الله السيد الأوحد، الإله الواحد، كل شيء له - متى ٦: ٢٤-٣٤
الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس
الحرب. يوم ٢٦٠ "فصَرَخوا إلى الرَّبِّ في ضيقِهم فخلًصَهم مِن شَدائدِهم. فأَخرَجَهم مِنَ الظُّلمَةِ وظِلالِ المَوت وحَطَّمَ قُيودَهم" (مزمور ١٠٦: ١٣-١٤). ارحمنا، يا رب. رفح وكل قطاع غزة، يصرخون إليك في ضيقهم، يا رب. ستخرجهم من ضيقهم. ستخرجهم من ظلمات الموت. ستبعد عنهم زارعي الموت ومدمري الحياة. وستعيد الجميع إلى طرق السلام. إنّا وضعنا ثقتنا فيك، ربنا وأبانا. إنّا نؤمن أنك تحبنا، وستعطينا السلام. ارحمنا، يا رب.

إنجيل اليوم
" ما مِن أَحَدٍ يَستَطيعُ أَن يَعمَلَ لِسَيِّدَيْن، لأَنَّه إِمَّا أَن يُبغِضَ أَحَدَهُما ويُحِبَّ الآخَر، وإِمَّا أَن يَلزَمَ أَحَدَهُما ويَزدَرِيَ الآخَر. لا تَستَطيعونَ أَن تَعمَلوا لِلّهِ ولِلمال" (٢٤). إله واحد، لا يكن لك إلهٌ غيرى، ولا أصنام أخرى. لا ترفع خليقة إلى مستوى خالقها، ولا تكن عبدًا لأية خليقة. كل خيرات الأرض لله، وهي لمنفعة الإنسان، لخدمته، كلها بما فيها المال. ولكن يبقى الإنسان هو السيد، سيد الخليقة، مع الله، وعبدًا لله فقط.
الله السيد الأوحد، الإله الواحد، كل شيء له. والإنسان يبقى حرًّا في استخدامه للأرض، حرًّا حتى لا يستعبده شيء لا الشر ولا الخير في الأرض، ولا شيء يُفقِده حريته. الإنسان الحر يختار الخير. يختار الله. له سيد واحد، هو خالقه، وكل الخليقة، الإنسان هو سيِّدها، والخليقة تساعده ليعيش حياته على الأرض من غير أن يجعل منها أصنامًا يعبدها بدل الله.
"لا تَستَطيعونَ أَن تَعمَلوا لِلّهِ ولِلمال." الله وحده تَعبُد. وكل شيء هو هبة من الله، وليس أصنامًا تُعبَد، أو تصير أسيادًا. اقيموا في الله، في نوره، واستخدموا الأرض كلها، في نوره، وظلوا أحرارًا تسجدون لله الواحد، ولا تدخلوا في ظلمات الأصنام، ولا تصنعوا من المال صنمًا أو إلهًا. الله وحده هو الله وسيد الإنسان والخليقة.
"لِذلكَ أَقولُ لكُم: لا يُهِمَّكُم لِلْعَيشِ ما تَأكُلون ولا لِلجَسَدِ ما تَلبَسون. أَلَيْسَتِ الحَياةُ أَعْظَمَ مِنَ الطَّعام، والجَسدُ أَعظَمَ مِنَ اللِّباس؟ انظُرُوا إِلى طُيورِ السَّماءِ كَيفَ لا تَزرَعُ ولا تَحصُدُ ولا تَخزُنُ في الأَهراء، وأَبوكُمُ السَّماويُّ يَرزُقُها. أَفَلَسْتُم أَنتُم أَثْمَنَ مِنها كثيرًا؟ ولماذا يُهمُّكُمُ اللِّباس؟ اعتَبِروا بِزَنابقِ الَحقْلِ كيفَ تَنمو، فلا تَجهَدُ ولا تَغزِل. أَقولُ لكُم إنَّ سُلَيمانَ نَفسَه في كُلِّ مَجدِه لم يَلبَسْ مِثلَ واحدةٍ مِنها. فإِذا كانَ عُشبُ الحَقْل، وهُوَ يُوجَدُ اليومَ ويُطرَحُ غدًا في التَّنُّور، يُلبِسُه اللهُ هكذا، فما أَحراهُ بِأَن يُلبِسَكم، يا قَليلي الإيمان!" (٢٥-٣٠).
إنجيل العناية الإلهية. الله يعطيكم كل شيء. لا تهتموا لشيء. الله يسهر ويعطى ما هو ضروري. استخدموا الأرض، حتى تعطي ثمرًا، وكل ما يلزم للحياة. ولكن اعرفوا أن الله صنع كل شيء حسنًا. اعملوا، وابحثوا، من دون همٍّ أو قلق، وخاصة من دون مخاصمات فيما بينكم، وحروب، لتجدوا خبزكم اليومي. اعملوا واسعوا ولاقوا ما يلزم للبسكم وأكلكم ومشربكم. وحافظوا على صفاء نفسكم واثقين أن الله أباكم يعطيكم كل شيء. لا تكن لكم هموم. لا تعملوا الحروب. ثقوا بالله الذي يلبس زنابق الحقل ويرزق طيور السماء. فكما يعطيها يعطيكم.
الثقة بالله أبينا. ابحثوا عن الله. " فَاطلُبوا أَوَّلاً مَلَكوتَه وبِرَّه تُزادوا هذا كُلَّه" (٣٣).
في همومنا وأتعابنا، يمكن أن نعكس الأولويات: فنطلب خبزنا أولا، ونريد أن نجده وحدنا، مع أننا وحدنا، لن نجد خبزنا مباركًا. وحدنا نصبح عبيدًا لكل شيء، لكل ما نحتاج إليه. وننسى أبانا، ربنا وإلهنا وسيدنا الوحيد.
"فلا تَهْتَمُّوا فَتقولوا: ماذا نَأكُل؟ أو ماذا نَشرَب؟ أو ماذا نَلبَس؟ فهذا كُلُّه يَسْعى إِلَيه الوَثَنِيُّون، وأَبوكُمُ السَّماويُّ يَعلَمُ أَنَّكم تَحْتاجونَ إِلى هذا كُلِّه. فَاطلُبوا أَوَّلًا مَلَكوتَه وبِرَّه تُزادوا هذا كُلَّه. لا يُهِمَّكُم أمرُ الغَد، فالغَدُ يَهتَمُّ بِنَفْسِه. ولِكُلِّ يَومٍ مِنَ العَناءِ ما يَكْفِيه" (٣١-٣٤).
فَاطلُبوا أَوَّلًا مَلَكوتَه وبِرَّه تُزادوا هذا كُلَّه. لا هموم ولا قلق. بل طمأنينة وثقة. لتكُنْ حياتكم مع أبيكم، وهو يعطيكم كل شيء. هو سيد كل الخليقة. وهو يدبر كل شيء. ويحبكم. فأحبوه وثقوا به، وستجدون خبزكم اليومي، من دون حروب، وستجدون السلام. تعلَّموا إذن كيف تكون حياتكم مع الله فتعرفوا كيف يكون حبُّكم مثلَ حبِّه.
ربي يسوع المسيح، حذَّرْتَنا أننا لا نقدر أن نعبد سيدين، الله والمال. أعطنا النور والقوة لنبقى معك، ومع أبينا، واثقين، بلا هموم، مطمئنين أنك تعطينا كل شيء. آمين.
السبت ٢٢/٦/ ٢٠٢٤ بعد الأحد الحادي عشر من زمن السنة/ب