"الوَيلُ لَكِ يَا كُورَزِين!" - لوقا ١٠: ١٣-١٦
الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا
"الوَيلُ لَكِ يَا كُورَزِين! الوَيلُ لَكِ، يَا بَيتَ صَيدَا!... يَا كَفَرنَاحٌوم" (١٣ و١٥). "مَن سَمِعَ إلَيكُم سَمِعَ إلَيَّ، وَمَن أَعرَضَ عَنكُم أَعرَضَ عَنِّي، وَمَن أَعرَضَ عَنِّي أَعرَضَ عَن الَّذِي أَرسَلَنِي" (١٦).

١٣. الويل لك يا كورزين! الويل لك يا بيت صيدا! فلو جرى في صور وصيدا ما جرى فيكما من المعجزات، لأظهرتا التوبة من زمن بعيد، فلبستا المسوح وقعدتا على الرماد.
١٤. ولكن صور وصيدا سيكون مصيرهما يوم الدينونة أخف وطأة من مصيركما.
١٥. وأنت يا كفرناحوم، أتُرَاكِ تُرفَعِين إلى السماء؟ سيُهبَطُ بك إلى مثوى الأموات.
١٦. من سمع إليكم سمع إليَّ. ومن أعرض عنكم أعرض عني، ومن أعرض عني أعرض عن الذي أرسلني.
"الوَيلُ لَكِ يَا كُورَزِين! الوَيلُ لَكِ، يَا بَيتَ صَيدَا!... يَا كَفَرنَاحٌوم" (١٣ و١٥).
جاء الرب يسوع ليخلِّص لا ليدين، جاء لكي يَخلُصَ كل واحد وواحدة منا. لكنه يندِّد بشدة بالمدن التي لم تؤمن. رأَوْا ولم يرَوْا، سمعوا ولم يسمعوا، هذا ما يمكن أن يحث مع كثيرين منَّا، عندما نتعامل مع الله سبحانه. يمكن أن نرفض عطية الله، أن نجهل الله خالقنا وأبانا. قد نريد أن نكون وحدنا، من دون الله. قد نفكِّر أننا نقدر أن نحيا وحدنا، بدون الله. إذاك نضع أنفسنا تحت علامة اللعنة. يسوع الوديع والمتواضع القلب، إذا لعن المدن التي لم تؤمن، هذا يعني أنها خطئت خطيئة جسيمة، هذا يعني أنها رفضت النور ورفضت الرحمة.
لنحذر لأنفسنا، حتى لا نكون، بوعي أو بغير وعي، في مثل هذه الحالة، حالة رفض لعطية الله الآب، ورفضٍ للمغفرة والرحمة. لنَبقَ ساهرين، ليَبقَ قلبنا ساهرًا: الله معنا، يسوع معنا. يسوع الذي أحبَّنا حتى مات من أجلنا على الصليب. لنتعلَّمْ أن نعيش في سر الله، في النور وفي حب الله. لا نكُنْ أبدًا وحدنا. لا نكُنْ أبدًا لا مبالين. بل لنَكُنْ دائمًا متنبِّهين لحضور لله أبينا. لا نكُنْ وحدنا، وخصوصًا لا نضع أنفسنا في حالة رفضٍ لله. ولا نفكِّرْ أنّا نقدر أن نكفِيَ أنفسنا بأنفسنا. إناَّ لا نقدر. في كياننا أكثر من ذاتنا، في كياننا ذاتُنا وصورة الله، وأيضًا كل إخوتنا، ومحبَّتُهم، وكلُّ ما يُعطوننا، وأيضًا كل ما نعطيهم نحن، كل ما يجب أن نعطيهم: هكذا نكون بكامل كياننا، نعطي حتى نكون.
"مَن سَمِعَ إلَيكُم سَمِعَ إلَيَّ، وَمَن أَعرَضَ عَنكُم أَعرَضَ عَنِّي، وَمَن أَعرَضَ عَنِّي أَعرَضَ عَن الَّذِي أَرسَلَنِي" (١٦).
نحن نحمل كلام الله، ونحمل صورة الله، وهذا ما يجب أن نعطيه، الله وكلمته وحبه، لا كلمتنا، ولا بلاغتنا، ولا نأخذ فقط من إخوتنا، بل نعطيهم.
"مَن سَمِعَ إلَيكُم سَمِعَ إلَيَّ"، أن نكون صوت يسوع. كل ما نقول، عندما نعظ، ونعلِّم، وفي أحاديثنا، هل كلامنا هو كلام يسوع؟ هل يسمع أخي في كلامي كلام الله؟
"وَمَن أَعرَضَ عَنكُم أَعرَضَ عَنِّي". نحن ويسوع واحد. كلامه كلامنا. إلى أي حد نحقِّق فينا هذا التماهي؟ من جهة، إن كنا حقًّا صورة الله، فإننا نبلِّغُ كلام الله، والله يؤيِّدُنا، ونحن نوصِّل إلى إخوتنا الواقع الإلهي: أن نكون، وأن يكونوا، مع الله. ومن جهة أخرى، إن تصرَّفْنا مثل غرباء عن الله، عجزنا عن أن نبلِّغ كلمته إليهم، فنكون سبب حرمانهم كلمة الله، وسبب هلاكهم. ونحن مسؤولون عن خطيئتنا وخطيئة إخوتنا.
نحن مُرسَلون من قبل الله. انقبل نحن أنفسنا رسالتنا. لا نكُنْ حجر عثرة لأحد، لا نكُنْ سبب رفض عطية الله من قبل أي من إخوتنا. لنحمل رسالتنا، لنساعد إخوتنا ليبقوا دائمًا في رحمة الله. ونحن أنفسنا، لنبقَ ما نحن، صورة الله ومُرسَلين من قبل الله، نبلِّغ كلمته ورحمته وحُبَّه.
ربي يسوع المسيح، لا تسمَحْ بأن أقَعَ تحت لعنة المدن التي لم تؤمن. احمِ إخوتي، واحفظهم في رحمتك، وفي حُبِّك. وأنا إذا تكلَّمْت باسمك، أعطني أن أُبلِّغ كلمتك، لا كلامي. آمين.
الجمعة ٦/١٠/ ٢٠٢٣ الأسبوع ٢٦ من السنة/أ