أعجوبة الأرغفة الخمسة والسمكتين - يوحنا ٦: ١-١٥

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا

."فَرَفَعَ يَسُوعُ عَينَيهِ، فَرَأَى جَمعًا كَثِيرًا مُقبِلًا إلَيهِ. فَقَالَ لِفِيلِبُّس: مِن أَينَ نَشتَرِي خُبزًا لِيَأْكُلَ هَؤُلَاءِ؟ أَجَابَهُ فِيلِبُّس: لَو اشتَرَيْنَا خُبزًا بِمِائِتَيْ دِينَارٍ، لَمَا كَفَى أَن يَحصَلَ الوَاحِدُ مِنهُم عَلَى كِسرَةٍ صَغِيرَةٍ. وَقَالَ لَهُ أَحَدُ تَلَامِيذِهِ، أندرَاوُس أخُو سِمعَانَ بُطرُس: هَهُنَا صَبِيٌّ مَعَهُ خَمسَةُ أَرغِفَةٍ مِن شَعِيرٍ وَسَمَكَتَانِ، وَلكِن مَا هَذَا لِمِثلِ هَذَا العَدَدِ الكَبِيرِ؟ فَقَالَ يَسُوع: أَقعِدُوا النَّاسَ" (٥و٧-١٠).

أعجوبة الأرغفة الخمسة والسمكتين - يوحنا ٦: ١-١٥

 

١. وعبر يسوع بعد ذلك بحر الجليل (أي بحيرة طبرية).

٢. فتبعه جمع كثير، لما رأوا من الآيات التي أجراها على المرضى.

٣. فصعد يسوع الجبل وجلس مع تلاميذه.

٤. وكان قد اقترب الفصح، عيد اليهود.

٥. فرفع يسوع عينيه، فرأى جمعًا كثيرًا مُقبِلًا إليه. فقال لفيلبس: من أين نشتري خبزًا ليأكل هؤلاء

٦. وإنما قال هذا ليمتحنه، لأنه كان يعلم ما سيصنع.

٧. أجابه فيلبس: لو اشترينا خبزًا بمائتي دينار، لما كفى أن يحصل الواحد منهم على كسرة صغيرة. 

٨. وقال له أحد تلاميذه، أندراوس أخو سمعان بطرس:

٩. ههنا صبِيٌّ معه خمسة أرغفة من شعير وسمكتان، ولكن ما هذا لمثل هذا العدد الكبير؟ 

١٠. فقال يسوع: أقعدوا الناس. وكان هناك عشب كثير. فقعد الرجال، وكان عددهم نحو خمسة آلاف. 

١١. فأخذ يسوع الأرغفة وشكر، ثم وزَّع منها على الآكلين، وفعل مثل ذلك بالسمكَتَيْن، على قدر ما أرادوا. 

١٢. فلما شبعوا قال لتلاميذه: اجمعوا ما فضل من الكسر لئَلّا يضيع شيء منها. 

١٣. فجمعوها وملأوا اثنتَيْ عشَرَةَ قفة من الكسر التي فضلت عن الآكلين من خمسة أرغفة الشعير. 

١٤. فلما رأى الناس الآية التي أتى بها يسوع، قالوا: حقًّا، هذا هو النبِيُّ الآتي إلى العالم. 

١٥. وعلم يسوع أنهم يهُمُّون باختطافه ليقيموه ملِكًا، فانصرف وعاد وحده إلى الجبل.

 

."فَرَفَعَ يَسُوعُ عَينَيهِ، فَرَأَى جَمعًا كَثِيرًا مُقبِلًا إلَيهِ. فَقَالَ لِفِيلِبُّس: مِن أَينَ نَشتَرِي خُبزًا لِيَأْكُلَ هَؤُلَاءِ؟ أَجَابَهُ فِيلِبُّس: لَو اشتَرَيْنَا خُبزًا بِمِائِتَيْ دِينَارٍ، لَمَا كَفَى أَن يَحصَلَ الوَاحِدُ مِنهُم عَلَى كِسرَةٍ صَغِيرَةٍ. وَقَالَ لَهُ أَحَدُ تَلَامِيذِهِ، أندرَاوُس أخُو سِمعَانَ بُطرُس: هَهُنَا صَبِيٌّ مَعَهُ خَمسَةُ أَرغِفَةٍ مِن شَعِيرٍ وَسَمَكَتَانِ، وَلكِن مَا هَذَا لِمِثلِ هَذَا العَدَدِ الكَبِيرِ؟ فَقَالَ يَسُوع: أَقعِدُوا النَّاسَ" (٥و٧-١٠).

