الكنز في ملكوت الله، في أرض الله، هو أنا- متى ١٣: ٤٤-٤٦
الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس
٤٤ مَثَلُ مَلَكوتِ السَّمَوات كَمَثَلِ كَنْزٍ دُفِنَ في حَقْلٍ وَجدَهُ رَجُلٌ فأَعادَ دَفنَه، ثُمَّ مَضى لِشِدَّةِ فَرَحِه فباعَ جميعَ ما يَملِكُ واشتَرى ذٰلكَ الحَقْل. ٤٥«ومَثَلُ ملكوتِ السَّمَوات كمَثَلِ تاجِرٍ كانَ يَطلُبُ اللُّؤلُؤَ الكريم، ٤٦فوَجَدَ لُؤلُؤةً ثَمينة، فمضى وباعَ جَميعَ ما يَملِك واشتَراها.

الحرب. السنة الثانية – يوم ٢٩٢ – (في ١٨ آذار عادوا إلى الحرب من جديد) (وحالة الضفة على ما هي: اعتداءات على المدن والقرى والمخيمات). والمستوطنون ما زالوا يقتلون ويفسدون، من غير عقاب ...
"إِلى اللهِ صَوتي فأَصرُخ، إِلى اللهِ صَوتي فإِلَيَّ يُصْغي" (مزمور ٧٧: ٢). ارحمنا، يا رب. إليك أصرخ، يا رب. إياك أدعو. فرضوا علينا المجاعة والموت، ويزعمون أن كل شيء على ما يرام في غزة. مع أن بعض أهل الموت يقولون بصراحة إنهم يريدون إبادتنا، بالقذائف أو بالجوع. يريدون غزة جديدة، شاحبة يفترسها الموت. يا رب، لماذا يصنعون ذلك بنا؟ ولماذا تبتعد أنت عنا؟ لماذا أسلمتنا إلى يد الأشرار؟ ظلمونا، شرَّدونا، مرة ومرتين وثلاث فتركنا مدننا وقرانا. وهنا في غزة، أحرجونا أكثر من مرة من مساكننا وقذفوا بنا على الطرقات، والموت رفيقنا الوحيد. ارحمنا، يا رب. قدِّسْ أرض غزة التي ارتوت بالعذاب والدم. ارحمنا يا رب.
إنجيل اليوم
"مَثَلُ مَلَكوتِ السَّمَوات كَمَثَلِ كَنْزٍ دُفِنَ في حَقْلٍ وَجدَهُ رَجُلٌ فأَعادَ دَفنَه، ثُمَّ مَضى لِشِدَّةِ فَرَحِه فباعَ جميعَ ما يَملِكُ واشتَرى ذٰلكَ الحَقْل. ومَثَلُ ملكوتِ السَّمَوات كمَثَلِ تاجِرٍ كانَ يَطلُبُ اللُّؤلُؤَ الكريم، فوَجَدَ لُؤلُؤةً ثَمينة، فمضى وباعَ جَميعَ ما يَملِك واشتَراها.
كل شيء في الأرض صالح. كل شيء فيها كنز ثمين، بما أن كل شيء هو من عمل الله، الآب، المحب، القدوس، الذي لا يموت. خلق الله كل ما يلزم لحياة الإنسان، وأخضع له الخليقة كلها. ورأى الله أن ذلك حسن جدًّا. كل عمله صالح. والإنسان صالح. والأرض مكان إقامته، صالحة. لأن الله صالح.
لأن الله موجود.
المأساة أن الإنسان يحيا وحده، ويصير أعمى، ويفقد البصر بسهولة. يرى الخليقة ولا يرى الخالق. هو موجود ونسي خالقه. الإنسان قادر على النسيان، وعلى أن يصير أعمى. ويرفض النور.
الله خلقني على صورته، قادرًا على الخير، مثله، لأني على صورته.
أعطاني أيضًا حريتي، حتى أختار حرًّا الخير، بين الخيرات الكثيرة على الأرض. لكن بدل أن أبقى في الخيرات العديدة وفي نور أبي خرجت من النور، واخترت الشر لنفسي ولإخوتي. وامتلأت الأرض بالشر وبالأشرار. أين أنا؟ في أي أرض؟ الأرض التي تسبِّحُ خالقها أم الأرض التي تجدِّف على الروح القدس وتدمِّر؟ هل أنا في أرض تبتهل وتطلب الحياة، أم في أرض تصنع الموت؟ مرارًا، مرارًا كثيرة، من دون وعي، يمكن أن أعبر إلى مجال الشر، وأترك الشر وأهل الشر يغلبوني، فأقع في شباكهم، وفي شرِّهم. وأنسى الصلاح الذي هو الله. وأنسى حريتي. وأنسى صلاح الله في كل خلقه، وأنسى صورة الله فيَّ.
على الأرض الله موجود الله الآب. إذن كل شيء صالح وثمين. لكن يجب ألا أفقد بصري. يوجد كنز مخفي، مدفون في همومي، ومشاغلي، وعداواتي وصداقاتي ... يوجد مدفونًا في رتابة حياة اليومية التي يشملها العمى. فلا أعود أرى شيئًا. أعيش لكن لا أرى شيئًا.
الكنز في ملكوت الله، في أرض الله، هو أنا، الخليقة خليقة الله، عمل الله، على صورة الله، قادر على الحياة مثل الله، قادر على الحب مثل الله، قادر على بناء الأرض مع الله. الكنز هو كل الخير الذي وضعه الله أبي فيَّ. هو القوة التي أعطاني إياها لمقاومة كل شر، حتى الحرب، والاحتلال العسكري، وكل ظلم بشر... الكنز على أرض الله، هو نبع الماء الحي المتدفق فيَّ.
الكنز على أرضن الله هو الله نفسه، هو حُبُّه، كل ما يعطيني. هو روحه القدير، القدوس، القوي. هو الله نفسه. فأبيع كل شيء وأعطي كل شيء وأحرر نفسي من كل شيء لأستقبله وأحيا معه.
الآب لم يره أحد. الابن الوحيد الذي عند الآب هو الذي أخبرنا عنه، ودعانا لنسكن معه.
الله يدعو ونحن نكثر أعذارنا. عمانا شديد، أنانيتنا، نحن غرقى مُوحِلون في الأرض فنعتذر.
الكنز هو الله في خلقه، الله على الأرض، بين أبنائه. الله محِبُّ البشر. عندما نفتح قلوبنا، نراه. عندما أفتح قلبي، سأرى، فأترك كل شيء، لأسجد بالروح والحق، لأحب، لأبني الأرض بنور الله.
ربي أعطني وأعطنا كلنا عيونًا تراك، وقلبًا يحبك، فنبني الأرض معك. آمين.
الأربعاء ٣٠/٧/ الأحد ١٧ من السنة/ج