يسوع يشفي مريضًا - مرقس ٣: ١- ٦

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس

١ودَخَلَ ثانيَةً بَعضَ المــَجامِع وكانَ فيه رَجُلٌ يَدُه شَلَّاء. ٢وكانوا يُراقِبونَه لِيَرَوا هَل يَشفيهِ في السَّبْت ومُرادُهم أَن يَشكوه. ٣فقالَ لِلرَّجُلِ ذي اليَدِ الشَّلَّاء: «قُمْ في وَسْطِ الجَماعة». ٤ثُمَّ قالَ لهم: «أَعَمَلُ الخَيرِ يَحِلُّ في السَّبتِ أَم عَمَلُ الشَّرّ؟ أَتَخليصُ نَفْسٍ أَم قَتْلُها؟» فظَلُّوا صامِتين. ٥فأَجالَ طَرْفَه فيهِم مُغضَبًا مُغتَمًّا لِقَساوةِ قُلوبِهم، ثُمَّ قالَ لِلرَّجُل: «امدُدْ يَدَك». فمَدَّها فعادَت يَدُه صَحيحَة. ٦فخَرَجَ الفِرِّيسيُّونَ وتآمَروا علَيه لِوَقْتِهم معَ الهِيرودُسِيِّينَ لِيُهلِكوه".

يسوع يشفي مريضًا - مرقس ٣: ١- ٦

الحرب. السنة الثانية – يوم ١٠٨ – (وقف إطلاق النار).

"انظُرْ واستَجِبْ لي أَيُّها الرَّبُّ إِلٰهي، وأَنِرْ عَينَيَّ لِئَلَّا أَنامَ نَومةَ المَوت، فيَقولَ عَدُوِّي: «علَيه قَويتُ، ويبتَهَجُ مُضايِقِيَّ لأَنِّي تَزَعزَعتُ" (مزمور ١٣: ٤-٥).

ارحمنا، يا رب. "انظُرْ واستَجِبْ لي أَيُّها الرَّبُّ إِلٰهي، وأَنِرْ عَينَيْ" جميع المسؤولين عن الحرب. نجِّنا، يا رب، من الويلات القادمة. لا يقل الموت: إني انتصرت. اجعل، يا رب، وقف إطلاق النار دائمًا، وأرجع الحياة إلى غزة. ثم في كل الضفة الحرب مستمرة، القتل مستمر، وتوقيف الأسرى... أنت وحدك تقدر أن تنجِّيَنا، يا رب. ارحمنا، يا رب.

إنجيل اليوم.

إنجيل اليوم أيضًا يتكلم على مخالفة السبت. يسوع يشفي مريضًا. والمنتقدون يراقبونه ليشكوه. ومنطق يسوع هو: «أَعَمَلُ الخَيرِ يَحِلُّ في السَّبتِ أَم عَمَلُ الشَّرّ؟ أَتَخليصُ نَفْسٍ أَم قَتْلُها؟». والمنتقدون لا يهمهم خير أو شر، بل التطبيق الحرفي لشريعة السبت.

شفاء مريض هو عمل خير. في كل وقت، والمؤمن مدعُوٌّ إلى أن يشفي كل مرض وعلة. شفاء مريض هو تمجيد لله، هو محبة للقريب، هو محبة لله. عمل الخير وشفاء مريض لا يمكن أن يكون مخالفة لشريعة الله. بالعكس، المحبة هي تتمة لكل الشرائع.

"ودَخَلَ ثانيَةً بَعضَ المــَجامِع وكانَ فيه رَجُلٌ يَدُه شَلَّاء. ... فأَجالَ طَرْفَه فيهِم مُغضَبًا مُغتَمًّا لِقَساوةِ قُلوبِهم، ثُمَّ قالَ لِلرَّجُل: «امدُدْ يَدَك». فمَدَّها فعادَت يَدُه صَحيحَة. فخَرَجَ الفِرِّيسيُّونَ وتآمَروا علَيه لِوَقْتِهم معَ الهِيرودُسِيِّينَ لِيُهلِكوه"

اتهام يسوع، كلمة الله. طبعًا لم يكونوا يعرفون من هو يسوع، لكنهم يعرفون أن عمل الخير هو عمل صالح، يجوز عمله بل يجب عمله.

اتهام الغير، التشكي من الله سبحانه، وعدم رؤية الخير. هل يحدث هذا معي أيضًا؟ إنّا لا نرى ما يراه الله. في العالم شرور كثيرة أكثر مما نقدر أن نحمل أو نفهم. لا نفهم لماذا يسمح الله بها؟ وقد نفشل في حياتنا، والحرب في حياتنا متواصلة، ولا نفهم لماذا يسمح الله بها.

يجب أن نقبل أنفسنا "خليقة"، ونؤمن بالله خالقنا. وإن لم نفهم نحن، الله خالقنا وأبونا يعرف ويرى كل ما يحدث. ونحن أكيدون من أمر واحد: أن الله صالح رحيم مُحِبٌّ للبشر.

حياتنا ليست فقط الشر الذي نعيش معه. وليست فقط الحرب التي نعيشها. بل هي كل الحياة، وكل الصلاح الذي يصنعه الناس، هي كل الحياة التي أحياها، بيسرها وعسرها، هي كل نِعَمِ الله عليَّ.

الشر؟ سر في حياتنا. هو ثمرة الخطيئة، هو ثمرة حرية الإنسان الذي يضعف. الآلام كثيرة؟ إنها جزء من حياة الإنسان. لماذا؟ هذا سر. يسوع كلمة الله لم يُلغِ الألم، بل هو نفسه تألم. وجعل منه وسيلة فداء وحياة جديدة.

هل نتَّهم؟ هل نشكو إلى ربنا وخالقنا؟ كلا. " مَن أَنتَ أَيُّها الإِنسانُ حتَّى تَعتَرِضَ على الله؟ أَيَقولُ الصُّنْعُ لِلصَّانِع: لِمَ صَنَعتَني هٰكذا؟" (روما ٩: ٢٠).

تلميذ يسوع المسيح يعرف يسوع المسيح. إنه يعرف نفسه، خليقة، لكن الله أهَّلَه ليحيا الحياة الوافرة، بالروح القدس الذي يفيضه فينا (راجع روما ٥:٥).

فيسعى لمقاومة الشر، حتى الحرب، ويعمل كل ما يستطيع، بالقوة التي يمنحها إياها الروح، ويجد استقراره في سر الله، وفي محبته ورحمته.

ربي يسوع المسيح، المنتقدون في زمنك رفضوا أن يروا الخير الذي جئت تصنعه. أعطني أن أرى وأن أقبلك في كل ظروف حياتي، السهلة والصعبة، وفي السلم والحرب. أعطني أن أرى الخير الذي تعطيني إياه. أعطني أن أعمل الخير، حتى حين لا أفهم شر الحرب التي نعيشها. آمين.

الأربعاء ٢٢/١/٢٠٢٥                الأحد الثاني من السنة/ب