جِئتُ لِأُلقِيَ على الأَرضِ نارًا - لوقا ١٢: ٤٩-٥٣

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس

٤٩ جِئتُ لِأُلقِيَ على الأَرضِ نارًا، وما أَشدَّ رَغْبَتي أَن تَكونَ قدِ اشتَعَلَت! ٥٠وعَلَيَّ أَن أَقبَلَ مَعمودِيَّةً، وما أَشَدَّ ضِيقي حتَّى تَتِمّ. ٥١ أَتَظُنُّونَ أَنِّي جِئتُ لِأُحِلَّ السَّلامَ في الأَرْض؟ أَقولُ لَكُم: لا، بَلِ الِانْقِسام. ٥٢فيَكونُ بَعدَ اليَومِ خَمسَةٌ في بَيتٍ واحِدٍ مُنقَسمين، ثَلاثَةٌ مِنهُم على اثنَينِ واثنانِ على ثَلاثَة: ٥٣سيَنقَسِمُ النَّاسُ فيَكونُ الأَبُ على ابنِهِ والِابنُ على أَبيه، والأُمُّ على بِنتِها والبِنتُ على أُمِّها، والحَماةُ على كَنَّتِها والكَنَّةُ على حَماتِها.

جِئتُ لِأُلقِيَ على الأَرضِ نارًا - لوقا ١٢: ٤٩-٥٣

الحرب. السنة الثانية – يوم ٢٧٤ – (في ١٨ آذار عادوا إلى الحرب من جديد) (وحالة الضفة على ما هي: اعتداءات على المدن والقرى والمخيمات). والمستوطنون ما زالوا يقتلون ويفسدون، من غير عقاب ...

"في يَومِ ضيقي إِلَيكَ أَصرُخ، لأَنَّكَ تَستَجيبُ لي" (مزمور ٨٦: ٧). ارحمنا، يا رب. نعم، يا رب، "في يَومِ ضيقي إِلَيكَ أَصرُخ، لأَنَّكَ تَستَجيبُ لي". في حبك اللامتناهي، في سرك الذي لا يُدرَك، تستجيب لي... أومن، يا رب. إني أضع كل شيء في قلبك. انت تسمعني، وتسمع صراخي، وصراخ الصغار والكبار في غزة، وتستجيب لهم. أومن، يا رب. أنت أبونا، أنت ترى كل شيء، وأنت تحبنا. ارحمنا، يا رب، ارحمنا، واستجب لنا.  

إنجيل اليوم

جِئتُ لِأُلقِيَ على الأَرضِ نارًا، وما أَشدَّ رَغْبَتي أَن تَكونَ قدِ اشتَعَلَت!" (٤٩)..

نار على الأرض، نار تنقِّي، نار تحرق القش الزائد، تحرق كل خطيئة، كل شر في الإنسان، كل خطيئة فيَّ، النار التي تحرق الخشبة التي في عيني. النار التي تمنح الحياة. نار على الأرض تنقِّي كل إنسان وتعيده إلى أصله الإلهي. النار التي تهب الحياة، والخلاص، النار التي فيها مقاومة لكل شر.

نار في نفسي تنقّيني. تعيد إليَّ المقدرة لأرى الله أبي، وكل إخوتي وأخواتي، بالرغم من ليل الخطيئة.

أحترق دائمً بنار يسوع المسيح، كلمة الله الأزلي، الذي صار إنسانًا مثلنا، ليحرق كل شر فينا، ليضرم نار الحياة النقية فينا.

نار تمنحنا القدرة على الرؤية، فأرى نفسي، وأعرف نفسي خليقة، صغيرًا، لا أقدر شيئًا، من دون إلهي خالقي وأبي. نار تجعلني قادرًا على عمل الخير.

"جِئتُ لِأُلقِيَ على الأَرضِ نارًا، وما أَشدَّ رَغْبَتي أَن تَكونَ قدِ اشتَعَلَت!"

