ترك لاوي كل شيء، وتبع يسوع - لوقا ٥: ٢٧-٣٢

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس

٢٧وخَرَجَ بَعدَ ذٰلك، فأَبصَرَ جابِيًا اسمُه لاوي، جالِسًا في بَيتِ الجِبايَة فقالَ له: «اتبَعْني!» ٢٨فتَركَ كُلَّ شَيءٍ وقامَ فتَبِعَه. ٢٩ وأَقامَ لَه لاوي مَأدُبَةً عَظيمَةً في بَيتِه، وكانَ على المائِدَةِ مَعَهم جَماعَةٌ كَثيرةٌ مِنَ الجُباةِ وغَيرِهم. ٣٠فقالَ الفِرِّيسِيُّون وكَتَبَتُهم لِتلاميذِه مُتَذَمِّرين: «لِماذا تَأكُلونَ وتَشرَبونَ مَعَ الجُباةِ والخاطِئين؟» ٣١فأَجابَ يسوع: «لَيسَ الأَصِحَّاءُ بِمُحتاجينَ إِلى طَبيب، بلِ المـَرْضى. ٣٢ما جِئتُ لِأَدعُوَ الأَبرار، بَلِ الخاطِئينَ إِلى التَّوبَة.

ترك لاوي كل شيء، وتبع يسوع - لوقا ٥: ٢٧-٣٢

 

الحرب. السنة الثانية – يوم ١٥٠ – (وقف إطلاق النار في غزة) (واشتدت الاعتداءات على الناس في الضفة الغربية).

"أَمَّا أَنا فإِلَيكَ صَلاتي، في أَوانِ الرِّضى، يا رَبِّ. فاستَجِبْ لي بِكَثرَةِ رَحمَتِكَ، وبِحَقِّ خَلاصِكَ" (مزمور ٦٩: ٤). ارحمنا، يا رب.  يا رب، نحن بحاجة لأن نكون دائمًا في أوان الرضى، في أوان رحمتك الجزيلة، لأن قسوة الناس لا تطاق. أمس، يا رب، أحد المسؤولين الكبار في الإدارة الأمريكية، وضع الصليب بالرماد على جبينه وحمله في العلن بصورة تلفت الأنظار. لكن الصليب في قلبه غائب. في قلبه قرار إبادة الشعب الفلسطيني. لا يرى معنى الصليب، ولا معنى الرماد، لا يرى أن كل إنسان وكل شعب خلقته أنت على صورتك، وهو صنع يديك. يا رب، أعطِ هؤلاء المرائين أن يتوبوا ويكُفُّوا يدهم عن ظلم الشعوب. ويكُفُّوا يدهم عن ظلمنا هنا في أرضك المقدسة. ارحمنا، يا رب.

 

إنجيل اليوم.

وخَرَجَ بَعدَ ذٰلك، فأَبصَرَ جابِيًا اسمُه لاوي، جالِسًا في بَيتِ الجِبايَة فقالَ له: «اتبَعْني!» فتَركَ كُلَّ شَيءٍ وقامَ فتَبِعَه" (٢٧-٢٨).

دعوة لاوي، جابي الضرائب.

فكرة أولى، دعا يسوع لاوي، فقام لاوي من غير تردد وترك كل شيء وتبعه.

مثال لنا، نحن أيضًا مدعُوُّون، أحبَّنا الله منذ الأزل ودعانا لأن نحيا معه. في كل ظرف، في الأيام الصعبة، وفي الأيام السهلة، وفي مجتمعنا المليء بالحرب، نحن مدعُوُّون لنتبع يسوع. يسوع يدعونا ونحن ماذا نصنع؟ قد نتساءل: كيف أكون مسيحيًّا في هذه الأيام الصعبة، وفي زمن الحرب.

ترك لاوي كل شيء، وتبع يسوع. أكون مسيحيًّا يعني أترك كل شيء، وأتبع يسوع، أتبعه مئة بالمئة، من دون تردد. أحيا حياة الأرض، لكن مع يسوع، ومع صليب يسوع، ومع وصية المحبة، محبة الله وكل الإخوة والأخوات من دون تمييز. وأرى الله في كل الإخوة. وأعرف أني أتعامل مع الله، لا مع الناس. مسيحي كل يوم، في كل لحظة، في كل موقف، في كل عمل وفكر وعاطفة خفية. ولا أحيا وحدي بعد الآن، بل مع يسوع، ومعه أحمل الصليب.

دعوة لاوي (متى)، جابي الضرائب. فكرة ثانية.

كان الناس يعتبرون لاوي خاطئًا. لكن أمام الله لا أحد يفقد كرامته، فهو دائمًا على صورة الله، وهو دائمًا قادر أن يتوب. والله يشرق شمسه ويرسل مطره على الأبرار والأشرار. الله هو دائمًا الأب الذي يُحِبّ الجميع. وينتظر عودة الجميع.

لذلك قال يسوع إنه جاء من أجل الخطأة، فهم بحاجة إليه. "فأَجابَ يسوع: «لَيسَ الأَصِحَّاءُ بِمُحتاجينَ إِلى طَبيب، بلِ المـَرْضى. جِئتُ لا لِأَدعُوَ الأَبرار، بَلِ الخاطِئينَ إِلى التَّوبَة" (٣١٢-٣٢). الله الآب ينتظر دائمًا الخاطئ حتى يتوب ويحيا.

ونحن المدعوين لنكون كاملين كما أن أبانا السماوي هو كامل، نحن أيضًا مدعوون لأن نحترم كرامة كل إنسان. ليس لنا أن نحكم على أحد. بل نرى في كل واحد صورة الله، ونمُدُّ يدَنا لنُنهِضَ كل أخ لنا من ضُعفِه. كل واحد وكل واحدة هو وهي على صورة الله، وهو وهي عزيزة على قلب الله. فلا مبرِّرَ على الإطلاق لاحتقار أي أخ أو أخت. ومن ثم الموقف السليم من الإخوة هو موقف المحبة، وبمثل محبة الله لجميعنا.

ربي يسوع المسيح، أعطني أن أتبعك مثل لاوي، وأترك كل شيء، وأتبعك، وأبقى معك مئة بالمئة، كلي لك، وهكذا أتعلَّم أن أكون مسيحيًّا شاهدًا لحُبِّك لكل إخوتي وأخواتي. آمين.

السبت ٨/٣/٢٠٢٥                           بعد أربعاء الرماد - السنة/ج