من أراد أن يتبعني فليحمل صليبه ويتبعني - متى ١٠: ١٦-٢٣

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا

"فَلَا يُهِمَّكُم حِينَ يُسْلِمُونَكُم كَيفَ تَتَكَلَّمُونَ أَو مَاذَا تَقُولُونَ، فَسَيُلقَى إلَيكُم فِي تِلكَ السَّاعَةِ مَا تَتَكَلَّمُونَ بِهِ" (١٩). "وَيُبغِضُكُم جَمِيعُ النَّاسِ مِن أَجلِ اسمِي. وَالَّذِي يَثبُتُ إلَى النِّهَايَةِ فَذَاكَ الَّذِي يَخلُصُ" (٢٢

من أراد أن يتبعني فليحمل صليبه ويتبعني - متى ١٠: ١٦-٢٣

 

١٦. هاءنذا أرسلكم كالخراف بين الذئاب: فكونوا كالحيات حاذقين وكالحمام ساذجين. 

١٧. احذروا الناس، فسيسلمونكم إلى المجالس، ويجلدونكم في مجامعهم، 

١٨. وتساقون إلى الحكَّام والملوك من أجلي، لتشهدوا لديهم ولدى الوثنيين. 

١٩. فلا يُهِمَّكم حين يُسْلِمُونكم كيف تتكلَّمون أو ماذا تقولون، فسيُلقَى إليكم في تلك الساعة ما تتكلَّمون به. 

٢٠. فلستم أنتم المتكلِّمين، بل روح أبيكم يتكلَّم بلسانكم. 

٢١. سيُسْلِمُ الأخ أخاه إلى الموت، والأب ابنه، ويثور الأبناء على والديهم ويميتونهم، 

٢٢. ويبغضكم جميع الناس من أجل اسمي. والذي يثبت إلى النهاية فذاك الذي يخلص. 

٢٣. وإذا طاردوكم في مدينة فاهربوا إلى غيرها. الحق أقول لكم: لن تُنهُوا التجوال في مدن إسرائيل حتى يأتي ابن الإنسان. 

 

"وَيُبغِضُكُم جَمِيعُ النَّاسِ مِن أَجلِ اسمِي. وَالَّذِي يَثبُتُ إلَى النِّهَايَةِ فَذَاكَ الَّذِي يَخلُصُ" (٢٢). يسوع يتنبأ لتلاميذه أنهم سيلاقون الاضطهاد، من أجل اسمه. قال لنا أيضًا: من أراد أن يتبعني فليحمل صليبه ويتبعني.  ومن أراد أن يخلص، ليدخل من الباب الضيق. وسيبغضونكم كما أبغضوني. والتلميذ ليس أفضل من معلمه. والمعلم، رفضه الناس، "جاء إلى أهل بيته وأهل بيته لم يقبلوه"، وحكموا عليه بالموت.

سوف يضطهدونكم. وليس التلميذ أفضل من معلمه. واتباع المسيح يعني حمل الصليب واتباعه.

لكن يسوع الذي تألم ومات، عرف أيضًا مجد القيامة. وقال: تعالوا إليَّ أيها المتعبون وأنا أريحكم. وكل ما تتركونه في الأرض من أجل اسمي، ستنالون بدله مئة بالمئة، على الأرض هذه، وفي مجد الآب. هنا في الأرض نصيبنا ليس فقط الصعاب والآلام. بل سنجد التعزية أيضًا. وسنجد الحياة الوافرة. "فمن ثبت إلى المنتهى يخلص". الحياة المسيحية ليست كلها آلامًا. بل فيها آلام وموت، وقيامة.

لهذا لا بد من الثبات، والثقة أن أبانا الذي في السماء يسهر علينا ولا يسمح

بأن نُجَرَّبَ فوق طاقتنا. نتألم ونثبت. نتألم ونرى الله. ونستمر في السير مع إخوتنا.

        "فَلَا يُهِمَّكُم حِينَ يُسْلِمُونَكُم كَيفَ تَتَكَلَّمُونَ أَو مَاذَا تَقُولُونَ، فَسَيُلقَى إلَيكُم فِي تِلكَ السَّاعَةِ مَا تَتَكَلَّمُونَ بِهِ" (١٩). لا يُهِمَّكم شيء. الروح يهديكم، ويمنحكم القوة. ويدلكم على طرق الحياة. وهو أقوى من العالم الذي يضطهدكم.

        لستم وحدكم. حتى إذا بدا لكم أنكم خسرتم كل شيء، كلا، لم تخسروا كل شيء. ولو بدا لكم أن كل شيء صار بلا معنى، كلا، كل شيء ليس بلا معنى. الحياة لها معنى. انظروا إلى الصليب. انظروا إلى يسوع. وتذكروا أن روح الله حالٌّ فيكم. وقولوا: المسيح قام حقًّا، وتابعوا مسيرتكم، فرحين.

أنتم لستم فقط على الأرض، ولستم فقط من أجل الأرض. أنتم أيضًا في السماء مع أبيكم الذي في السماء. وعلى الأرض، لستم وحدكم. الروح فيكم يملأكم بنوره وفرحه. ستكون دائمًا صعاب في الحياة. تغلَّبوا عليها بثباتكم، واثقين بأبيكم الذي في السماء. مهما كانت الصعاب، فإن فرح الآب أعظم. وتبقى الحياة ممكنة، وبناء الأرض يبقى ممكنًا. وحياة البشر يمكن أن تبقى حياة بشر، بالرغم من ضلال البشر الكثير، لأن الله حاضر في كل خلقه، وأعزُّ خلقه هو الإنسان، وهو يمنحه دائمًا الحياة. الله لا يخذل الأرض أبدًا، ولا يخذل الناس على الأرض. إنه الأب الذي يُحِبّ. لنؤمن بحبه، ولنكن أبناء وبنات أبينا الذي في السماء، ولنحب أبانا ولنحب بعضنا بعضًا، مع كل الصلبان التي نحملها.

        ربي يسوع المسيح، أعطني القوة للثبات بالرغم من كل الصعاب. أعطني أن أعرف أنك دائمًا معي، وأني لست وحدي أبدًا. آمين.

    الجمعة ١٤/٧/٢٠٢٣                          الأسبوع ١٤ من السنة/أ