الأسبوع ٢٩ من السنة/ج لوقا ١٢: ٣٩-٤٨

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس الأسبق للاتين

الأسبوع ٢٩ من السنة/ج لوقا ١٢: ٣٩-٤٨

 

٣٩. وأنتم تعلمون أنه لو عرف رب البيت في أية ساعة يأتي السارق لم يدع بيته ينقب. 

٤٠. فكونوا أنتم أيضا مستعدين، ففي الساعة التي لا تتوقعونها يأتي ابن الإنسان. 

٤١. فقال بطرس: يا رب، ألنا تضرب هذا المثل أم للناس جميعا؟ 

٤٢. فقال الرب: من تراه الوكيل الأمين العاقل الذي يقيمه سيده على خدمه ليعطيهم وجبتهم من الطعام في وقتها؟

٤٣. طوبى لذلك الخادم الذي إذا جاء سيده وجده منصرفا إلى عمله هذا. 

٤٤. الحق أقول لكم إنه يقيمه على جميع أمواله. 

٤٥. ولكن إذا قال ذلك الخادم في قلبه: إن سيدي يبطئ في مجيئه، وأخذ يضرب الخدم والخادمات، ويأكل ويشرب ويسكر، 

٤٦. فيأتي سيد ذلك الخادم في يوم لا يتوقعه وساعة لا يعلمها، فيفصله ويجزيه جزاء الكافرين. 

٤٧. فذاك الخادم الذي علم مشيئة سيده وما أعد شيئا، ولا عمل بمشيئة سيده، يضرب ضربا كثيرا. 

٤٨. وأما الذي لم يعلمها، وعمل ما يستوجب به الضرب، فيضرب ضربا قليلا. ومن أعطي كثيرا يطلب منه الكثير.

 

"فَكُونُوا أَنتُم أَيضًا مُستَعِدِّينَ، فَفِي السَّاعَةِ الَّتِي لَا تَتَوَقَّعُونَهَا يَأْتِي ابنُ الإنسَانِ" (٤٠). 

كونوا مستعدين. لماذا؟ ولمن؟ لماذا؟ لتعرفوا أنفسكم، وفي أية حالة أنتم، وماذا يطلب الله منكم في كل لحظة؟ لأنه يريد أن تصنعوا إرادته في كل لحظة، عندما يمنحكم الله أن تكونوا من الصالحين، وعندما تبتعدون فتنسَوْن الله وكل إخوتكم، وأنتم عالمون أو غير عالمين. في كل لحظة كونوا مستعدين، حتى إذا ما ابتعدتم عن الله، وعن أنفسكم، ونسيتم أنكم خُلِقْتم على صورة لله، تقدروا أن تتوبوا، وتعودوا إلى أنفسكم وإلى الله، وتكونوا دائمًا بحسب ما يريدكم الله أن تكونوا.

ومستعدون لمن؟ لنرى الله سبحانه في كل لحظة، لنسمع صوته في كل لحظة، لنعلم ماذا يريد منا في كل لحظة، ولنرى إخوتنا في كل لحظة، لنرى كل آلامهم، في السلام والحرب، في استقرارهم في بيوتهم وعندما تُدمَّر بيوتهم، في الصحة والمرض، في الحرية أو في الأسر، عندما يحتاجون، ولا أحد يبالي بهم.

ثم كونوا مستعدين للحظة الأخيرة، فأنتم لا تعرفون متى تكون؟ اليوم، الآن، ام غدًا، أم بعد غد؟ كونوا مستعدين للقاء الله بعد هذه الحياة، لتعرفوا أن تختاروا الأبدية، بعد كمال حياتكم في هذه الأرض.

المؤمن يعيش في النور، في الوعي، في الانتظار، فيرى الله ويرى جميع إخوته الناس. ويدخل الأبدية في النور.

"قَالَ بُطرُس: يَا رَبّ، أَلَنَا تَضرِبُ هَذَا المـَثَلَ أَم لِلنَّاسِ جَمِيعًا؟" (٤١). 

ألنا تقول هذا الكلام؟ أم لغيرنا؟ ألسنا نحن أفضل من غيرنا، لكوننا معك؟ لأننا مؤمنون؟ ألسنا أفضل من غيرنا؟ أجاب يسوع بتتمة المثل نفسه، ليفهمَ بطرس وجميع التلاميذ معه، وأجيال المؤمنين من بعده: نحن لسنا أفضل من غيرنا. نحن معرَّضون مثل غيرنا لكل ضعف وخطيئة، وبحاجة إلى سهر ووعي واجتهاد، وصلاة، حتى نرى الله ونرى جميع إخوتنا، حتى نُصلِحَ أنفسنا إن خطِئْنا، ونأخذَ بيد إخوتنا إن ضَعُفوا، ولا نستعلي على أحد، بل نعرف أننا في الحاجة نفسها للسهر والاجتهاد والتواضع أمام الله، ولنبقى ساهرين عالمين بما يجب أن نعلم.

قال بسوع لبطرس، وللرسل، وللأجيال المؤمنين من بعده، أعني لنا نحن أيضًا:

"ذَاكَ الخَادِمُ الَّذِي عَلِمَ مَشِيئَةَ سَيِّدِهِ وَمَا أَعَدَّ شَيئًا، وَلَا عَمِلَ بِمَشِيئَةِ سَيِّدِهِ، يُضرَبُ ضَربًا كَثِيرًا. وَأَمَّا الَّذِي لَم يَعلَمْهَا، وَعَمِلَ مَا يَستَوجِبُ بِهِ الضَّربَ، فَيُضرَبُ ضَربًا قَلِيلًا. وَمَن أُعطِيَ كَثِيرًا يُطلَبُ مِنهُ الكَثِيرُ" (٤٧-٤٨). 

كلنا نعاقب إن "نعسنا ونمنا" ولم نقم بواجبنا، والمؤمنون يعاقبون أكثر من الذين لا يؤمنون. لسنا أفضل من غيرنا في أي شيء. كلنا سواء في حب الله لنا، وكلنا سواء إن خطئنا، بل إن خطئ المؤمن فعقابه أعظم.

ربي يسوع المسيح، أعطني أن أكون دائمًا مستعدًّا ساهرًا لرؤيتك وسماعك كلما كلَّمْتَني، وأعطني أن أعرف مسؤوليتي لأنك منحتني أن أومن، فأبقى أمينا لما وهَبْتني إياه، وأبقى في نورك. آمين.

الأربعاء ١٩/١٠/٢٠٢٢