الأسبوع ٢٩ من السنة/ج القديس لوقا الإنجيلي (لوقا ١٠: ١-٩)

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس الأسبق للاتين

"اذهَبُوا! فَهَاءَنَذَا أُرسِلُكُم كَالحِملَانِ بَينَ الذِّئَابِ. لَا تَحمِلُوا كِيسَ دَرَاهِمَ وَلَا مِزوَدًا وَلَا حِذَاءً وَلَا تُسَلِّمُوا فِي الطَّرِيقِ عَلَى أَحَدٍ" (٣-٤).

الأسبوع ٢٩ من السنة/ج القديس لوقا الإنجيلي (لوقا ١٠: ١-٩)

 

١. وبعد ذلك، أقام الرب اثنين وسبعين تلميذا آخرين، وأرسلهم اثنين اثنين يتقدمونه إلى كل مدينة أو مكان أوشك هو أن يذهب إليه.

٢. وقال لهم: الحصاد كثير ولكن العملة قليلون، فاسألوا رب الحصاد أن يرسل عملة إلى حصاده.

٣. اذهبوا! فهاءنذا أرسلكم كالحملان بين الذئاب.

٤. لا تحملوا كيس دراهم ولا مزودا ولا حذاء ولا تسلموا في الطريق على أحد.

٥. وأي بيت دخلتم، فقولوا أولا: السلام على هذا البيت.

٦. فإن كان فيه ابن سلام، فسلامكم يحل به، وإلا عاد إليكم. 

٧. وأقيموا في ذلك البيت تأكلون وتشربون مما عندهم، لأن العامل يستحق أجرته، ولا تنتقلوا من بيت إلى بيت.

٨. وأية مدينة دخلتم وقبلوكم، فكلوا مما يقدم لكم.

٩. واشفوا المرضى فيها وقولوا للناس: قد اقترب منكم ملكوت الله

"اذهَبُوا! فَهَاءَنَذَا أُرسِلُكُم كَالحِملَانِ بَينَ الذِّئَابِ. لَا تَحمِلُوا كِيسَ دَرَاهِمَ وَلَا مِزوَدًا وَلَا حِذَاءً وَلَا تُسَلِّمُوا فِي الطَّرِيقِ عَلَى أَحَدٍ" (٣-٤).

أنا أُرسِلكم. مُرسَلون. هذه هويتنا. لسنا نحن الذاهبين، ليست الرسالة رسالتنا. بل للمسيح الذي أرسلنا. لسنا لأنفسنا، بل له وللرسالة التي حمَّلَنا إيّاها. نحن لا شيء نريده نحن. نحن فقط ما يريده هو. ألا نكون لأنفسنا. أن نكون لله فقط. وبرفقة الله، فيصيِّرُنا هو حِملانًا، بين ذئاب، بين أناس لا يريدون رسالة الله، لا يريدون التطويبات، ولا وصية المحبة، ولا الصليب، ولا أن نكون مرسَلين من قبل الله، ندل على طريق غير طرق الأرض كلها، على طريق الله. قد يكون الناس ذئابًا. قد يصيرون كذلك. مع أنهم أبناء الله، وإخوة. هكذا هم. وهكذا ننظر إليهم. وإن تحوَّلوا إلى معارضين ورافضين، ومضطهِدين، فهم أبناء الله وإخوة. وإليهم نحن مرسَلون. رسالة صعبة؟ الإخوة صعبون؟ نحن مرسَلون لكل صعب، لكل أخ، مهما صعب، وابتعد.

نحن حِملان بقوة من أرسلنا، لا لصلاح فينا. لا نبتعدْ عن الله. وإلا تحوَّلْنا نحن إلى ذئاب لإخوتنا، إن طلبنا أنفسنا لا إخوتنا، ولا حمَلْنا رسالة الله، إن أصبحنا نحمل رسالة من أنفسنا، وغاب الله عنا، قد نصبح نحن الذئاب. والويلات التي بها أنذر يسوع المسيح الفريسيين في زمنه، قد ينذرنا يسوع بها. حِملان بقوة الله، ما دمنا مرسَلون من قبل الله. ما دمنا نعمل عمل الله، ما دمنا لم نحوِّل إرادة الله، وحبَّه العظيم، إلى مشروع لنا، أو نشاط لمجدنا الباطل. مرسَلون. هذه هويتنا وكامل شخصيتنا وكل نشاط نقوم به. له وباسمه تعالى، هو الذي أرسلنا. نبقى خادمين لله، فنبقى خادمين لأبناء الله، لإخوتنا جميعًا.

ولما أَرسَلَنا قال لنا: "لَا تَحمِلُوا كِيسَ دَرَاهِمَ وَلَا مِزوَدًا وَلَا حِذَاءً وَلَا تُسَلِّمُوا فِي الطَّرِيقِ عَلَى أَحَدٍ". لستم بحاجة إلى شيء. شيء واجد ضروري: أن تروني، وتعرفوا دائمًا أني أنا أرسلتكم. وأنا سندكم الوحيد. كونوا أحرارًا من كل شيء. لا تقيِّدوا أنفسكم بأي قيد، لا مال، ولا طعام، ولا حذاء ثانٍ، كل هذا لا تتعثروا به، فتقولوا، وأنتم خصوصًا المرسَلين: "ماذا نأكل وماذا نشرب وماذا نلبس"؟ كل هذا، لا تهتموا له. كونوا مرسَلين، "وهذا كله يزاد لكم".

"وَلَا تُسَلِّمُوا عَلَى أَحَدٍ". نحن مرسَلون إلى الناس، فكيف لا نُسَلِّم على أحد؟ لا تجعلوا حتى من الناس قيودًا تقيِّد حريتكم في حمل الرسالة. لا تكرهوا أبناء الله، فهم إخوتكم. وحبكم لهم ليكن مثل حبِّ الله لهم، لا حبَّ الأرض، الذي يصبح عائقًا دون الرسالة. كلما قرَّبتم من الله كان قربكم من الناس الحب الصحيح. وكلما كان قربكم من الناس مُبعِدًا لكم عن الله، تنطبق عليكم الوصية ""وَلَا تُسَلِّمُوا عَلَى أَحَدٍ". حتى لا تتحوَّل إلى ذِئبٍ لأخيك الإنسان، حتى تبقى حَمَلًا محِبًّا لأخيك الإنسان، ابقَ حاملًا لرسالتك، وناظرًا إلى الله، ومشاهدًا نور الله، ومحِبًّا لكل إخوتك بمثل حب الله.

ربي يسوع المسيح، أرسلتني، بغير حاجة إلى شيء أو شخص في العالم. قوتك وحبك معي. أعطني أن أبقى حاملًا للرسالة، أراك، فأرى جميع إخوتي، وأسير معهم إلى نورك. آمين.

الثلاثاء ١٨/١٠/٢٠٢٢