آية يونان آية المدينة الوثنية التي تتوب - لوقا ١١: ٢٩-٣٢

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا

٢٩ واحتَشَدتِ الجُموعُ فأَخَذَ يقول: إِنَّ هذا الجِيلَ جيلٌ فاسِدٌ يَطلُبُ آية، ولَن يُعْطى سِوى آيةِ يُونان. ٣٠ فكما كانَ يونانُ آيةً لأَهلِ نِينَوى، فكذلِكَ يَكونُ ابنُ الإِنسانِ آيَةً لِهذا الجيل. ٣١ مَلِكَةُ التَّيمَنِ تَقومَ يَومَ الدَّينونَةِ مَعَ رِجالِ هذا الجيلِ وتَحكُمُ علَيهِم، لِأَنّها جاءَت مِن أَقاصي الأرضِ لِتَسمَعَ حِكمَةَ سُلَيمان، وههُنا أَعظَمُ مِن سُلَيمان. ٣٢ رِجالُ نِينَوى يَقومونَ يَومَ الدَّينونَةِ مَعَ هذا الجيلِ ويَحكُمونَ علَيه، لأَنَّهم تابوا بإِنذارِ يُونان، وههُنا أَعظمُ مِن يُونان.

آية يونان آية المدينة الوثنية التي تتوب - لوقا ١١: ٢٩-٣٢

الحرب ١٣٧

        "اللَّهُمَّ أَنتَ إِلهي إِلَيكَ بكَرتُ إِلَيكَ ظَمِئَت نَفْسي وتاقَ جَسَدي. كأَرضٍ قاحِلةٍ مُجدِبَةٍ لا ماءَ فيها" (مزمور ٦٣: ٢). يا رب، إنَّا نطلبك، ونبحث عنك في غزة ورفح، بين الأموات نطلبك، وبين الأحياء الباقين نطلبك، وبين الأحياء الذين حكم عليهم رؤساء الحرب بالموت. بينهم، يا رب، نبحث عنك. وفي أعماق نفسي أبحث عنك. منذ الفجر، في كل لحظة، أبحث عنك، يا رب. صرنا " كأَرضٍ قاحِلةٍ مُجدِبَةٍ لا ماءَ فيها". يا رب، ارحمنا. أرنا، يا رب، وجهك، ونورك، وحبَّك.  أنت الإله القوي، لك القوة، فوق كل أقوياء الأرض. أبتِ، ارحم هؤلاء الأقوياء أيضًا، الذين يظنون أنهم أقوياء لأنهم يقدرون أن يقتلوا، ولأن نفوسهم ممتلئة بالموت. ارحمهم، يا رب، وارحمنا. ""اللَّهُمَّ أَنتَ إِلهي، منذ الفجر، إِلَيكَ بكَرتُ إِلَيكَ ظَمِئَت نَفْسي".

        إنجيل اليوم

        "واحتَشَدتِ الجُموعُ فأَخَذَ يقول: إِنَّ هذا الجِيلَ جيلٌ فاسِدٌ يَطلُبُ آية، ولَن يُعْطى سِوى آيةِ يُونان. فكما كانَ يونانُ آيةً لأَهلِ نِينَوى، فكذلِكَ يَكونُ ابنُ الإِنسانِ آيَةً لِهذا الجيل" (٢٩-٣٠).

        رأوا الآيات ولم يؤمنوا. لم يريدوا أن يؤمنوا. خطيئة التجديف على الروح التي لا تُغفَر، والتي تكلم عليها يسوع (متى ١٢: ٣١) هي هذه: الإنسان يرفض أن يرى، يرفض عطية الله. حياتنا وكل شيء فيها عطية من الله. والحياة هي قبول ما أعطانا إياه الله. وهي الإيمان بالله بتواضع. فلا نطلب الآيات والعجائب. لو كانت عيون قلبنا منفتحة، لرأينا الآيات، لأن كل شيء آية من الله، كل شيء كلمة منه. الله في كل خلقه، وفيَّ. والحياة هي أن أرى ما أنا، وأن أرى الله فيَّ.

        آية يونان. فيها أولا آية المدينة الوثنية التي تتوب. مدينة وثنية كبيرة، لكنها متواضعة، سمعت كلمة الله وتابت. وفي هذه الآية أيضًا: آية يونان نفسه، الذي بقي في بطن الحوت ثلاثة أيام، ثم عاد إلى لحياة. وهذه هي آية يسوع المسيح: سيحكم عليه رؤساء الشعب ويقتلونه، ثم يعود إلى الحياة، يقهر الموت بموته، ويقوم من بين الأموات. من كان قلبه بسيطًا نقيًّا، من كانت عينه بسيطة (متى ٦: ٢٢)، يرى الآية ويؤمن. أما من رأى نفسه عالمــًا زاد علمه في نظر نفسه، وصار أكبر من أن يرى ربَّه خالقه، سيبقى يطلب الآيات ولا يُعطَى آية. سيبقى رافضًا للرؤية، فلا يرى.

        غرباء، أناس ورجال أعطاهم الله، أقل مما أعطانا، او لم يسمعوا قط بيسوع المسيح، وبالله الآب، مثل مدينة نينوى، في رواية يونان النبي، أو مثل ملكة سبأ، سيرون النور، وسينالون الخلاص، بينما أبناء البيت يهلكون، بإرادتهم وبغرورهم. ضحية أنفسهم.

        الأبناء يرفضون الخلاص. لنفكر في هذا ونحذر لأنفسنا.

        الله يعطي، فهو أبونا. أعطانا. فلنبقَ ساهرين، لنرى، ونسمع، لنرى علامات الأزمنة. لنسمع ونرى ونحيا مع الله أبينا، على هذه الأرض نفسها.

        ربي يسوع المسيح، إنك ترافقني كل يوم. أمسِكْ جيدًا بيدي، وأعطني أن أبقي واعيًا لفقري وضعفي، وأني فقير إليك، حتى أبقى دائمًا قادرًا على رؤيتك. آمين.

        الأربعاء ٢١/٢/ ٢٠٢٤           بعد الأحد الأول من الصوم