أن نعيش في النور، أن نعرف الآب والابن - لوقا ١٠: ٢١-٢٤
الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا
"فِي تِلكَ السَّاعَةِ تَهَلَّلَ يسوع بِدَافِعٍ مِن الرُّوحِ القُدُسِ فَقَالَ: أَحمَدُكَ، يَا أَبَتِ، رَبَّ السَّمَاءِ وَالأَرضِ، عَلَى أَنَّكَ أَخفَيْتَ هَذِهِ الأَشيَاءَ عَلَى الحُكَمَاءِ وَالأَذكِيَاءِ، وَكَشَفْتَهَا لِلصِّغَارِ. نَعَم، يَا أَبَتِ، هَذَا مَا كَانَ رِضَاكَ" (٢١).

٢١. في تلك الساعة تهلل بدافع من الروح القدس فقال: أحمدك يا أبت، رب السماء والأرض، على أنك أخفيت هذه الأشياء على الحكماء والأذكياء، وكشفتها للصغار. نعم، يا أبت، هذا ما كان رضاك.
٢٢. قد سلَّمني أبي كل شيء، فما من أحد يعرف من الابن إلا الآب، ولا من الآب إلا الابن ومن شاء الابن أن يكشفه له.
٢٣. ثم التفت إلى التلاميذ، فقال لهم على حدة: طوبى للعيون التي تبصر ما أنتم تبصرون.
٢٤. فإني أقول لكم إن كثيرًا من الأنبياء والملوك تمنوا أن يروا ما أنتم تبصرون فلم يروا، وأن يسمعوا ما أنتم تسمعون فلم يسمعوا.
الحرب. اليوم ٥٩.
اللهم، حكَّام الأرض يرفضون الحياة، ويتوغلون في الموت. صانعو الحرب خطئوا إليك. إنهم يرون حياتهم في موت غيرهم. اغفر لهم، يا رب. ارحمهم يا رب، وأعِدْ قلوبهم إلى الأخُوَّة الإنسانية. أعطهم أن يروك أنت أباهم، وأن يروا كل الناس إخوة لهم. يا رب، زمن الميلاد زمن نعمة، وحياة جديدة. إنه زمن جديد يبدأ، زمن العمانوئيل، الله معنا. يا رب، أضئ عقول وقلوب حكام اليوم الذين ما زالوا على أمثال هيرودس الأمس. بدِّلْهم واجعلهم رجال سلام. يا رب، أنت أبونا، أنت تعلم ما يجري في غزة، وفي كل مكان شملته هذه الحرب. ارحمنا جميعًا، يا رب.
إنجيل اليوم.
"فِي تِلكَ السَّاعَةِ تَهَلَّلَ يسوع بِدَافِعٍ مِن الرُّوحِ القُدُسِ فَقَالَ: أَحمَدُكَ، يَا أَبَتِ، رَبَّ السَّمَاءِ وَالأَرضِ، عَلَى أَنَّكَ أَخفَيْتَ هَذِهِ الأَشيَاءَ عَلَى الحُكَمَاءِ وَالأَذكِيَاءِ، وَكَشَفْتَهَا لِلصِّغَارِ. نَعَم، يَا أَبَتِ، هَذَا مَا كَانَ رِضَاكَ" (٢١).
يسوع امتلأ بالروح فتهلل وشكر الله لأنه أحب الصغار، وملأهم بعلمه. أما حكماء الأرض والعلماء الذين يرون أنفسهم كبارًا من دون الله، فهم لا يريدون اليوم أيضًا أن يعرفوا. الله يحب كل أبنائه. وكلهم أمامه صغار، فهم خليقته. لكن الذين يظنون أنهم يعرفون، ويدَّعون أنهم يصنعون حياتهم وحدهم، من دون الله، فإنهم يبتعدون هم عن الله، خالقهم وأبيهم.
الكبار في زمن يسوع، أبناء الأنبياء، لم يريدوا أن يروا. الذين أعطاهم الله، في الماضي والذين يعطيهم الله اليوم أيضًا، يمكن أن يبتعدوا. لا يريدون أن يظلوا صغارًا في ظل الله، يريدون أن يكونوا كبارًا، من دون الله، فيَضِلُّون. كل أنواع الضلال. ويعملون بعض الخير أيضًا. فالإنسان يبقى قادرًا على عمل الخير، بالرغم من ابتعاده. لكن ليس هذا النوع من الناس الذي يرضي الله، بينَ بينَ، بين الشر والخير، "يعرجون على الجانبين" كما كان يقول النبي إيليا لملوك زمنه. يريد الله أن يكون الإنسان كله صانع خير، كما خلقه، يعرف أن يستقبل عطاياه.
"قَد سَلَّمَنِي أَبِي كُلَّ شَيءٍ، فَمَا مِن أَحَدٍ يَعرِفُ مَن الِابنُ إلَّا الآبُ، وَلَا مَن الآبُ إلَّا الِابنُ وَمَن شَاءَ الِابنُ أَن يَكشِفَهُ لَهُ" (٢٢).
يدخلنا يسوع بهذه الآية في صميم حياته مع الآب. نور من نور، إله حق من إله حق. " فَمَا مِن أَحَدٍ يَعرِفُ مَن الِابنُ إلَّا الآبُ، وَلَا مَن الآبُ إلَّا الِابنُ وَمَن شَاءَ الِابنُ أَن يَكشِفَهُ لَهُ". في هذه المعرفة، التي هي فوق الإنسان وفوق مدارك الإنسان، يُدخِلُنا يسوع. "ما من أَحَدٍ يَعرِفُ مَن الِابنُ إلَّا الآبُ، وَلَا مَن الآبُ إلَّا الِابنُ وَمَن شَاءَ الِابنُ أَن يَكشِفَهُ لَهُ". في هذه المعرفة، التي هي فوق الإنسان وفوق مدارك الإنسان، يُدخِلُنا يسوع: "أن نعرف الأب والابن، والروح القدس".
أن نعيش في النور، أن نعرف الآب والابن، هذه هي سماؤنا. هنا على الأرض. مع كل أنواع الشقاء فيها، يعطينا يسوع أن نبدأ سماءنا فيها. وليست أنواع الشقاء هي التي تمنعنا من أن نرى، بل مظاهر الحياة غير الكاملة، التي نكون قد سلكناها ورضينا بها، هي التي توقف الحياة فينا.
لنجعل من التأمل في الله جزءَا جوهريًّا في حياتنا اليومية. لهذا يكفي أن نبقى صغارًا أمام الله، مليئين بالله، في كل علاقاتنا مع جميع إخوتنا.
ربي يسوع المسيح، أعطني، أعط البشرية، أن تراك، أن تتأمل فيك، أن تخرج من موت الحرب ومن كل شر. أعطنا أن نعيش حياتنا كاملة، معك. آمين.
الثلاثاء ٥/١٢/ ٢٠٢٣ بعد الأحد الأول من المجيء/ب