فلس الأرملة والعطاء لله - لوقا ٢١: ١-٤
الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا
"وَرَفَعَ طَرفَهُ فَرَأَى الَّذِينَ يُلقُونَ هِبَاتِهِم فِي الخِزَانَةِ، وَكَانُوا مِنَ الأَغنِيَاءِ. وَرَأَى أَرمَلَةً مِسكِينَةً تُلقِي فِيهَا فَلسَيْنِ. فَقَالَ: بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُم إنَّ هَذِهِ الأَرمَلَةَ الفَقَيرَةَ أَلقَتْ أَكثَرَ مِنهُم جَمِيعًا، لِأَنَّ هَؤُلَاءِ كُلَّهُم أَلقَوْا فِي الهِبَاتِ مِن الفَاضِلِ عَن حَاجَاتِهِم، وَأَمَا هِيَ فَإِنَّهَا مِن حَاجَتِهَا أَلقَتْ جَمِيعَ مَا تَملِكُ لِمَعِيشَتِهَا" (١-٤).
١. ورفع طرفه فرأى الذين يلقون هباتهم في الخزانة، وكانوا من الأغنياء.
٢. ورأى أرملة مسكينة تلقي فيها فلسين.
٣. فقال: بحق أقول لكم إن هذه الأرملة الفقيرة ألقت أكثر منهم جميعًا،
٤. لأن هؤلاء كلهم ألقوا في الهبات من الفاضل عن حاجاتهم، وأما هي فإنها من حاجتها ألقت جميع ما تملك لمعيشتها.
الحرب. اليوم ٥١.
اللهم، في غزة هدنة مترجرجة، وفي الوقت نفسه، حرب في كل مدن فلسطين وقراها، ولا سيما في جنين. قلوب فيها موت. مع أنك جئت، يا رب، لتمنح الحياة. جئت لتنقِّيَنا من كل خطيئة، ومن خطيئة الحرب، ولكي تعلِّمَنا أن نُحِبّ، وآن نترك جانبًا الكراهية والأحقاد والانتقام. قلت: طوبى لأنقياء القلوب، لأنهم يشاهدونك. لكن، أين نجد أنقياء القلوب في هذه الحرب الخرقاء، والتي لن تؤدي إلى شيء؟ لأنهم سيرجعون إلى نقطة الصفر. شعبان متساويان في الإنسانية، كلهم وكل واحد فيهم على صورة الله. الكرامة نفسها والحقوق نفسها. لكن الناس لا يعرفون أن يروا هذا الواقع، وكأنه من طبيعتهم يلَذُّ لهم أن يمروا بطرق الموت. اللهم أَسمِع الجميع: طوبي لصانعي السلام، هم أبناء الله، هم أبناء الإنسان، هم الإنسان الحقيقي. يا رب، ارحم.


إنجيل اليوم
"وَرَفَعَ طَرفَهُ فَرَأَى الَّذِينَ يُلقُونَ هِبَاتِهِم فِي الخِزَانَةِ، وَكَانُوا مِنَ الأَغنِيَاءِ. وَرَأَى أَرمَلَةً مِسكِينَةً تُلقِي فِيهَا فَلسَيْنِ. فَقَالَ: بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُم إنَّ هَذِهِ الأَرمَلَةَ الفَقَيرَةَ أَلقَتْ أَكثَرَ مِنهُم جَمِيعًا، لِأَنَّ هَؤُلَاءِ كُلَّهُم أَلقَوْا فِي الهِبَاتِ مِن الفَاضِلِ عَن حَاجَاتِهِم، وَأَمَا هِيَ فَإِنَّهَا مِن حَاجَتِهَا أَلقَتْ جَمِيعَ مَا تَملِكُ لِمَعِيشَتِهَا" (١-٤).
العطاء. الإنسان هو علاقة مع. ليس وحده. وأول علاقة له هي مع الله خالقه وأبيه. وأول ميزة له أيضًا هي أن يُحِبّ. والعلاقة مع الله والإنسان هي المحبة. والميزة الثانية هي العطاء. أن يعطي الإنسان ذاته، وأن يعطي من ماله. وهذا أيضًا محبة. الإنسان يعطي. الأرملة الفقيرة، في المثل، أعطت كل ما تملك. فقيرة تملك شيئًا قليلًا، فأعطته. فعاشت ملء إنسانيتها. أعطت كل شيء.
العطاء للفقير، هو عطاء لله. ومن أعطى الله أعطى لنفسه. ليس الله بحاجة إلى كل عطايانا، له الأرض وكل ما فيها. أما الإنسان فإن أعطى فإنه يحقِّق نفسه، ويساعد أخاه، ويؤدي عبادة إلى الله خالق الفقير وأبيه، وخالقه وأبوه، هو المعطي.
الحياة عطاء. حياة الإنسان عطاء. ليست الإنسانية عددًا من الأفراد، بل هي جماعة إخوة يعرفون أن يُحِبُّوا، وأن يعطوا بعضهم بعضًا.
نعطي بقدر ما نقدر، من كل الخيرات التي منحنا إياها الله. نشرك غيرنا في ما أعطانا إياه الله. في كل الخيرات الروحية والعقلية والمادية. والإنسان يبحث عن أخيه المحتاج فيأخذه بيده ويعطيه ما يلزمه. إنسانية ترى الله، أبًا للجميع، تبحث عن كل أبنائها، ولا تترك أحدًا محتاجًا، أي نوع من الاحتياجات، الروحية والعقلية والمادية.
الإنسان صورة الله، فيعطي كما أن الله يعطي، من دون قياس، ومجَّانًا. يعطي الإنسان ذاته، ويكون دائمًا مستعدًّا ليعطي. هكذا يُبنَى مجتمع فيه توزيع عادل لخيرات الأرض بين جميع أبناء الأرض، فتكون الأرض مكانًا يرى الإنسان فيها الله أبًا للجميع، ويرى الجميع إخوة له.
وعندما لا يكون الفقير ببابنا، ولا نراه، نذهب للبحث عنه حيث هو، في شوارع المدينة، أو في بيته، قريبًا لنا أو بعيدًا عنا، ومن كل ديانة وقومية.
بالعطاء على هذا الأساس، مع رؤية الله الآب، ورؤية الإنسانية عائلة لله، تبتعد كل الشرور، الحروب وغيرها.
ربي يسوع المسيح، أعطنا أن نفهم هذه الحقيقة، أن نفهم ما صنعتنا أنت، ماذا يعني أن أكون إنسانًا، صُنعَ يديك، أخًا وأختًا لجميع الناس، قادرًا على المحبة، قادرًا لأن أكون على صورتك. آمين.
الاثنين ٢٧/١١/ ٢٠٢٣ بعد الأحد ٣٤ من السنة/أ






