الحياة هي أن تبقى ما أنت - لوقا ١٢: ١٣-٢١
الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا
"ثُمَّ ضَرَبَ لَهُم مَثَلًا قَالَ: رَجُلٌ غَنِيٌّ أَخصَبَتْ أَرضُهُ، فَقَالَ فِي نَفسِهِ: مَاذَا أَعمَلُ؟ ... أَهدِمُ أَهرَائِي وَأَبنِي أَكبَرَ مِنهَا، فَأَخزِنُ فِيهَا جَمِيعَ قَمحِي وَأَرزَاقِي. وَأَقُولُ لِنَفسِي: يَا نَفسِ، لَكَ أَرزَاقٌ وَافِرَةٌ تَكفِيكَ مَؤُونَةَ سِنِينَ كَثِيرَةٍ، فَاستَرِيحِي وَكُلِي وَاشرَبِي وَتَنَعَّمِي. فَقَالَ لَهُ الله: يَا غَبِيّ، فِي هَذِهِ اللَيلَةِ تُستَرَدُّ نَفسُكَ مِنكَ، فَلِمَن يَكُونُ مَا أَعدَدْتَهُ؟ " (١٦-٢٠).
١٣. فقال له رجل من الجمع: يا معلِّم، مُرْ أخي بأن يقاسمني الميراث.
١٤. فقال له: يا رجل، من أقامني عليكم قاضيًا أو قسَّامًا؟
١٥. ثم قال لهم: تبصَّروا واحذروا كل طمع، لأن حياة المرء، وإن اغتنى، لا تأتيه من أمواله.
١٦. ثم ضرب لهم مثلًا قال: رجل غني أخصبت أرضه،
١٧. فقال في نفسه: ماذا أعمل؟ فليس لي ما أخزن فيه غلالي.
١٨. ثم قال: أعمل هذا: أهدم أهرائي وأبني أكبر منها، فأخزن فيها جميع قمحي وأرزاقي.
١٩. وأقول لنفسي: يا نفس، لك أرزاق وافرة تكفيك مؤونة سنين كثيرة، فاستريحي وكلي واشربي وتنعَّمي.
٢٠. فقال له الله: يا غبِيّ، في هذه الليلة تُستَرَدُّ نفسك منك، فلمن يكون ما أعدَدْتَه؟
٢١. فهكذا يكون مصير من يكنز لنفسه ولا يغتني عند الله.
الحرب. اليوم ١٦.
اللهم، ما زلنا في الحرب. أنت ترى الدمار والبيوت المهدَّمة، والجموع الهائمة على الطرق. وترى أيضًا الكراهية التي تزداد في القلوب. وترى الإنسان الذي يبتعد عنك، أنت الخالقَ ومُحِبَّ البشر. إنهم لا يعرفون المحبة. يعرفون فقط الانتقام والكراهية. وأطفال أيضًا يُقتَلون. أبرياء لا يعرفون الكراهية يُضَحَّى بهم. كما حدث في زمنك مع أطفال بيت لحم. والآن يُقتَلُون مع والديهم. انظر يا رب، وارحم. أنت ترى، وتعلم، وتُحِبُّنا بالرغم من خطايانا، بالرغم من الحرب والكراهية التي تحِلُّ محلَّ المحبّة. اللهم، يا محِبَّ البشر، اغفر وارحم. وبدِّلْ القلوب. بَدِّلْ الحرب بالسلام، بدِّل الكراهية بالمحبة. اللهم، أنت القدير، والرحيم، ارحمنا.
إنجيل الأحد.
"فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الجَمعِ: يَا مُعَلِّم، مُرْ أَخِي بِأَن يُقَاسِمَنِي المـِيرَاثَ. فَقَالَ لَهُ يسوع: يَا رَجُل، مَن أَقَامَنِي عَلَيكُم قَاضِيًا أَو قَسَّامًا؟" (١٣-١٤).
