هكذا يَكونُ مَصيرُ مَن يَكنِزُ لِنَفْسِه ولا يَغتَني عِندَ الله - لوقا ١٢: ١٣-٢١

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس

١٣فقالَ لَه رَجُلٌ مِنَ الجَمْع: «يا مُعَلِّم، مُرْ أَخي بِأَن يُقاسِمَني الميراث». ١٤فقالَ لَه: «يا رَجُل، مَن أَقامَني علَيكُم قاضِيًا أَو قَسَّامًا؟» ١٥ثُمَّ قالَ لَهم: «تَبَصَّروا واحذَروا كُلَّ طَمَع، لأَنَّ حَياةَ المَرءِ، وإِنِ اغْتَنى، لا تَأتيه مِن أَموالِه". ١٦ثُمَّ ضَرَبَ لَهم مَثَلًا قال: «رَجُلٌ غَنِيٌّ أَخصَبَت أَرضُه، ١٧فقالَ في نَفسِه: ماذا أَعمَل؟ فلَيسَ لي ما أَخزُنُ فيه غِلالي. ١٨ثُمَّ قال: أَعمَلُ هٰذا: أَهدِمُ أَهرائي وأَبْني أَكبَرَ مِنها، فأَخزُنُ فيها جَميعَ قَمْحي وأَرْزاقي. ١٩وأَقولُ لِنَفْسي: يا نَفْسِ، لَكِ أَرزاقٌ وافِرَة تَكفيكِ مَؤُونَةَ سِنينَ كَثيرة، فَاستَريحي وكُلي واشرَبي وتَنَعَّمي. ٢٠فقالَ لَه الله: يا غَبِيّ، في هٰذِه اللَّيلَةِ تُستَرَدُّ نَفْسُكَ مِنْكَ، فلِمَن يكونُ ما أَعدَدتَه؟ ٢١فهٰكذا يَكونُ مَصيرُ مَن يَكنِزُ لِنَفْسِه ولا يَغتَني عِندَ الله".

هكذا يَكونُ مَصيرُ مَن يَكنِزُ لِنَفْسِه ولا يَغتَني عِندَ الله - لوقا ١٢: ١٣-٢١

زمن سلام جديد. هل انتهت الحرب القديمة؟ ٧٣٤ يوم حرب، ابتداء من ٧ أكتوبر ٢٠٢٣. يوم الخميس ٩/١٠/٢٠٢٥ وقعوا على اتفاقية سلام. هل نبدأ نعُدُّ أيام السلام؟

"إن جَلَسَ الرُّؤَساءُ وتَكَلَّموا عَلَيَّ، يَتَأَمَّلُ عَبدُكَ في فَرائِضِكَ" (مزمور ١١٩: ٢٣). ارحمنا، يا رب. ارحم "كبارًا" في هذا العالم يحاولون أن يثبِّتوا السلام في غزة، ولا ينجحون بعد. و"كبار" آخرون، قلوبهم مليئة بالحرب والموت، ما زالوا يقاومون السلام والعدل. رُدّ إليك، يا رب، أهل الموت، وأيِّد الساعين إلى العدل والسلام. أفِض، يا رب، نور قيامتك، على أرضك، وكل أهلها. ارحمنا، يا رب.

إنجيل اليوم.

"فقالَ لَه رَجُلٌ مِنَ الجَمْع: «يا مُعَلِّم، مُرْ أَخي بِأَن يُقاسِمَني الميراث». فقالَ لَه: «يا رَجُل، مَن أَقامَني علَيكُم قاضِيًا أَو قَسَّامًا؟» ثُمَّ قالَ لَهم: «تَبَصَّروا واحذَروا كُلَّ طَمَع، لأَنَّ حَياةَ المَرءِ، وإِنِ اغْتَنى، لا تَأتيه مِن أَموالِه" (١٣-١٥).