 

وتابع يسوع كلامه:

"وعَلَيَّ أَن أَقبَلَ مَعمودِيَّةً، وما أَشَدَّ ضِيقي حتَّى تَتِمّ. أَتَظُنُّونَ أَنِّي جِئتُ لِأُحِلَّ السَّلامَ في الأَرْض؟ أَقولُ لَكُم: لا، بَلِ الِانْقِسام. فيَكونُ بَعدَ اليَومِ خَمسَةٌ في بَيتٍ واحِدٍ مُنقَسمين، ثَلاثَةٌ مِنهُم على اثنَينِ واثنانِ على ثَلاثَة: سيَنقَسِمُ النَّاسُ فيَكونُ الأَبُ على ابنِهِ والِابنُ على أَبيه، والأُمُّ على بِنتِها والبِنتُ على أُمِّها، والحَماةُ على كَنَّتِها والكَنَّةُ على حَماتِها" (٥٠-٥٣).

يسوع ينتظر معمودية الموت. ويحمل ضيق البشرية الخاطئة كلها. يقول: حياتي، أعطيها وأستعيدها. أعطيها لأغلب الخطيئة، وأفدي البشرية كلها، فترجع الأرض وكل ساكنيها إلى أنفسهم وإلى الله.

معركة وآلام كثيرة وحروب وقسوة الإنسان على الإنسان أخيه، والكل مخلوق على صورة الله.

"أَتَظُنُّونَ أَنِّي جِئتُ لِأُحِلَّ السَّلامَ في الأَرْض؟ أَقولُ لَكُم: لا، بَلِ الِانْقِسام".

معمودية الموت، المعمودية التي تغلب الخطيئة والشر في كل إنسان، المعمودية التي يمر بها كل إنسان. نحن نقدم كل يوم ذبيحة يسوع كلمة الله نفسها. ونضع معها كل صلباننا وكل موتنا. نموت لنحيا.

"أَتَظُنُّونَ أَنِّي جِئتُ لِأُحِلَّ السَّلامَ في الأَرْض؟ أَقولُ لَكُم: لا، بَلِ الِانْقِسام".

معمودية الموت، انتصار على الموت، تأتي بالحياة الجديدة التي سيضطهدها العالم. هنا أيضا نلتقي سر حب الله اللامتناهي وغير المدرَك. الله أبونا يحبنا. هكذا أحب الله العالم حتى أرسل إليه ابنه الوحيد يسوع المسيح ليصير إنسانًا مثلنا، وليتألم ويموت من أجلنا... ومع ذلك جميعنا لن نخلص... سيكون مخلَّصون. وسيكون من يرفضون الخلاص. وتلاميذ يسوع سيكونون عرضة للاضطهاد. حب يسوع سيقبله البعض ويرفضه البعض، فيكون انقسام: " فيَكونُ بَعدَ اليَومِ خَمسَةٌ في بَيتٍ واحِدٍ مُنقَسمين، ثَلاثَةٌ مِنهُم على اثنَينِ واثنانِ على ثَلاثَة: سيَنقَسِمُ النَّاسُ فيَكونُ الأَبُ على ابنِهِ والِابنُ على أَبيه ..."

سيؤمن البعض، وسيرفض البعض. فيكون انقسام في البيت نفسه، في بيت الله الفسيح الذي هو العالم، وفي كل عائلة، حيثما يوجد إنسان يبحث عن الله. سيرى البعض والبعض لن يروا. والله أبونا، الإله الواحد، في السماء هو الذي يعطي الحياة الجديدة للجميع.

ربي يسوع المسيح، جئت لتخلصنا جميعا، لا لتضع الانقسام بيننا. أعطنا جميعا أن نقبلك. أعط الجميع عيونًا ترى، وآذانًا تسمع، وقلبًا يحب. ربي يسوع المسيح، علِّمنا أن نحيا بحسب سر تدبيرك لهذه الأرض، في سر الشر المستمر فينا. ربي يسوع المسي، أعطنا أن ننشر النار التي تضيء وتحرق كل شر. آمين.

الأحد ١٧/٨/٢٠٢٥                               الأحد ٢٠ من السنة/ج