كُلُّ شَجَرةٍ تُعرَفُ مِن ثَمَرِها - لوقا ٦: ٤٣-٤٩
الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس
٤٣ما مِن شَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ تُثمِرُ ثَمرًا خَبيثًا، ولا مِن شَجَرةٍ خَبيثَةٍ تُثمِرُ ثَمرًا طَيِّبًا. ٤٤فكُلُّ شَجَرةٍ تُعرَفُ مِن ثَمَرِها، لِأَنَّه مِنَ الشَّوكِ لا يُجْنى تِين، ولا مِنَ العُلَّيقِ يُقطَفُ عِنَب. ٤٥الإِنْسانُ الطَّيِّبُ مِنَ الكَنْزِ الطَّيِّبِ في قَلبِه يُخرِجُ ما هُوَ طَيِّب، والإِنْسانُ الخَبيثُ مِن كَنزِه الخَبيثِ يُخرِجُ ما هو خَبيث، فمِن فَيضِ قَلبِه يَتَكَلَّمُ لِسانُه. ٤٦لِماذا تَدعونَني: يا رَبّ، يا رَبّ! ولا تَعمَلونَ بِمَا أَقول؟ ٤٧كُلُّ مَن يَأتي إِلَيَّ ويَسمَعُ كَلامي فَيعمَلُ بِه، سَأُبَيِّنُ لَكم مَن يُشبِه: ٤٨يُشبِهُ رَجُلًا بَنى بَيتًا، فَحفَرَ وعمَّقَ الحَفْرَ، ثُمَّ وضَعَ الأَساسَ على الصَّخْر. فلَمَّا فاضَتِ المِياهُ اندَفَعَ النَّهرُ على ذٰلك البَيت، فلَم يَقوَ على زَعزَعَتِه لِأَنَّه بُنِيَ بِناءً مُحكَمًا. ٤٩وأَمَّا الَّذي يَسمَعُ ولا يَعمَل، فإِنَّه يُشبِهُ رَجُلًا بَنى بَيتًا على التُّرابِ بِغَيرِ أَساس، فاندَفَعَ النَّهرُ علَيه فانهارَ لِوَقتِه، وكانَ خَرابُ ذٰلك البَيتِ جَسيمًا.

الحرب. السنة الثانية – يوم ٣٠١ – (في ١٨ آذار عادوا إلى الحرب من جديد) (وحالة الضفة على ما هي: اعتداءات على المدن والقرى والمخيمات). والمستوطنون ما زالوا يقتلون ويفسدون، من غير عقاب ...
"أُصيبَ ويَبِسَ كالعُشْبِ قَلْبي، حتَّى نَسيتُ أَن آكُلَ خُبْزي. مِن صَوتِ تأَوُّهي، لَصِقَ جِلْدي بِعَظْمي"(١٠٢: ٥-٦). ارحمنا، يا رب. يا رب، في غزة لم ينسوا أن يأكلوا خبزهم، بل ليس لديهم خبز ليأكلوا. إنهم يتلقون أوامر متتابعة للإخلاء وترك بيوتهم والتشرد على الطرقات... الرعيتان الصغيرتان، العائلة المقدسة، الكاثوليكية، والقديس بورفيريوس، الأورثوذكسية، ومعهم مئات اللاجئين لجأوا إلى الكنيسة، قاوموا الأوامر. لم يرحلوا. لأن أهل الموت يريدون أن يبيدوا الحي، أن يمسحوه بالأرض... ليصنعوا لهم "بساتين" مملؤة بدماء الرجال والنساء والأطفال... يا رب، أي قلب لهم؟ أي بشر هم هؤلاء القاتلون؟ يا رب، احم "فقراءك". ارحمنا، يا رب.
إنجيل اليوم
"ما مِن شَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ تُثمِرُ ثَمرًا خَبيثًا، ولا مِن شَجَرةٍ خَبيثَةٍ تُثمِرُ ثَمرًا طَيِّبًا. فكُلُّ شَجَرةٍ تُعرَفُ مِن ثَمَرِها، لِأَنَّه مِنَ الشَّوكِ لا يُجْنى تِين، ولا مِنَ العُلَّيقِ يُقطَفُ عِنَب. الإِنْسانُ الطَّيِّبُ مِنَ الكَنْزِ الطَّيِّبِ في قَلبِه يُخرِجُ ما هُوَ طَيِّب، والإِنْسانُ الخَبيثُ مِن كَنزِه الخَبيثِ يُخرِجُ ما هو خَبيث، فمِن فَيضِ قَلبِه يَتَكَلَّمُ لِسانُه" (٤٣-٤٥).
