من كل مكان كانوا يأتون إلى يسوع - مرقس٣: ٧-١٢

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا

٧ فانَصَرَفَ يسوعُ إِلى البَحرِ ومعَه تَلاميذُه، وتَبعَه حَشْدٌ كَبيرٌ مِنَ الجَليل، وجَمعٌ كثيرٌ مِنَ اليَهوديَّة، ٨ ومِن أُورَشليمَ وأَدومَ وعِبرِ الأُردُنّ ونَواحي صورَ وصَيدا، وقد سَمِعوا بِما يَصنَعُ فجاؤوا إِليه. ٩ فأَمَرَ تَلاميذَه بِأَن يَجعَلوا له زَورَقاً يُلازِمُه، مَخافَةَ أَن يُضايِقَه الجَمع، ١٠ لأَنَّه شَفى كَثيراً مِنَ النَّاس، حتَّى أَصبَحَ كُلُّ مَن بِه عِلَّةٌ يتَهافَتُ علَيه لِيَلمِسَه. ١١ وكانتِ الأَرواحُ النَّجِسَة، إِذا رَأَته، تَرتَمي على قَدَمَيه وتَصيح: أَنتَ ابنُ الله! ١٢ فكانَ يَنهاها بِشِدَّةٍ عن كَشْفِ أَمرِه.

من كل مكان كانوا يأتون إلى يسوع - مرقس٣: ٧-١٢

الحرب. اليوم ١٠٣

        " لِتَكُنْ أَقوالُ فَمي وخَواطِرُ قَلْبي مَرضِيَّةً لَدَيكَ، أَيُّها الرَّبُّ، صَخرَتي وفادِيَّ" (مزمور ١٩: ١٥). ارحمنا، يا رب، ما زلنا في الحرب. انظر يا رب، وارحمنا في كل الشرور التي نحن فيها. نحن بعيدون عنك، علِّمْنا أن نقترب منك. نحن عميان، أعِدْ إلينا النظر. نحن مرضى، اشفنا. يا رب، هذه الأرض التي قدَّسْتَها عُدْ وقدِّسْها مرة ثانية. أعطنا السلام. السلام في غزة، يا رب. رَمِّمْ فينا جميعًا الإنسانية التي تهدَّمت بالحرب. "لِتَكُنْ أَقوالُ فَمي وخَواطِرُ قَلْبي مَرضِيَّةً لَدَيكَ". يا رب. يا رب، ارحم.

        إنجيل اليوم

        " فانَصَرَفَ يسوعُ إِلى البَحرِ ومعَه تَلاميذُه، وتَبعَه حَشْدٌ كَبيرٌ مِنَ الجَليل، وجَمعٌ كثيرٌ مِنَ اليَهوديَّة، ومِن أُورَشليمَ وأَدومَ وعِبرِ الأُردُنّ ونَواحي صورَ وصَيدا، وقد سَمِعوا بِما يَصنَعُ فجاؤوا إِليه" (٧-٨).

        من كل مكان كانوا يأتون إلى يسوع. كان في الجليل، من اليهودية أتوا، ومن شرق الأردن، ومن جنوب شرق الأردن بلاد الأدوميين، ومن الشمال/لبنان من صور وصيدا. من كل مكان جاؤوا إليه. الإنسان عرف الله. وجد في يسوع المسيح الشفاء من كل علة ومرض، حتى الأرواح الشريرة كان يأمرها فتخرج.

        كان زمنٌ يسرع فيه الناس إلى الله. كانوا يعرفون أنهم مرضى، كانوا يرون الله بين الناس، يشفي الناس، وكانوا يأتون إليه.

        ما زالت الشرور والأمراض في زمننا كثيرة. وفيها الحرب أيضًا، وإنسان يقتل ويكره أخاه. كيف نعود إلى ذلك الزمن البعيد، لما كان الرجال والنساء من كل البلدان المجاورة يقبلون إلى يسوع المسيح؟

        الله دائمًا معنا. وهو دائمًا يُحِبُّنا، وينحني على كل مرض فينا. ويريد دائمًا أن يشفينا، وأن يمنحنا الحياة.

        كيف نبحث عن الله؟ الله قريب منا، إنه أقرب إلى أنفسنا من أنفسنا.

        الله يدعونا، ويذكّرنا، بكل أحداث حياتنا العادية وغير العادية. ويدعونا بكلامه في الكتاب المقدس.

        نحن بحاجة إلى الله. نحن عطاش وجياع. ويجب أن نعرف أين نجد الخبز والماء. الله يعطي كل شيء. علينا نحن أن نجد، أن نعرف كيف نأخذ من الله. ندرِّبُ أنفسنا على التعامل مع الله، كيف نأخذ كل ما يعطينا إياه. لنشعر بحاجتنا إلى الله، فنقوى على اجتياز كل المسافات التي فينا، فنقترب منه ونراه.

        الله ونحن. حياتنا على الأرض مع كل ما خلق الله، ومع الله نفسه. فينا قلب يرى ما لا تراه عينا الجسد. قلب يسمع صوتًا من خارج الأرض. حياتنا على الأرض، مع الله، مالئ الأرض والكون كله.

        مهما كانت حالتنا، مهما كان جوعنا وعطشنا، مهما كان الشر فينا، مهما كان جهل الناس حولنا، الله موجود. وهو معنا. مهما كانت حالاتنا، لنسرع إليه. لنلتقي به، فنراه، ونطلب منه الحياة التي هو وحده يعطيها، والسلام الذي هو وحده يعطيه.

        نتذوق غذاء الروح. لا نبقى وحدنا، تائهين. نترك الله يأخذ بيدنا.

        الله ونحن. الله خلقنا له. حياتنا معه. من دونه، كل الشرور تملأنا.  معه، ننتصر حتى على الأرواح الشريرة.

        لسنا وحدنا على الأرض. نحن مع الله، خالقنا وأبينا.

        ربي يسوع المسيح، في زمنك على أرضنا، كانوا يأتون إليك من كل مكان، يطلبون الشفاء. ربي يسوع المسيح، ما زلنا في الحاجة نفسها إلى الشفاء، وفي الشرور نفسها. أرسل إلينا روحك ليعلِّمنا كيف نأتي إليك، فنبتهل إليك، ونجد الحياة. آمين.

الخميس ١٨/١/ ٢٠٢٣           الأسبوع الثاني من السنة/ي