مَن رفَعَ نَفْسَه وُضِع، ومَن وَضَعَ نَفْسَه رُفِع - لوقا ١٤: ١ و٧-١٤

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس

١ودَخَلَ يَومَ السَّبتِ بَيتَ أَحَدِ رُؤَساءِ الفِرِّيسِيِّينَ لِيَتَناوَلَ الطَّعام، وكانوا يُراقِبونَه. ٧وضَرَبَ لِلمَدْعُوِّينَ مَثَلًا، وقد رأَى كَيفَ يَتَخَيَّرونَ المَقاعِدَ الأُولى، قال لَهُم: ٨«إِذا دُعيتَ إِلى عُرْس، فلا تَجلِسْ في المَقعَدِ الأوَّل، فلَرُبَّما دُعِيَ مَن هو أَكرَمُ مِنكَ، ٩فَيَأتي الَّذي دَعاكَ ودَعاه فيقولُ لَكَ: أَخْلِ المَوضِعَ لِهٰذا. فتَقومُ خَجِلًا وتَتَّخِذُ المَوضِعَ الأَخير. ١٠ولٰكِن إِذا دُعيتَ فامضِ إِلى المَقعَدِ الأَخير، واجلِسْ فيه، حتَّى إِذا جاءَ الَّذي دَعاكَ، قالَ لكَ: قُمْ إِلى فَوق، يا أَخي. فيَعظُمُ شَأنُكَ في نَظَرِ جَميعِ جُلَسائِكَ على الطَّعام. ١١فمَن رفَعَ نَفْسَه وُضِع، ومَن وَضَعَ نَفْسَه رُفِع. ١٢وقالَ أَيضًا لِلَّذي دَعاه: «إِذا صَنَعتَ غَداءً أَو عَشاءً، فلا تَدْعُ أَصدِقاءَكَ ولا إِخوَتكَ وَلا أَقرِباءَكَ ولا الجيرانَ الأَغنِياء، لِئَلَّا يَدْعوكَ هُم أَيضًا فتَنالَ المُكافأَة على صنيعِكَ. ١٣ولٰكِن إِذا أَقَمتَ مَأدُبَة فادعُ الفُقَراءَ والكُسْحانَ والعُرْجانَ والعُمْيان. ١٤فطوبى لَكَ إِذ ذاكَ لِأَنَّهم لَيسَ بِإِمكانِهِم أَن يُكافِئوكَ فتُكافَأُ في قِيامَةِ الأَبرار.

مَن رفَعَ نَفْسَه وُضِع، ومَن وَضَعَ نَفْسَه رُفِع - لوقا ١٤: ١ و٧-١٤

الحرب. السنة الثانية – يوم ٢٨٨ – (في ١٨ آذار عادوا إلى الحرب من جديد) (وحالة الضفة على ما هي: اعتداءات على المدن والقرى والمخيمات). والمستوطنون ما زالوا يقتلون ويفسدون، من غير عقاب ...

"لَكَ السَّمٰواتُ ولَكَ الأَرضُ أَيضًا، أَنتَ أَسَّستَ الدُّنْيا وما فيها" (مزمور ٨٩: ١٢). ارحمنا، يا رب. "لَكَ السَّمٰواتُ ولَكَ الأَرضُ"، يا رب، ولك غزة. انتزعها من أيدي أهل الموت. املك عليها أنت، يا رب، أبا الجميع. امسح دموع الصغار، امسح دموع جميع أبنائك. كن أنت سيد غزة. قل للحكام الذين يظنون أنهم أقوياء ومعهم سلاح ليقتلوا، ويحتقرون صنع يديك، قل لهم أنت السيد. تعال، يا رب، إلى غزة، أنت رب الحياة والموت، تعال يا رب، وارحمنا، واستجب لتضرعاتنا.

إنجيل اليوم

"ودَخَلَ يَومَ السَّبتِ بَيتَ أَحَدِ رُؤَساءِ الفِرِّيسِيِّينَ لِيَتَناوَلَ الطَّعام، وكانوا يُراقِبونَه" (١).

يسوع يقبل دعوة الفريسي إلى طعام الغداء. الفريسيون خصوم يسوع. والآية تقول: "وكانوا يراقبونه"، ليأخذوه بكلمة، بخطأ...هم خصوم. لكن يسوع ليس خصمًا لأحد. الجميع أصدقاء. والجميع يحب أن يَخلُصوا. إلى الجميع يسوع يقدم الحياة.