مقاسمة الميراث بين الإخوة في العائلة الواحدة. مخاصمات بين الإخوة بسبب المال. هذا يحدث في حياتنا اليومية، في رعايانا. أخ يظلم أخاه في عائلته من دمه، ويحرمه نصيبه في الميراث. سواء الميراث، أو شركة استمرت زمنًا معًا، ثم اعتكر الاتفاق، لجهل أو لطمع، فصار الإخوة لا يرون ما هو عدل لكل واحد منهم. ويستقوي أحدهم ويأخذ أكثر من نصيبه... هذا يحدث، والعائلات تتمزق لهذا السبب.

جاء رجل يطلب من يسوع أن يكون الوسيط بينه وبين أخيه في تقاسم الميراث. قال له يسوع، وقال لكل سامعيه، سبب مخاصمتهم، وسبب دمار حياة الإنسان، عندما يصير المال سيدًا، وعندما لا يرى الأناني إلا نفسه، ويصير أعمى، عاجزا عن أن يرى أخاه، وما هو عدل لأخيه.

«تَبَصَّروا واحذَروا كُلَّ طَمَع، لأَنَّ حَياةَ المَرءِ، وإِنِ اغْتَنى، لا تَأتيه مِن أَموالِه". المال، كثرة المال، ليست الغاية في حياة إنسان. المال يزول. والإنسان يزول. ولا يستحق المال أن يتخاصم الأخَوان بسببه. المال يجب ألا يكون سيدًا. السيد الأول في حياة إنسان هو محبة الأخ لأخيه. وهي الوصية الكبرى: أحبب الله وأحبب قريبك حبك لنفسك. هذا هو دليل الإنسان ودليل لكل واحد وواحدة في الشؤون المادية في الحياة.

أنت مسيحي؟ أنت تلميذ ليسوع المسيح؟ وتخاصم أخاك في مال؟ كلا، إن ظلمت أخاك، لا شيء يخلِّصك، لا صلواتك ولا صياماتك، ولا قداسك يوم الأحد. المال لا يخلِّص. أخوك يخلِّصك إن أحببته كما يحبه يسوع المسيح نفسه. المحبة تخلِّص. أموال الأرض صالحة لحياة الجسد، ولعمل خير كثير لكثيرين على الأرض، إذا تحولت إلى صدقة ومشاركة فإنها تحوِّل الأرض ومال الأرض إلى طريق للسماء. مع الله هذا ممكن. المبدأ هو دائمًا نفسه. مع الله يمكن أن نعمل الخير، من غير الله لا نستطيع أن نعمل شيئًا. يمكن أن نعطي المال لله ولإخوتنا، فيبقى المال خيرًا. أما وحدنا فلا نقدر، والمال يتحول إلى مبدأ خصام.

لنضع أنفسنا وكل أموال الأرض التي نملكها بين يدي الله. كل شيء من الله، ونحن نعيد كل شيء إليه. والله أبونا يعلِّمُنا كيف نستخدم أموال الأرض، مع بقائنا أمناء لإخوتنا، وإخوتنا بالدم أولا، ولكل إخوتنا في الرعية، وفي المدينة كلها.

مع الله، نخسر مالًا، لنكسبه. قال لنا يسوع: من فقد شيئًا باسمي ومن أجلي وجد الضعف، وبقي في وفرة الغنى وفي السعادة الناجمة من حب الله والقريب.

«تَبَصَّروا واحذَروا كُلَّ طَمَع، لأَنَّ حَياةَ المَرءِ، وإِنِ اغْتَنى، لا تَأتيه مِن أَموالِه". الحياة الوافرة، الله يعطينا إياها، وأخونا على الأرض، إن عرفنا أن نحب بعضنا بعضًا، بمثل حب الله لنا.

ربي يسوع المسيح، علمنا أن نصلي. علمنا أن نحيا في حبك وحب إخوتنا وأخواتنا. علمنا أن نستخدم أموال هذه الأرض، في نورك، وفي نور حبك وحب إخوتنا وأخواتنا. آمين.

الاثنين ٢٠ /١٠/٢٠٢٥                             الأحد ٢٩ من السنة/ج