يسوع هو الراعي الصالح - يوحنا ١٠: ١١-١٨

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس

١١ أَنا الرَّاعي الصَّالِح والرَّاعي الصَّالِحُ يَبذِلُ نَفْسَه في سَبيلِ الخِراف ١٢ وأَمَّا الأَجير، وهو لَيسَ بِراعٍ ولَيستِ الخِرافُ له، فإِذا رأَى الذِّئبَ آتيًا تَركَ الخِرافَ وهَرَب، فيَخطَفُ الذِّئبُ الخِرافَ ويُبَدِّدُها. ١٣ وذلِكَ لأَنَّهُ أَجيرٌ لا يُبالي بِالخِراف. ١٤ أَنا الرَّاعي الصَّالح أَعرِفُ خِرافي وخِرافي تَعرِفُني ١٥ كَما أَنَّ أَبي يَعرِفُني وأَنا أَعرِفُ أَبي وأَبذِلُ نَفْسي في سَبيلِ الخِراف. ١٦ ولي خِرافٌ أُخْرى لَيسَت مِن هذِه الحَظيرَة فتِلكَ أَيضاً لابُدَّ لي أَن أَقودَها، وسَتُصغي إِلى صَوتي، فيَكونُ هُناكَ رَعِيَّةٌ واحِدة وراعٍ واحِد. ١٧ إِنَّ الآبَ يُحِبُّني لِأَنِّي أَبذِلُ نَفْسي لأَنالَها ثانِيَةً ١٨ ما مِن أَحَدٍ يَنتزِعُها مِنَّي بل إنّني أَبذِلُها بِرِضايَ. فَلي أَن أَبذِلَها ولي أَن أَنالَها ثانِيَةً وهذا الأَمرُ تَلَقَّيتُه مِن أَبي.

يسوع هو الراعي الصالح - يوحنا ١٠: ١١-١٨

الحرب ١٩٦

                "والآنَ فماذا أَنتَظرُ أَيُّها السَّيِّد؟ ولا رَجاءَ لي إِلَّا فيكَ. لقَد خَرِستُ ولا أَفتَحُ فَمي، لأَنَّكَ أَنتَ الفَعَّال.  اصرِفْ عنِّي ضَرَباتِكَ فقَد فَنِيتُ مِن ضَربِ يَدَيكَ" (مزمور ٣٩: ٨و١٠-١١).

        ارحمنا، يا رب. ارحم غزة وكل فلسطين وإسرائيل. الحرب في كل مكان. والإنسان هو الذي يموت في كل مكان. "ولا رَجاءَ لي إِلَّا فيكَ". في الآلام والدمار والموت، فيك نضع رجاءنا، يا رب. أنت أبونا. أرشد أبناءك إلى الحياة وإلى السلام وإلى العدل. في غزة فقدنا كل شيء، ما عدا الأمل. أبانا الذي في السماوات، فيك رجاؤنا. " لقَد خَرِستُ ولا أَفتَحُ فَمي لأَنَّكَ أَنتَ الفَعَّال". أنت الذي تعمل، يا رب. أنت الخالق وأنت محب البشر. لكن في غزة، في الموت والدمار فيها، لست أنت الذي تعمل. يا رب، بل زعماء الحرب التائهون بقوتهم وأسلحتهم. اللهم، افتح قلوبهم ليروا الحياة، ويكُفُّوا عن القتل والدمار. ارحمنا، يارب.

إنجيل اليوم

        " أَنا الرَّاعي الصَّالِح والرَّاعي الصَّالِحُ يَبذِلُ نَفْسَه في سَبيلِ الخِراف. وأَمَّا الأَجير، وهو لَيسَ بِراعٍ ولَيستْ الخِرافُ له، فإِذا رأَى الذِّئبَ آتيًا تَركَ الخِرافَ وهَرَب، فيَخطَفُ الذِّئبُ الخِرافَ ويُبَدِّدُها. وذلِكَ لأَنَّهُ أَجيرٌ لا يُبالي بِالخِراف. أَنا الرَّاعي الصَّالح، أَعرِفُ خِرافي وخِرافي تَعرِفُني" (١١-١٤).

