أَبصِرْ، إِيمانُكَ خَلَّصَكَ - لوقا ١٨: ٣٥-٤٣

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس

٣٥واقتَرَبَ مِن أَريحا، وكانَ رَجُلٌ أَعْمى جالِسًا على جانِبِ الطَّريقِ يَستَعطي. ٣٦فلمَّا سَمِعَ صَوتَ جَمْعٍ يَمُرُّ بِالمَكان، اِستَخبَرَ عن ذٰلك ما عَسى أَن يَكون. ٣٧فأَخبَروهُ أَنَّ يسوعَ النَّاصِريَّ مارٌّ مِن هُناك. ٣٨فأَخَذَ يَصيحُ فيَقول: «رُحْماكَ يا يسوعَ ٱبنَ داود!» ٣٩فانتَهَرَه الَّذينَ يَسيرونَ في المُقَدِّمَةِ لِيَسكُت. فصاحَ أَشَدَّ الصِّياحِ قال: «رُحْماكَ يا ٱبنَ داود!» ٤٠فوقَفَ يسوع وأَمرَ بِأَن يُؤتى بِه. فَلَمَّا دنا سأَلَه: ٤١«ماذا تُريدُ أَن أَصنَعَ لَكَ؟» فقال: «يا ربّ، أَن أُبصِر». ٤٢فقالَ له يسوع: «أَبصِرْ، إِيمانُكَ خَلَّصَكَ!» ٤٣فأَبصَرَ مِن وَقتِه وتَبِعَه وهو يُمَجِّدُ الله، وَرأَى الشَّعبُ بِأَجمَعِه ما جَرى فسَبَّحَ الله.

أَبصِرْ، إِيمانُكَ خَلَّصَكَ - لوقا ١٨: ٣٥-٤٣

زمن سلام جديد؟ هل انتهت الحرب القديمة؟ ٧٣٤ يوم حرب، ابتداء من ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ وحتى يوم الخميس ٩/١٠/٢٠٢٥ لما وقعوا على اتفاقية سلام. هل نبدأ نعُدُّ أيام السلام؟

"بِصَوتي إِلى الرَّبِّ أَصرُخ، بِصَوتي إِلى الرَّبِّ أَتَضَرَّع" (مزمور ١٤٢: ٢). ارحمنا يا رب. يا رب، الشقاء، والعذاب، مستمر في غزة وفي كل الضفة الغربية. أرقام من الإعلام: منذ شهر، منذ توقف الحرب: ٩٠٠ قتلهم الناس، و١٥٠٣ غارة أو مداهمة أو اعتداء، و٦٩١ مخطوفين موقوفين ألقي بهم في السجون والتعذيب... يا رب، اسمع صراح المعذبين. إنهم أبناؤك. تعال يا رب، واحمل إليتا حياتك الجديدة. ارجمنا، يا رب.

إنجيل اليوم

واقتَرَبَ مِن أَريحا، وكانَ رَجُلٌ أَعْمى جالِسًا على جانِبِ الطَّريقِ يَستَعطي. فلمَّا سَمِعَ صَوتَ جَمْعٍ يَمُرُّ بِالمَكان، اِستَخبَرَ عن ذٰلك ما عَسى أَن يَكون. فأَخبَروهُ أَنَّ يسوعَ النَّاصِريَّ مارٌّ مِن هُناك. فأَخَذَ يَصيحُ فيَقول: «رُحْماكَ يا يسوعَ ٱبنَ داود!» فانتَهَرَه الَّذينَ يَسيرونَ في المُقَدِّمَةِ لِيَسكُت. فصاحَ أَشَدَّ الصِّياحِ قال: «رُحْماكَ يا ٱبنَ داود!» فوقَفَ يسوع وأَمرَ بِأَن يُؤتى بِه. فَلَمَّا دنا سأَلَه: «ماذا تُريدُ أَن أَصنَعَ لَكَ؟» فقال: «يا ربّ، أَن أُبصِر». فقالَ له يسوع: «أَبصِرْ، إِيمانُكَ خَلَّصَكَ!» فأَبصَرَ مِن وَقتِه وتَبِعَه وهو يُمَجِّدُ الله، وَرأَى الشَّعبُ بِأَجمَعِه ما جَرى فسَبَّحَ الله" (٣٥-٤٣).

الأعمى على طريق أريحا. خارج المدينة. كان المارة يرونه فيعطونه صدقة ويمرون. ولما علم الأعمى أن يسوع كان مارًّا أخذ يصرخ: "يا ابن داود ارحمني". صرح فأزعج الناس، فأرادوا أن يسكتوه. الإنسان ليس دائمًا متضامنًا مع الإنسان، ولا سيما في الآلام والشدائد. كانوا يعطونه صدقة ويمرون ويتركونه في شدته. أما يسوع، فلما سمعه توقف. جاء ليخلِّص كل إنسان. يسوع لم يعطه صدقة. بل أوقف الجمع حوله وأمر بإحضاره إليه. دعاه وكلَّمه واهتم به وسأله: ماذا تريد أن أعمل لك؟ كان يعلم ماذا يريد الأعمى منه. لكنه كلَّمه أولا وأشعره بشفقته له واهتمامه به، شفقة الله على البشر.

أجاب الأعمى، واعترف بربه، وبحاجته هو إليه: «يا ربّ، أَن أُبصِر». فقالَ له يسوع: «أَبصِرْ، إِيمانُكَ خَلَّصَكَ!».

نحن أيضًا في الويلات، عميان، مرضى، في حالة الحرب، والجوع، وفي العذاب، ومعرضين لشر الناس. والله يرى ويسمع. ونحن؟

قال يسوع للأعمى: إيمانك خلصك. ونحن، لنؤمِنْ. يقدر يسوع أن يوقف تاريخ البشرية ليشفي إنسانًا أعمى. اليوم أيضًا، ليشفيني أنا، ليشفي كل أعمى فقد بصره وقدرته لأن يرى الله. الله يمكن أن يوقف تاريخ البشرية، لينحني علي، ويسألني: ماذا تريد؟ في خطيئتك، في الحرب، في شر الناس؟ يا رب، أريد أن أرى. أريد أن أراك، وأن أومن بحبك، بالرغم من كل مخططات الموت في نفوس للبشر، بالرغم من كل إساءاتهم، كل محاولاتهم للإبادة، أريد أن أرى حبك، ربي، حبك الأزلي، أريد أن أبدأ حياتي التي ترى حبك الأزلي.

الشفاء للإنسان اليوم هو أن يرى الله، أن يحيا مع الله، أبينا الذي في السماء. العالم من حولي لا يتغير، لكن التغيير الكبير هو في نفسي. قال يسوع للإنسان الأعمى: أَبصِر. فيه حدث تغيير وأخذ يبصر، والعالم من حوله بقي على حاله.

ربي يسوع المسيح، أن أحيا معك، أن أراك، أن أبدأ الحياة الأبدية معك، في وسط أحداث هذه الأرض. أعطني أنا أن أتغير، أن أصير وأقدر أن أراك، وأرى جميع أبنائك إخوتي وأخواتي، وأن أعمل جهدي لأشارك معك في خلاص العالم، لأضع فيه حبك. سيأتي يوم، يا رب، يومك، أنت تعرف متى، العالم كله سيتغير. لتكن مشيئتك، يا رب. أعطني أنا وإخوتي وأخواتي أن نحيا في نورك، وفي انتظار تبديل الموت بالحياة في أرضنا هذه. آمين.

الاثنين ١٧/١١/٢٠٢٥                              الأحد ٣٣ من السنة/ج