تناول يسوع الطعام مع الفريسيين، وهم يراقبونه... وهو أيضًا كان ينظر إليهم "كَيفَ يَتَخَيَّرونَ المَقاعِدَ الأُولى" (٧). رأى الرجال المسؤولين في مجتمعهم، معلِّمين، ومرشدين، وحُرَّاس شريعة الله، لكنهم ممتلئون بأنفسهم. مُشبَعون بالمجد الباطل وما تطلبه شهوة الأرض. معلِّمُو الشريعة، مرشِدُو الشعب، كانوا يتخيرون المقاعد الأولى على المائدة، وعلى غير المائدة. مُترَعُون من أنفسهم. مع أنهم، لكونهم مرشدي الشعب، يجب أن يمتلئوا بهموم الشعب وآلامه.

خصوم يسوع. أما يسوع فصديق للجميع. فأخذ يعلمهم:

"وضَرَبَ لِلمَدْعُوِّينَ مَثَلًا، وقد رأَى كَيفَ يَتَخَيَّرونَ المَقاعِدَ الأُولى، قال لَهُم: «إِذا دُعيتَ إِلى عُرْس، فلا تَجلِسْ في المَقعَدِ الأوَّل، فلَرُبَّما دُعِيَ مَن هو أَكرَمُ مِنكَ، فَيَأتي الَّذي دَعاكَ ودَعاه فيقولُ لَكَ: أَخْلِ المَوضِعَ لِهٰذا. فتَقومُ خَجِلًا وتَتَّخِذُ المَوضِعَ الأَخير. ولٰكِن إِذا دُعيتَ فامضِ إِلى المَقعَدِ الأَخير، واجلِسْ فيه، حتَّى إِذا جاءَ الَّذي دَعاكَ، قالَ لكَ: قُمْ إِلى فَوق، يا أَخي. فيَعظُمُ شَأنُكَ في نَظَرِ جَميعِ جُلَسائِكَ على الطَّعام. فمَن رفَعَ نَفْسَه وُضِع، ومَن وَضَعَ نَفْسَه رُفِع" (٧-١١).

طلب المقاعد الأولى، ظاهرة في زمن يسوع. وهي ظاهرة في زمننا أيضًا. المقاعد الأولى ليرانا الناس... الحقيقة في علاقات الناس بعضهم مع بعض هي علاقة الأخُوّة، هي تقاسُمُ الخيرات، هي أن نحنو على جراح الأخ، القريب أو الغريب.

        وإن كنت تلميذًا ليسوع، مؤمنًا بسيطًا أو مكرَّسًا أو مرسومًا، علاقتك هي أن "تحِبَّ أخاك"، مثل حبك لنفسك، بل مثل حب الله له. الله هو المخدوم الأول، ثم أخوك هو المخدوم الأول. لا أنا، لا أخدم نفسي، ولا أطلب مجد الناس، ولا المقعد الأول أو غيره... أنا تلميذ، أنا خادم، أحِبّ بمثل حب الله.

        "فمَن رفَعَ نَفْسَه وُضِع، ومَن وَضَعَ نَفْسَه رُفِع" (١١).

        من ارتفع ليأخذ مكان أخيه، لا يرى الله خالقه وأباه. رغبته في نفسه، تُعمِيه. فيبتعد عن الله، ويبتعد عن نفسه، ويفقد مقدرته على الحب. ولا يكون في مكانه. إما أن يعود هو بنفسه إلى مكانه، المقعد الأخير إن لزم، وإما يأتي غيره ويعيده إلى مكانه. لا ترتفع ولا تأخذ مكان أخيك. ولا تنسَ حقيقة الحياة: أنت خادم، لا طالب مجد من الناس.

        "ومَن وَضَعَ نَفْسَه رُفِع". من وضع نفسه، أعني من جلس في مكانه، فقط. أعني من عرف ما هي رسالته بين إخوته. أعني من عرف نفسه مُرسَلًا من قبل الله، ليُرشِدَ إلى الله، لا إلى نفسه، وكلُّ ما يقول أو يعمل، يُظهِر به الله. هذا يرفعه الله أبوه. حتى في أعين الناس، لكن من دون أن يكون هو نفسه طالبًا لمجد نفسه، بل كُنْ طالبًا للحقيقة، طالبًا لله ولإخوتك، حتى تحمل معهم همومهم.

        ربي يسوع المسيح، املأني بروحك القدوس، حتى أطلبك أنت دائمًا. حتى لا أضيع في طلب المجد من الناس، أو في طلب المصالح. ربي يسوع المسيح، أعطني أن أبقى تلميذًا لك، وأبقى في نورك، وفي حبك، وفي حب إخوتي. آمين.

الأحد ٣١/٨/٢٠٢٥                               الأحد ٢٢ من السنة/ج