ملكوت السماوات مثل حبة خردل - متى ١٣: ٣١-٣٥

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا

"وَضَرَبَ لَهُم مَثَلًا آخَرَ قَالَ: مَثَلُ مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ كَمَثَلِ حَبَّةِ خَردَلٍ أَخَذَهَا رَجُلٌ فَزَرَعَهَا فِي حَقلِهِ. هِيَ أَصغَرُ البُزُورِ كُلِّهَا، فَإذَا نَمَتْ كَانَتْ أَكبَرَ البُقُولِ، بَل صَارَتْ شَجَرَةً حَتَّى إنَّ طُيُورَ السَّمَاءِ تَأْتِي فَتُعَشِّشُ فِي أَغصَانِهَا" (٣١-٣٢).

ملكوت السماوات مثل حبة خردل - متى ١٣: ٣١-٣٥

 

٣١. وضرب لهم مثلًا آخر قال: مثل ملكوت السموات كمثل حَبَّةِ خردل أخذها رجل فزرعها في حقله. 

٣٢. هي أصغر البزور كلها، فإذا نمت كانت أكبر البقول، بل صارت شجرة حتى إن طيور السماء تأتي فتعشِّشُ في أغصانها. 

٣٣. وأورد لهم مثلا آخر قال: مثل ملكوت السموات كمثل خميرة أخذتها امرأة، فجعلتها في ثلاثة مكاييل من الدقيق حتى اختمرت كلها. 

٣٤. هذا كله قاله يسوع للجموع بالأمثال، ولم يقل لهم شيئًا من دون مثل، 

٣٥. ليَتِمَ ما قيل على لسان النبي: أتكلَّمُ بالأمثال وأُعلِنُ ما كان خَفِيًّا منذ إنشاء العالم.

 

"وَضَرَبَ لَهُم مَثَلًا آخَرَ قَالَ: مَثَلُ مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ كَمَثَلِ حَبَّةِ خَردَلٍ أَخَذَهَا رَجُلٌ فَزَرَعَهَا فِي حَقلِهِ. هِيَ أَصغَرُ البُزُورِ كُلِّهَا، فَإذَا نَمَتْ كَانَتْ أَكبَرَ البُقُولِ، بَل صَارَتْ شَجَرَةً حَتَّى إنَّ طُيُورَ السَّمَاءِ تَأْتِي فَتُعَشِّشُ فِي أَغصَانِهَا" (٣١-٣٢). 

مثَلٌ آخر. ملكوت السماوات مثل حبة خردل، صغيرة، لكن إن اعتنى بها الزارع، وزرعها في حقله، نمت وصارت شجرة، وجاءت طيور السماء لتُعَشِّشَ فيها.

الإيمان بالله، وبيسوع المسيح، يمكن أن يبدو لنا في مجالات الحياة العديدة شيئًا قليلًا، شيئًا قليلًا أمام خيرات الأرض، أمام السلطان أو المال.

الإيمان والعيش بحسب الإيمان يمكن أن يبدو لنا شيئًا قليلًا صغيرًا مثل حبة الخردل. لكنَّ في حبة الخردل طاقةً لأن تصير شجرة كبيرة. وكذلك الإيمان، فيه طاقة لأن ينعش حياة الإنسان كلها، ويمكن أن يصير نشاطات كثيرة. يمكن أن يصير الإيمان شجرة كيرة تُعشِّشُ فيها طيور السماء، والناس يجدون فيها معنى الحياة، والراحة في ظلِّها. الإيمان، الذي يبدو صغيرًا مثل حبة الخردل، يمكن أن يصير أعمال محبة كثيرة، أماكن صلاة، كنائس صغيرة وكبيرة، ومدارس وجامعات... ويصير الإيمان أيضًا دليلًا ومرشدًا لكل المؤمنين في العالم.

وأكبر وأكثر من كل النشاطات الخارجية، أكثر من المباني أو المؤسسات، الإيمان الصغير مثل حبة الخردل، يجعل المؤمن نفسه كبيرًا، يذكِّره بما هو، أنه صورة الله وابن الله. الإنسان الصغير، الحيران، التائه في مظاهر الأرض، يصير كبيرًا، يعرف الله، أباه، ويعرف معنى الحياة. ويجد الحياة الوافرة.

حبة صغيرة، تبدو بلا أهمية في خيرات الأرض، لكن فيها طاقة، فيها معنى الأرض، وتُثَبِّتٌ الصلاح في أشياء الأرض كلها، وتجعل كبيرًا كل شيء فانٍ فيها.

إيماننا حبة زرع صغيرة. يعطينا إياها الله لنجعلها تنمو، حتى نفتح نحن قلوبنا وأذهاننا ونرتفع إليه فوق الأرض، ونستقر في نور أبديته وسعادة حبه. وحتى نكون فيضًا في خلقه المستمر للعالم.

" وَأَورَدَ لَهُم مَثَلَا آخَرَ قَالَ: مَثَلُ مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ كَمَثَلِ خَمِيرَةٍ أَخَذَتْهَا امرَأَةٌ، فَجَعَلَتْهَا فِي ثَلَاثَةِ مَكَايِيلَ مِنَ الدَّقِيقِ حَتَّى اختَمَرَتْ كُلُّهَا" (٣٣). 

مثَلٌ آخَر يبيِّن فعالية الإيمان، الذي قد يبدو لنا أنْ لا فائدة له في حياتنا اليومية، أو في شؤون هذا العالم... الإيمان يشبه خميرة تخمِّر كل العجينة. الإيمان طاقة يمكن أن تبنِيَ الأرض. وتعطي معنى لكل شيء في الأرض. المؤمن خميرة في مجتمعه. ومثل الزرع في الأرض، ينمو، ليلا ونهارًا، سواء نمنا أم قمنا، كذلك تعمل الخميرة، كذلك يعمل إيماننا، لا بقوة عملنا، بل الله يعمل، هو رب الحقل ورب الحياة. إيماننا له تأثير نحن لا نراه أحيانًا. إيماننا جزء من عمل الله في خلقه. هو يعمل، ويخلق خليقته باستمرار. وكل مؤمن معاون لله.

        الإيمان خميرة تخمِّر عجينة البشرية، وتاريخ الناس، وتضع في الأرض الخير الذي يعطينا إياه الله لنعطيه ونبني به الأرض

ربي يسوع المسيح، أشكرك لكل ما أعطيتني، حتى أعطيه لإخوتي. تريد أن أكون معاونًا لك في إعطاء الحياة الوافرة للعالم، في إيقاف الحروب فيها، والموت والشر... ربي يسوع المسيح، ارحمني. وارحم العالم. وأعطه الحياة الوافرة، خلِّصْه من الحروب، ومن كل شر يبقيه في الحروب. آمين.

الاثنين ٣١/٧/٢٠٢٣                      الأسبوع ١٧ من السنة/أ