يا رَبّ، لَستُ أَهْلًا لِأَن تَدخُلَ تَحتَ سَقفِي - متى ٨: ٥-١١

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس

زمن سلام جديد؟ هل انتهت الحرب القديمة؟ ٧٣٤ يوم حرب، ابتداء من ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ وحتى يوم الخميس ٩/١٠/٢٠٢٥ لما وقعوا على اتفاقية سلام. هل نبدأ نعُدُّ أيام السلام؟ "الرَّبُّ يُسانِدُ جَميعَ السَّاقِطين، ويُنهِضُ كُلَّ الرَّازِحين" (مزمور ١٤٥: ١٤). ارحمنا، يا رب. في غزة، يا رب، وفي الضفة، كل شيء سقط. لا أمن ولا أمان للناس. البيوت تُهدَم. والرجال والنساء يوقفون ويلقون في السجون للتعذيب. الأولاد مُرعَبون. .. كلهم تحت سيطرة الموت. أنهِض، يا رب، كل الرازحين، المعذَّبين، ضحايا الكراهية والاحتقار. وكلهم رجال ونساء على صورتك. أسرع، يا رب، تعال، ونجنا من الشرير. ارحمنا، يا رب.

يا رَبّ، لَستُ أَهْلًا لِأَن تَدخُلَ تَحتَ سَقفِي - متى ٨: ٥-١١

إنجيل اليوم

         "ودخَلَ كَفَرْناحوم، فدَنا مِنه قائِدُ مائةٍ يَتَوَسَّلُ إِلَيه فيَقول: «يا رَبّ، إِنَّ خادِمي مُلقًى على الفِراشِ في بَيْتي مُقعَدًا يُعاني أَشَدَّ الآلام». فقال لَه: «أَأَذْهَبُ أَنا لِأَشْفِيَه؟». فأَجابَ قائدُ المائة: «يا رَبّ، لَستُ أَهْلًا لِأَن تَدخُلَ تَحتَ سَقفِي، ولٰكِن يَكْفِي أَن تَقولَ كَلِمَةً فيَبرَأَ خادِمي. فأَنا مَرؤُوسٌ ولي جُندٌ بِإِمرَتي، أَقولُ لِهٰذا: اذهَبْ! فيَذهَب، ولِلآخَر: تَعالَ! فيأتي، ولِخادِمي: افعَلْ هٰذا! فيَفعَلُه». فلَمَّا سَمِعَ يسوعُ كَلامَه، أُعْجِبَ بِه وقالَ لِلَّذينَ يَتبَعونَه: «الحَقَّ أَقولُ لَكم: لَم أَجِدْ مِثْلَ هٰذا الإِيمانِ في أَحَدٍ مِن إِسرائيل. أَقولُ لَكم: سَوفَ يَأتي أُناسٌ كَثيرونَ مِنَ المَشرِقِ والمَغرِب، فَيُجالِسونَ إِبراهيمَ وَإِسحٰقَ ويَعقوب على المائِدةِ في مَلَكوتِ السَّمَوات" (٥-١١).

            نحن في الأحد الأول من المجيء، السنة/أ. نقرأ إنجيل القديس متى. نبدأ بقراءة تروي لنا إيمان رجل غريب، وثني، قائد مئة في الجيش الروماني. سمع بيسوع وآمن، إيمان البسطاء، بلا سؤال، ولا تردد. يسوع مدح إيمانه. واستجاب سؤاله.

        لنقرأ الإنجيل بروية، أكثر من مرة. ولنفكر في إيمان الرجل الغريب. الله ينظر إلى القلب. لله لا أحد غريب. الكل خليقته وصنع يديه، والجميع أبناؤه.

        ولنا نحن؟ قد يكون في حياتنا غرباء كثيرون، شعوب أخرى، ديانة أخرى، بلد آخر، حمولة أخرى ... من كنيسة أخرى، من رعية أخرى....؟؟

        الكل خليقة الله، وأبناؤه. من المشرق والمغرب، من كل ديانة ومن كل الشعوب.

        يجب أن نكون دائمًا متنبهين: نحن نتعامل مع الله، الله واسع الخلق أجمعين. يجب أن يكون قلبنا مثل قلب الله. مثل الله نقدِّر كل إنسان أيًّا كان، ونحبُّه، الكل أبناء الله، إذن إخوتنا وأخواتنا، نحمل معهم همومهم، وآلامهم، وأمراضهم، ونحمل إليهم الشفاء، والحياة والنور، إلى الجميع، كلهم أبناء الله.

       قلبنا مرارًا صغير، ليس مثل قلب الله. نحن، يمكن أن نرى في الآخر غريبًا، أو عدوًّا. إذاك أنا في الخطيئة. لنطلب من يسوع المسيح أن يشفي قلبنا، حتى نقدر نحن أن نشفي غيرنا، كما أمرنا حين قال لنا: اذهبوا تلمذوا وعمدوا واغفروا الخطايا واشفوا المرضى.

     تلاميذ ليسوع المسيح، نحيا بالإيمان، الذي ينقل الجبال. هل هذا إيماني؟

      نحن في الأحد الأول من المجيء، زمن الاستعداد لعيد الميلاد، لاستقبال الله معنا، زمن نعرف فيه الله العلي القدوس محُبَّ كل أبنائه. نحن في زمن فيه نقتدي بالله أبينا فنُحِبُّ بمثل حبه. وزمن إيمان بيسوع، والاقتداء به. زمن لشفائنا، ولشفاء إخوتنا وأخواتنا.

      زمن الميلاد زمن السلام، سلام الله، ولو ظلت الحروب تميتنا في أرضنا. الناس مستمرون في تدنيس الأرض، بكراهيتهم. أرضنا أرض حرب، وموت، بدل أن تكون أرض حياة. إنها أرض سكنى الله، ونحن بحروبنا جعلناها أرضًا يصاب فيها الكثيرون بالعمى، عاجزين عن رؤية الله، وعن رؤية بعضنا بعضًا.

       زمن الميلاد، يسوع ابن الله جاء وسكن بيننا، حتى نراه، ونعرفه ونقتدي به. تواضع وصار إنسانًا حتى يجعلني أنا مثله، ويعطيني نوره وقلبًا يحب مثل قلبه.

        ربي يسوع المسيح، خذ بيدي، حتى لا أضِلَّ بعيدًا عنك. أعطني أن أبقى قريبًا منك. أعطني أن أدرك حقيقة الميلاد، ميلادك أنت كلمة الله الأزلي، أنت الطريق والحق والحياة. آمين.

الاثنين ١/١٢/٢٠٢٥                         الأحد الأول من المجيء/ السنة/أ