قد ينطبق الإنجيل اليوم على الحرب التي نحن فيها. " يَا مُعَلِّم، مُرْ أَخِي بِأَن يُقَاسِمَنِي المـِيرَاثَ". يسوع لم يُجِبْ. لكنه علَّمَ. أجاب من قبل. أعطى المبادئ لحل الخصومات. أعطى وصية المحبة التي تحل كل الخصومات. أما إن نسينا ما علَّمَنا يسوع، إن نسينا ما هي المحبة، وإن صار المال هو السيّد، فنحن نفقد كل مقدرة على الحل. ونصنع الحرب.
. "ثُمَّ قَالَ لَهُم: تَبَصَّرُوا وَاحذَرُوا كُلَّ طَمَعٍ، لِأَنَّ حَيَاةَ المـَرءِ، وَإنِ اغتَنَى، لَا تَأْتِيهِ مِن أَموَالِهِ" (١٥). احذروا كل طمع بُفقِدُكُم البصر، يَحمِلُكم على إنكار أخيكم، وحرمانه من حصته في الميراث. وقال يسوع أيضًا في مكان آخر: لا تستطيعون أن تعبدوا سيدَيْن، الله والمال. المال، إذا صار سيِّدًا، فهو سيِّدٌ شرِّير، يقودنا إلى ظلم أخينا، وإلى حرمانه حقَّه، وإلى أن نفقد الأخُوَّة بيننا، وإلى أن نفقد الله، خالقنا وأبانا.
وللتذكير، الله صنع كل شيء حسنًا، حتى المال، لكن على شرط ألا نجعل منه صنمًا نذبح له أخانا.
يسوع يعلِّمُنا: "لِأَنَّ حَيَاةَ المـَرءِ، وَإنِ اغتَنَى، لَا تَأْتِيهِ مِن أَموَالِهِ". إن حياة الإنسان، إن مقدرته على أن يُحِبّ الله وإخوته، لا تتوقف على ما يملك، لكن على ما هو، وعلى الطريقة التي يستعمل بها ما يملك.
ثم أضاف يسوع المثل:
"ثُمَّ ضَرَبَ لَهُم مَثَلًا قَالَ: رَجُلٌ غَنِيٌّ أَخصَبَتْ أَرضُهُ، فَقَالَ فِي نَفسِهِ: مَاذَا أَعمَلُ؟ ... أَهدِمُ أَهرَائِي وَأَبنِي أَكبَرَ مِنهَا، فَأَخزِنُ فِيهَا جَمِيعَ قَمحِي وَأَرزَاقِي. وَأَقُولُ لِنَفسِي: يَا نَفسِ، لَكَ أَرزَاقٌ وَافِرَةٌ تَكفِيكَ مَؤُونَةَ سِنِينَ كَثِيرَةٍ، فَاستَرِيحِي وَكُلِي وَاشرَبِي وَتَنَعَّمِي. فَقَالَ لَهُ الله: يَا غَبِيّ، فِي هَذِهِ اللَيلَةِ تُستَرَدُّ نَفسُكَ مِنكَ، فَلِمَن يَكُونُ مَا أَعدَدْتَهُ؟ " (١٦-٢٠).
الأموال المتراكمة لا تصنع إنسانًا، ولا تكفيه. ويومًا، سوف يترك كل شيء، وغيره يرثه. فالحياة ليست بأن تقول: "يا نفسي، استَرِيحِي وَكُلِي وَاشرَبِي وَتَنَعَّمِي". الحياة هي أن تبقى ما أنت، حاضرًا أمام الله خالقك وأبيك، وأن تشارك إخوتك في ما أعطاك الله. إذا وَفُرَت أموالك، لا تنسَ من أنت، ولا تنسَ الله، ولا تنسَ إخوتك.
ربي يسوع المسيح، علَّمْتَنا. أعطِنا أن نتعلَّم، أن نسمع وأن نبقى كما خلَقْتَنا، على صورتك، نحيا الحياة الوافرة معك، ومع إخوتنا. آمين.
الاثنين ٢٣/١٠/ ٢٠٢٣ بعد الأحد ٢٩ من السنة/أ