صالحون أم أشرار؟ أي نوع من الشجر نحن؟ أي نوع من الإنسان نحن؟ هل نريد أن نكون صالحين أم أشرارًا؟ صالحين كما أن أبانا الذي في السماوات هو صالح، أم أشرار أو فاترون أو غير مكترثين، تثقلنا نوايا الموت، والمصالح، وأهل الحرب؟ القلب يمكن أن يكون صالحًا أو فاسدًا. بحسب تنشئتنا لقلبنا، سنكون صالحين أو فاسدين.
الله أبونا خلقنا جميعًا صالحين، وأعطانا القدرة لنبقى صالحين، إن شئنا، إن أردنا أن نبقى في المعركة ضد قوى الشر. نجاهد لكي نبقى على صورة الله، لكي نبقى بين إخوتنا نورًا ومحبة وصلاحًا.
نجاهد، نقاتل أنفسنا أولا، ونقاوم الشر الذي يأتينا من أهل الموت من حولنا. الحياة معركة على جبهات كثيرة. نقاوم الشر في أنفسنا، ونقاوم الشر في إخوتنا. ونبقى قادرين على إعطاء ثمر جيد. فنبقى على صورة الله. أو نضيع في أنفسنا، في مصالحنا، ولا نعود نبصر هموم إخوتنا، فنصير غير قادرين لأن نعطي.
غير قادرين لأني نبني الأرض. الله جعلنا وكلاءه في الأرض لنبنيها. وأوكلنا بعضنا لبعض، كل واحد منا، مسؤول عن إخوته وأخواته، لسندهم في معركتهم، لنجاهد الجهاد الحسن معًا، مع بقائنا في نور الله أبينا.
أين نحن؟ أين نحن من صلاح الله؟ هل نحن أشجار صالحة مثمرة؟ أم نحن تائهون، وحدنا، بدون الله، فريسة لخطيئتنا، عاجزين عن رؤية الله، عاجزين عن رؤية إخوتنا وأخواتنا؟
"لِماذا تَدعونَني: يا رَبّ، يا رَبّ! ولا تَعمَلونَ بِمَا أَقول؟ كُلُّ مَن يَأتي إِلَيَّ ويَسمَعُ كَلامي فَيعمَلُ بِه، سَأُبَيِّنُ لَكم مَن يُشبِه: يُشبِهُ رَجُلًا بَنى بَيتًا، فَحفَرَ وعمَّقَ الحَفْرَ، ثُمَّ وضَعَ الأَساسَ على الصَّخْر. فلَمَّا فاضَتِ المِياهُ اندَفَعَ النَّهرُ على ذٰلك البَيت، فلَم يَقوَ على زَعزَعَتِه لِأَنَّه بُنِيَ بِناءً مُحكَمًا (٠٤٦-٤٨).
لأحافظ على صورة الله في نفسي، لأبقى صالحًا كما خلقني الله صالحًا، ويريدني أن أبقى صالحًا مثله. يسوع يقول لي: لا يكفي أن تقولوا: يا رب، يا رب... لكن يجب أن "تسمعوا كلامي وتعملوا به"، فتحبوا الله وتحبوا إخوتكم وأخواتكم. صالحٌ الحمد لله، أمر جيد المثابرة على قداس الأحد، ومختلف الأعمال التقوية، والصيامات، لكن الجوهر هو المحبة، محبة الله ومحبة إخوتنا. وأن نحب يعني أن نجاهد، أن نقاوم الشر في أنفسنا، نقاوم نسيان الله فيَّ، أن أقاوم الأنانية التي تفقدني البصر فلا أرى سوى نفسي؟ المؤمن يرى، يرى الله ويرى قريبه.
من أحب إخوته وأخواته، ورأى فيهم صورة الله، هذا يشبه من بنى بيته على الصخر. هذا مسيحي صالح. يعيش في نور الله، ويسعى ليكون كاملًا كما أن الله أباه الذي في السماء هو كامل. ويبقى قادرا على البناء، على بناء العالم مع "الصالحين" الذين يبنونه، ويقاوم أهل الموت والحرب الذين يدمرونه.
في أرضنا المقدسة اليوم حيث يسود الموت نحن بحاجة إلى شجر كثير صالح، يعطي ثمرًا صالحًا. أرضنا بحاجة إلى كلمة الله، نحملها ونعيش بموجبها في قلبنا، في قلبي أنا، حتى أقدر أن أقاوم الموت في حياتي.
ربي يسوع المسيح، أعطني أن أبقى شجرة صالحة تعطي ثمرًا صالحًا، فأكمل معك عمل خلاصك على الأرض. أعطني، ربي، أن أبقى معك، وأعمل معك، وأقاوم الشر في أرضنا، بقوة صلاحك وحبك. آمين.
السبت ١٣/٩/٢٠٢٥ الأحد ٢٣ من السنة/ج