أنتم لستم وحدكم - متى ١٠: ١٦- ٢٢
الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا
نتابع مع إنجيل القديس متى فصل ١٠: يسوع يرسل تلاميذه. ويحذِّرُهم فيقول لهم: "هَاءَنَذَا أُرسِلُكُم كَالخِرَافِ بَينَ الذِّئَابِ: فَكُونُوا كَالحَيَّاتِ حَاذِقِينَ وَكَالحَمَامِ سَاذِجِينَ" (١٦).

١٦. هاءنذا أرسلكم كالخراف بين الذئاب: فكونوا كالحيات حاذقين وكالحمام ساذجين.
١٧. احذروا الناس، فسيسلمونكم إلى المجالس، ويجلدونكم في مجامعهم،
١٨. وتساقون إلى الحكام والملوك من أجلي، لتشهدوا لديهم ولدى الوثنيين.
١٩. فلا يُهِمَّكم حين يسلمونكم كيف تتكلَّمون أو ماذا تقولون، فسيُلقَى إليكم في تلك الساعة ما تتكلَّمون به.
٢٠. فلستم أنتم المتكلِّمين، بل روح أبيكم يتكلَّم بلسانكم.
٢١. سيُسلِمُ الأخ أخاه إلى الموت، والأب ابنه، ويثور الأبناء على والديهم ويميتونهم،
٢٢. ويبغضكم جميع الناس من أجل اسمي. والذي يثبت إلى النهاية فذاك الذي يخلص.
نتابع مع إنجيل القديس متى فصل ١٠: يسوع يرسل تلاميذه. ويحذِّرُهم فيقول لهم: "هَاءَنَذَا أُرسِلُكُم كَالخِرَافِ بَينَ الذِّئَابِ: فَكُونُوا كَالحَيَّاتِ حَاذِقِينَ وَكَالحَمَامِ سَاذِجِينَ" (١٦).
"يَسُوعُ يَعرِفُ مَا فِي الإنسَانِ" (يوحنا ٢: ٢٥). يعرف أين يرسلنا. يعرف واقعنا كله، فيه صالحون وفيه أشرار. فيه من يقبلون كلامه وفيه من يرفضونه. فيه من هم كالذئاب فيما بينهم وفي مواجهة كلامه، وفيه من هم كالحملان. تجاه هذا الواقع، قال يسوع لتلاميذه: "فَكُونُوا كَالحَيَّاتِ حَاذِقِينَ وَكَالحَمَامِ سَاذِجِينَ". مثل الحية في حذرها، لا في لدغها وفي سُمِّها، ومثل الحمامة في وداعتها. حكماء وودعاء. اعرفوا الواقع الذي أنتم فيه، ولا تقاوموا الشر بالشر. بل بحكمة من يرى في الإنسان صورة الله، وابن الله، وموضوعَ حب الله، وموضوع حبِّكم، في جميع الأحوال. وبوداعة مثل وداعة يسوع المسيح.
قال لتلاميذه: "احذَرُوا النَّاسَ" (١٧). ومع ذلك، فأنتم مرسَلون إليهم، لخيرهم، ليروا نور الله، وليعرفوا محبته. لكن احذروا إمكانات الشر فيهم، ولا تقعوا في تجربة الرد على الشر بالشر. أنتم مرسلون لخلق علاقات جديدة بين الناس، لا علاقة ذئاب وخراف، بل الكل أبناء الله، وصورة الله، وقاعدة العلاقات فيما بينهم هي المحبة، مثل محبة الله.
ثم بأية حكمة تعاملون الناس؟
أنتم لستم وحدكم: "لا يُهِمَّكُم حِينَ يُسلِمُونَكُم كَيفَ تَتَكَلَّمُونَ أَو مَاذَا تَقُولُونَ، فَسَيُلقَى إلَيكُم فِي تِلكَ السَّاعَةِ مَا تَتَكَلَّمُونَ بِهِ. فَلَستُم أَنتُمُ المـُتَكَلِّمِينَ، بَل رُوحُ أَبِيكُم يَتَكَلَّمُ بِلِسَانِكُم" (١٩-٢٠).
أنتم لستم وحدكم. روح أبيكم يتكلم فيكم. حكمة الله تتكلم فيكم. هذه الحكمة التي يجب أن تسمحوا لها بأن تكلم الناس فيكم، ليسمعها الناس، ليعرفها، فيدخلونها في سلم قيمهم، ويصير لها مكان في علاقاتهم بعضهم مع بعض.
أنتم مرسلون بين الناس، الذين أنتم منهم، لكنكم مرسلون لتجعلوهم حقيقة أخرى غير التي يعرفونها: حقيقة المحبة التي تجعل الإنسان مثل الله.
ولن يحصل التغيير بسهولة:
"سَيُسلِمُ الأَخُ أخَاهُ إلَى المـَوتِ، وَالأَبُ ابنَهُ، وَيَثُورُ الأَبنَاءُ عَلًى وَالِدِيهِم وَيُمِيتُونَهُم، وَيُبغِضُكُم جَمِيعُ النَّاسِ مِن أَجلِ اسمِي. وَالَّذِي يَثبُتُ إلَّى النِّهَايَةِ فَذَاكَ الَّذِي يَخلُصُ" (٢١-٢٢).
تبديل الناس من رافضين للمحبة، إلى قابلين للمحبة، ومن ثم ناظرين إلى جمع الناس إخوةً لهم، - أمر صعب. قد يكون في البيت نفسه، بين الأخ وأخته...، خلاف في هذا، - وليس فقط في حال الخلاف في الإيمان، بل اليوم أيضًا بين أخ وأخته مشاركَين في الإيمان الواحد، لكنهما مختلفان في المحبة، في الكنيسة الواحدة، - وقد يكون خلاف في المدينة وفي المجتمع. وعليكم أنتم أن تصنعوا الإنسان الذي يحب، ويعرف أخاه. الأمر صعب، لكن الله معكم، لستم أنتم الذين تبدِّلون قلوب الناس، بل روح أبيكم. إنما أنتم شهود على ذلك، بسيرتكم، وبمحبتكم.
ربي يسوع المسيح، أعطني القوة لأن أحب، ولأن أثبِّت الحب بين إخوتي جميعًا، أعطنا أن نحب بعضنا بعضًا في الكنيسة الواحدة. وأعطني أن أعلَم دائمًا أنك معي، وأنك أنت الذي تعمل. آمين.
الثلاثاء ٣١/١/٢٠٢٣