هَذِهِ هِيَ الشَّرِيعَةُ وَالأَنبِيَاءُ - متى ٧: ٦و١٢-١٤
الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا
في إنجيل اليوم، ثلاث توصيات من يسوع لتلاميذه. الأولى: "لَا تُعطُوا الكِلَابَ مَا هُوَ مُقَدًّسٌ، وَلَا تُلقُوا لُؤْلُؤَكُم إلَى الخَنَازِيرِ، لِئَلَّا تَدُوسَهُ بِأَرجُلِهَا، ثُمَّ تَرتَدُّ إلَيكُم فَتُمَزِّقَكُم" (٦).

٦. لا تُعطُوا الكلاب ما هو مقدًّس، ولا تُلقُوا لُؤْلُؤَكُم إلى الخنازير، لئلَّا تدوسَه بأرجلها، ثم ترتَدُّ إليكم فتُمَزِّقَكم.
١٢. فكلَّ ما أرَدْتُم أن يفعل الناس لكم، افعلوه أنتم لهم: هذه هي الشريعة والأنبياء.
١٣. ادخُلوا من الباب الضيِّق. فإن الباب رَحْبٌ، والطريق المؤدِّي إلى الهلاك واسع، والذين يسلكونه كثيرون.
١٤. ما أضيَقَ البابَ وأحرَجَ الطريقَ المؤدِّيَ إلى الحياة، والذين يهتدون إليه قليلون.
في إنجيل اليوم، ثلاث توصيات من يسوع لتلاميذه. الأولى: "لَا تُعطُوا الكِلَابَ مَا هُوَ مُقَدًّسٌ، وَلَا تُلقُوا لُؤْلُؤَكُم إلَى الخَنَازِيرِ، لِئَلَّا تَدُوسَهُ بِأَرجُلِهَا، ثُمَّ تَرتَدُّ إلَيكُم فَتُمَزِّقَكُم" (٦).
احترام المقدَّسات. كلمة الله. والإيمان، لا تعطوه لمن لا يقدِّرُه. إن التقيتم أناسًا من هذا النوع، اتركوهم لرحمة الله، أو لدينونته. ويمكن أن نرى في هذه الآيات أيضًا تلميحًا إلى مستمعي يسوع في زمنه، الذين أرادوا أن يعارضوه فقط، بدلًا من أن يقبلوا كلام الله. قد نلتقي مثل هؤلاء الأشخاص الذين يرفضون الإيمان مبدئيًا، ولا يريدون أن يسمعوا. نتركهم لرحمة الله.
يمكن أن تعني هذه الآيات أيضًا: احترموا أنتم أنفسكم الأشياء المقدسة. تعاملوا مع كلمة الله بجدية. وأيضًا: احترموا الأشياء، والأزمنة والأماكن المقدسة. في الواقع يمكن للمؤمن أن يتعود وينسى انه يتعامل مع شؤون الله، ويفقد الاحترام اللازم لها. مثلا، كيف "يتلو" صلواته؟ قد تصبح "تلاوات" لا انتباه لله فيها. وكيف يكون حضور القداس، حضور جسد بلا روح، وكيف يركع ركعته، نصف ركعة أو شبه ركعة، أو كيف يرسم إشارة الصليب، لا يبقى فيها شيء يدل على الصليب وما أشبه.... احترام كلمة الله، واحترام كل الأمور والحركات المقدسة.
التوصية الثانية: "كُلَّ مَا أرَدْتُم أَن يَفعَلَ النَّاسُ لَكُم، افعَلُوهُ أَنتُم لَهُم: هَذِهِ هِيَ الشَّرِيعَةُ وَالأَنبِيَاءُ" (١٢). هذا هو ملخَّص الشريعة: كما تريدون أن يعاملكم الناس عاملوهم أنتم أيضًا. لا تسيئوا إليهم. تجنبوا كل إهانة لهم. اطلبوا الخير لهم. ونعود إلى وصية المحبة. ملخَّص الشريعة والأنبياء هو: أحبِبْ الربَّ إلهك، وأحبِبْ قريبك حُبَّكَ لنفسك. الله يريد دائمًا لنا الخير، ليس دائمًا ما نفكِّر نحن أنه الخير. لأنه يصدف أن نرى الخير في أمور من الأرض تبعدنا عن الله، وعن إخوتنا. وقد يحدث الخلط نفسه عند إخوتنا أيضًا بين ما هو خير وما ليس بخير. أن نطلب الخير لإخوتنا، لا يعني دائمًا أن نصنع ما يرضيهم. كما أن الله يؤدبنا بالشدائد أحيانًا وبالحرمان، كذلك نحن نعامل إخوتنا، لكن قاصدين دائمًا ما هو خير لهم. نريد لإخوتنا ما نريد لأنفسنا، ونميز بين ما هو خير وما هو شبيه به، بين ما هو خير وما هو شر، بين الحق والباطل. القاعدة الأساسية: نحِبُّ كما يحِبُّ الله. وسيعلِّمُنا الله أن نصنع الخير فقط لأنفسنا ولغيرنا.
التوصية الثالثة: "ادخُلُوا مِنَ البَابِ الضَّيِّقِ. فَإنَّ البَابَ رَحْبٌ، وَالطَّرِيقَ المــُؤَدِّيَ إلَى الهَلَاكِ وَاسِعٌ، وَالَّذِينَ يَسلُكُونَهُ كَثِيرُونَ. مَا أَضيَقَ البَابَ وَأَحرَجَ الطَّرِيقَ المــُؤَدِّيَ إلَى الحَيَاةِ، وَالَّذِينَ يَهتَدُونَ إلَيهِ قَلِيلُونَ" (١٣-١٤). الباب الضيِّق، والطريق الوعر. هذه هي الحياة، إنها تتطلَّب جهادًا. في الواقع نحن مدعوُّون إلى أن نحيا في الوقت نقسه على الأرض وفي السماء. وهذا أمر صعب. على الأرض نفسها الصعاب كثيرة، لبناء مجتمعات بشرية، وعلاقات إنسانية، حقيقية وأخوية. لا بد لذلك من جهود وتعب كثير. لا بد من الدخول في أبواب ضيقة وسلوك طرق وعرة.
ومدعُوُّون أيضًا إلى أن نحيا في السماء، ونحن على الأرض. في السماء، أي مع الله. أمام نظره تعالى. ولنبلغ ذلك، يجب أن نرتفع فوق الأرض. ولهذا نحن نحتاج إلى نعمة الله، ونحن أيضا يجب أن نتعاون مع النعمة بجهودنا وتعبنا. لا بد من المرور بالباب الضيق وسلوك الطريق الوعر، لنسير على الأرض ناظرين إلى السماء.
ربي يسوع المسيح، أعطني أن أستقبل كل نعمة تعطيني إياها، وأن أحترم كل شيء له صلة بسمو قداستك. وأعطني أن أحب إخوتي، كما تحبهم أنت. وأعطني ألا أخاف من الباب الضيق ولا من الطريق الوعر، حتى أبقى معك، وأنا على الأرض. آمين.
الثلاثاء ٢٧/٦/٢٠٢٣ الأسبوع ١٢ من السنة/أ