الصلاة والصوم، معًا، والصدقة- متى ٦: ٧-١٥

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس

٧وإِذا صَلَّيْتُم فلا تُكَرِّروا الكَلامَ عَبَثًا مِثْلَ الوَثَنِيِّين، فهُم يَظُنُّونَ أَنَّهُم إِذا أَكثَروا الكَلامَ يُستَجابُ لهُم. ٨فلا تَتَشَبَّهوا بِهِم، لِأَنَّ أَباكُم يَعلَمُ ما تَحتاجونَ إِلَيه قَبلَ أَن تَسأَلوه. فَصَلُّوا أَنتُم هٰذِه الصَّلاة: أَبانا الَّذي في السَّمَوات، لِيُقَدَّسِ اسمُكَ، ١٠لِيَأتِ مَلَكوتُكَ، لِيَكُنْ ما تَشاء، في الأَرْضِ كما في السَّماء ١١أُرْزُقْنا اليومَ خُبْزَ يَومِنا. ١٢وأَعْفِنا مِمَّا علَينا، فَقَد أَعْفَينا نَحْنُ أَيْضًا مَن لنا عَلَيه ١٣ولا تترُكْنا نَتَعَرَّضُ لِلتَّجرِبة بل نَجِّنا مِنَ الشِّرِّير. ١٤فإِن تَغفِروا لِلنَّاسِ زَلَّاتِهِم يَغْفِرْ لكُم أَبوكُمُ السَّماويّ، ١٥وإِن لَم تَغفِروا لِلنَّاسِ لا يَغْفِرْ لكُم أَبوكُم زَلَّاتِكم.

الصلاة والصوم، معًا، والصدقة-  متى ٦: ٧-١٥

الحرب. السنة الثانية – يوم ١٥٣ – (وقف إطلاق النار في غزة) (واشتدت الاعتداءات على الناس في الضفة الغربية).

"قَدْ عَلِمتُ أَنَّ الرَّبَّ يُجْري الحُكْمَ لِلبائسين، والقَضاءَ لِلمَساكين. أَجَل، الأَبرارُ يَحمَدونَ اسمَكَ، والمـُستَقيمونَ يُقيمونَ أَمامَكَ" (مزمور ١٤٠: ١٣-١٤).

ارحمنا، يا رب. ما زلنا نواجه التهديد بالرجوع إلى الحرب. "أقوياء" هذا العالم يريدون الرجوع إلى الحرب. أفكارهم أفكار موت. والمعذَّبُون في الأرض ما زالوا يُعَذَّبُون. المشرَّدون في برد الشتاء، من غير مأوى. والأسرى. والبيوت المدمرة. والصغار يطلبون خبزًا ولا مَن يعطيهم الخبز. والإنسان يستقوي على الإنسان... "قَدْ عَلِمتُ أَنَّ الرَّبَّ يُجْري الحُكْمَ لِلبائسين، والقَضاءَ لِلمَساكين". عَلِمْنا، يا رب، وآمنَّا، ووضَعْنا فيك رجاءنا. ارحمنا، يا رب. أنت ترى، أنت أبونا الجزيل الرحمة. ارحمنا، يا رب.

إنجيل اليوم.

"أَبانا الَّذي في السَّمَوات، لِيُقَدَّسِ اسمُكَ، لِيَأتِ مَلَكوتُكَ، لِيَكُنْ ما تَشاء، في الأَرْضِ كما في السَّماء أُرْزُقْنا اليومَ خُبْزَ يَومِنا" (٩-١١).

الصلاة والصوم، معًا، والصدقة. كيف نصلي؟ قال لنا يسوع: "وإِذا صَلَّيْتُم فلا تُكَرِّروا الكَلامَ عَبَثًا مِثْلَ الوَثَنِيِّين، فهُم يَظُنُّونَ أَنَّهُم إِذا أَكثَروا الكَلامَ يُستَجابُ لهُم. ٨فلا تَتَشَبَّهوا بِهِم" (٧).  تلاوات كثيرة، وطقوس، وصلوات يومية...؟ صلواتنا اليومية هي وقت حضور واعٍ أمام الله، وقت سجود، وليس وقت "تلاوات" فقط. يريد الله عبَّادًا بالروح والحق. لِنَضَعْ الحقيقة في صلواتنا اليومية. نصلي ونرى الله وإخوتنا، جميعًا.

علَّمَنا يسوع أن نصلي، علَّمَنا الصلاة الربية. نقول فيها ما هو الأهم، ونتأمل في علاقتنا بالله. نحضر أمام الله أبينا، ونضع أمامه كل أحداث حياتنا اليومية، نروي له كل ما نعيشه، ببساطة، مثل الابن الصغير الذي يكلم أباه. الله أبونا يحِبُّ أن يسمع أبناءه الصغار.

وبالإضافة إلى صلواتنا اليومية، نصلي في كل حادثة لنا في حياتنا، بسيطة أو خطيرة، فرح أو حزن، حرب أو سلم. نرى الله في كل شيء ونقول له ببساطة: لتكن مشيئتك، يا رب، في كل ما يحدث لي، وفي كل ما يحدث في مجتمعي. لتكن مشيئتك لي، ولكل إخوتي، في هذه الحرب التي طالت وكثر الموت والشقاء فيها.

نصلي ونطلب خبزنا اليومي، ونطلب سلامنا اليومي، لنا وللعالم كله. ونطلب مغفرة خطايانا، ونستغفر لكل إخوتنا.

صلاتنا حياة مع الله، وهي أيضًا رؤية كل إخوتنا في نور الله. نصلي أعني نحب كل إخوتنا بمثل حب الله لهم. نصلي يعني أن نتفقد إخوتنا، ونمُدَّ يد المساعدة لهم. نصلي فنذهب إلى الله مع إخوتنا.

نصلي صلواتنا اليومية، ونبقى يومَنَا كلَّه في حالة صلاة، نقول: لتكن مشيئتك، يا رب، ارحمني وارحم إخوتي، هنا، في هذه الرعية، في هذا البلد، وفي العالم كله. نصلي يعني أن نحب بمثل حب الله لكل خليقته.

ربي يسوع المسيح، علَّمْتَنا أن نصلي. أعطني أن أتعلَّم، أن أصغي إلى ما تقول لي. أعطني أن أجعل يومي كله، نشاطاتي كلها، كل ما يحدث لي، حضورًا أمامك. فأبقى في محبتك ومحبة إخوتي. آمين.

الثلاثاء ١١/٣/٢٠٢٥                         بعد الأحد الأول من الصوم - السنة/ج