        التلاميذ لا يعرفون ماذا يفعلون. إنهم يشُكُّون. لكنهم أطاعوا يسوع، من غير أن يفهموا. نسير مع الله، والعيون مغلقة، على الإيمان. نحن لا نرى، لكن الله يرى. الجموع جائعة. أشفق عليها يسوع. وصنع المعجزة ليطعمها. حبُّ الله ليس له حدود. حب الله يتجاوز الإمكانات البشرية، والعقل البشري أيضًا. للعقل البشري، لا يوجد خبز، وهناك أناس جائعون. هذا الواقع، وكفى. حَلَّتْ مصائب، وهناك ضحايا. هناك أناس يموتون. هذا الواقع. وبعد ذلك لا شيء. واقع، وقضاء وقدر. والألم عبث لا فائدة منه.

لكن الله يرى غير ذلك. لله، لا يوجد قضاء وقدر. حبه هو الوجود. هو يرى شيئًا بعد الألم. هو نفسه تألم وحوَّلَ الألم. الألم طريق إلى الحياة، وإلى لقاء الله. هناك دائمًا أمل. الجموع جائعة. عناية الله ساهرة. وحبُّه ساهر. إن أُغلِقَت جميع الأبواب، لله، محِبّ البشر، كل الأبواب تبقى مفتوحة على الحياة.

لهذا يطيع المؤمن، ولو أن العقل أحيانًا لا يفهم. لكن العقل السليم يعرف أن الله أب، محِبٌّ، صالح وقدير. وحبُّه يعمل دائمًا ويتجاوز كل العقبات. لي، ولك، توجد عقبات. لله لا توجد عقبات. لهذا أُغمِض عينيَّ، وأُمسِك بيد أبي، وأستمر في المسير. وأومن بما قاله القديس بولس: لست أنا الذي أحيا بل المسيح هو الحيُّ فيَّ. أنا أعمى لكن الله يمسك بيدي. أعمى، لكني أعرف أني لست أنا الذي أحيا، بل المسيح حيٌّ فيَّ.

كانت الجموع جائعة. وكانت هناك خمسة أرغفة وسمكتان، بالعدد. ويسوع تجاوز ما هو مستحيل في أعين الناس. أمر رسله قال: "أقعدوا الناس". وأطاعوا من غير أن يفهموا، من غير أن يعرفوا ماذا سيحدث. التلميذ، وأنا تلميذ، يُعِدُّ ما يلزم لقبول عطية الله، وحبِّه. ويسوع لم يقل للتلاميذ: قولوا للناس أن يقعدوا، بل قال: أقعدوهم أنتم. التلميذ عليه أن يعلن الكلمة، أن يتكلم، نعم، لكن عليه أيضًا أكثر من ذلك، يجب أن يأخذ الناس بيدهم، ويرشدهم، ويقعدهم في المكان المناسب حيث يقدرون أن يروا عطايا الله. التلميذ يؤمن، ويسير مع يسوع من دون أن يفهم كل شيء، ويحِبّ الناس، ويُعِدُّهم ليستقبلوا. لأن الله يعطي للجميع، لكن البعض لا يعرفون أن يأخذوا. يجب تعليمهم كيف يأخذون ما يعطيه الله. لهذا، نحن أيضًا، يجب أن نعرف كيف نأخذ. لهذا قال يسوع: اسهروا وصلوا. حتى تروا الله، حتى تسمعوه إذا تكلم، وتعرفوا أن تأخذوا منه إذا أعطى.  ويجب أن نعلِّم الناس أيضًا كيف يأخذون من الله، كيف يرون محبته، وكيف يشكرون، ويطلبون النور لمتابعة السير مع الله.

ربي يسوع المسيح، علِّمْني أن آخذ ما تعطيني. وأعطني أن أعلَّم إخوتي أيضًا كيف يستقبلون ويأخذون عطاياك، وكيف يبقون سائرين في نورك. آمين.

الجمعة ٢١ /٤/٢٠٢٣