        يسوع هو الراعي الصالح. بذل حياته من أجلنا. "تَجرَّدَ مِن ذاتِه مُتَّخِذًا صُورةَ العَبْد وصارَ على مِثالِ البَشَر، وظَهَرَ في هَيئَةِ إِنْسان، فَوضَعَ نَفْسَه وأَطاعَ حَتَّى المَوت مَوتِ الصَّليب" (فيليبي ٢: ٦-٨).

        يسوع الراعي الصالح اعطانا كل شيء. ويعطينا دائمًا كل شيء. يقول القديس بولس: اقتدوا بالمسيح. ومثله، أعطوا كل شيء، حتى الحياة، إن جاء وقتٌ للاستشهاد، كما حدث لألوف المسيحيون عبر القرون، وكما يحدث حتى في أيامنا.

        نبذل حياتنا أيضًا بالاستشهاد في حياة كل يوم، بالموت عن الأنانية في أنفسنا، وبانتباهنا لإخوتنا وأخواتنا، كل يوم وكل لحظة، وبتضامننا مع آلامهم وموتهم، وبالمحبة، بأن نحيا من أجلهم، وبأن نقدِّمَ حياتنا لله، أبينا جميعًا.

        مسيحي صالح، وراعٍ صالح. الجميع مدعوُّون إلى هذا، العلمانيون والمكرسون، والكهنة بصورة خاصة: نرعى فنحمل ثقل الحياة مع إخوتنا وأخواتنا، ونرشدهم إلى الآب. بلا استثناء، جميع الموكولين إليَّ، وجميع الذين يمرون بحياتي، الذين أعتبرهم صالحين والذين أعتبرهم أشرارًا. الله يحكم، لا أنا. أنا راعٍ صالح، أقتدي بالله الذي يطلع شمسه ويرسل مطره إلى الأبرار والأشرار.

        راعٍ صالح. هل أنا راعٍ صالح؟ لمن أعمل أنا؟ لمن أحيا؟ لي، لمصالحي الهينة أو المهمة، أم لله ولإخوتي وأخواتي الموكولين إلى رعايتي؟

        "كَما أَنَّ أَبي يَعرِفُني وأَنا أَعرِفُ أَبي وأَبذِلُ نَفْسي في سَبيلِ الخِراف" (١٥).

        صلاح الراعي الصالح متأصل في معرفة الآب. يسوع واحد مع الآب. ونحن مدعُوُّون إلى أن نصير واحدًا مع الآب. وكيف ذلك؟ الله هو الذي يعمل ويجتذبنا إليه. نحن، من جهتنا نؤمن ولا نضع العوائق أمام عمل الله. مسيحي صالح، راعٍ صالح، صلاحنا يبدأ حيث يقول يسوع: " أَبي يَعرِفُني وأَنا أَعرِفُ أَبي". ونحن نسعى والله يكمِّل ويعمل. في وسط شرور الأرض، متضامنين مع كل آلام الأرض، وفي وسط آلامي أنا الشخصية، أسعى لمعرفة الآب، أترك الآب يُظهِر نفسه لي، ويُسمعني كلامه، ويجتذبني إليه.

        كلنا مدعوون إلى أن نكون مع يسوع المسيح، ورعاة صالحين مثله. يجب أن نعرف هذا، ونسعى لنكون مسيحيين صالحين ورعاة صالحين، كل واحد في مكانه وفي مسؤوليته، ودائما مع يسوع المسيح نفسه.

        ربي يسوع المسيح، أنت الراعي الصالح. وتدعوني لأكون أنا أيضًا راعيًا صالحًا. ربي، أعطني أن أقتدي بك، وأن أعطي حياتي كل يوم، وكل حياتي، لجميع إخوتي وأخواتي. آمين.

الأحد ٢١/٤/ ٢٠٢٤              الأحد الرابع للفصح