يرى يومي ورآه ففرح. 

٥٧. قال له اليهود: أرأيت إبراهيم وما بلغت الخمسين؟ 

٥٨. فقال لهم يسوع: الحق الحق أقول لكم: قبل أن يكون إبراهيم، أنا هو. 

٥٩. فأخذوا حجارة ليرموه بها، فتوارى يسوع وخرج من الهيكل.

       "فَقَالَ لَهُم يَسُوع: الحَقَّ الحَقَّ أَقُولُ لَكُم: قَبلَ أَن يَكُونَ إبرَاهِيم، أَنَا كَائِن. فَأَخَذُوا حِجَارَةً لِيَرمُوهُ بِهَا، فَتَوَارَى يَسُوع وَخَرَجَ مِنَ الهَيكَلِ" (٥٨-٥٩).

       اليوم في كنيسة القدس، عيد أبينا إبراهيم أبي الآباء والأنبياء، وأبي الديانات الثلاث، اليهودية والمسيحية والإسلام.

       واليوم أيضًا، اليوم الثالث للحرب. موتى وجرحى كثيرون من الجهتين.

       في الإنجيل، الكلام على الإيمان، بيسوع الكائن منذ الأزل: "قَبلَ أَن يَكُونَ إبرَاهِيم، أَنَا كَائِن". وفهِمَ خصوم يسوع جيِّدًا ماذا يعني يسوع بقوله إنه هو الأزلي. بالنسبة لهم، إنه يجدِّف، ويستحقُّ الموت. لكن ساعته لم تأتِ بعد. فتركهم ومضى. ستأتي ساعته بعد وقت قليل. سيبذل حياته لخلاص البشرية.

       يسوع هو كلمة الله، هو ابن إبراهيم، وابن داود، هو ابن الإنسان. هو إنسان حق وإلهٌ حق. أحَبَّ البشرية، ومات من أجلها. ونحن نعيش في هذا الحب، دائمًا وحتى اليوم أيضًا.

       نؤمن بيسوع المسيح، ابن إبراهيم وابن داود، وكلمة الله.  

       ونؤمن بكل ما علَّمنا، ونقتدي به، ونُحِبّ كما أحَبَّنا. ونعيش في هذا الحب.

       ونحن اليوم في الحرب، بعيدين عن الحب، وبعيدين عن الإيمان بالله. الحرب هي أن يؤمن الإنسان بنفسه، أن يفقد مقدرته على رؤية الله، وعلى أن يرى أننا إخوة.  الحرب هي أن ننسى أننا على صورة الله، قادرين على المحبة. في الحرب نصير قادرين على الكراهية والقتل. ومع الأسف، الحرب أمر عادي في تاريخ البشرية، في كل تاريخها. كيف نتحرَّرُ منها؟ كيف نبدِّلُ صانعي الحروب والظالمين فنجعلهم أناسًا أحرارًا من الموت، ومن الكراهية ومن ظلم إخوتهم؟ كيف نجعل الظالمين يعودون إلى أنفسهم، قادرين على المحبة؟ هذا كلام بعيد عن قسوة الحرب والظالمين.

          الإنسانية تتقدم كثيرًا، في التكنولوجيا، في صناعة الأسلحة. تقدُّمٌ كثير في وسائل القتل. أما في الحُبّ، في حُبّ "القريب"، في حُبّ الآخَر، المختلف، في حَلّ الخلافات، فلا تقَدُّم.

          الناس، الأقوياء ليسوا صادقين مع أنفسهم، يريدون الحياة، ويتعلَّمون أن يقتلوا. ويرون في الضعيف عبدًا أو عقبة يجب إزالتها.

       المؤمنون الحقيقيون "بالروح والحق"، في الحرب، أمام مئات القتلى، وآلاف الجرحى، ماذا يصنعون؟ يضعون أنفسهم في حضرة الله الخالق وأبي الجميع، أبي جميع الخصوم، ويطلبون الرحمة للجميع. يبتهلون ويتوسَّلون: يا رب، تدخَّلْ، حرِّرْنا جميعًا من الموت الذي فينا. نعم، نحن مظلومون. نعم، هناك ظالمون ومظلومون. لكنك يا رب، أنت أبو الجميع. كلهم أبناؤك. الرحمة، يا رب. ارحَمْ هذه الأرض، أرض الآباء والأنبياء، الأرض التي قدَّسْتَها أنت بحضورك فيها، بكلمتك، بشفقتك على كل مرض وعلة وخطيئة، وقدَّسْتَها أخيرًا بحُبِّك العظيم وبموتك. يا ربّ، أنت أحبَبْتَنا، وما زلت تُحِبُّنا، ضَعْ السلام في هذه الأرض. آمين.

الاثنين ٩/١٠/ ٢٠٢٣           الأحد ٢٧ من السنة/أ

الصور من صفحة الصديق فواز حسين من حرفيش: مقام مشهد الطير الابراهيمي، مزارع شبعا، مقام سيدنا ابراهيم، ابو الانبياء، يسمى ايضا مشهد الطير، وهنا حدثت المعجزة مع اجزاء الطيور الاربعة، وجعلهم طير واحد، اعالي جبل روس، عناق مع السماء.