يَجِبُ على ابنِ الإِنسانِ أَن يُعانِيَ آلامًا شَديدة - لوقا ٩: ٢٢-٢٥
الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس
٢٢وقال: «يَجِبُ على ابنِ الإِنسانِ أَن يُعانِيَ آلامًا شَديدة، وأَن يَرذُلَه الشُّيوخُ وعُظَماءُ الكَهَنَةِ والكَتَبَة، وأَن يُقتَلَ ويقومَ في اليَومِ الثَّالِث. ٢٣وقالَ لِلنَّاسِ أَجمَعين: «مَن أَرادَ أَن يَتبَعَني، فَلْيَزْهَدْ في نَفسِه ويَحمِلْ صَليبَه كُلَّ يَومٍ ويَتبَعْني. ٢٤لِأَنَّ الَّذي يُريدُ أَن يُخَلِّصَ حياتَه يَفقِدُها. وأَمَّا الَّذي يَفقِدُ حَياتَه في سَبيلي فإِنَّه يُخَلِّصُها. ٢٥فماذا يَنفَعُ الإِنسانَ لو رَبِحَ العالَمَ كُلَّه، وفَقَدَ نَفْسَه أَو خَسِرَها؟
الحرب. السنة الثانية – يوم ١٤٨ – (وقف إطلاق النار في غزة) (واشتدت الاعتداءات على الناس في الضفة الغربية).
"لا تَحجُبْ وَجهَكَ عن عَبدِكَ، أَسرِعْ واستَجِبْ لي فإِنِّي في ضيق. أُدْنُ مِن نَفْسي، وفُكَّها وَمِن أَعْدائي افتَدِني" (مزمور ٦٩: ١٨-١٩).
ارحمنا، يا رب. يا رب، في هذه الأيام، حقَّقَ مُخرِجان، إسرائيلي وفلسطيني، فيلم عنوانه (« No other land »)، "لا أرض أخرى"، يصف معاناة الفلسطينيين الذين تُدَمَّرُ بيوتهم ويُشرَّدون، في مسافر يطا، في جنوب الخليل. والفيلم نال جائزة أوسكار العالمية. يا رب، الإسرائيليون والفلسطينيون الذين يطلبون السلام معًا والعدل كثيرون، لكنهم ليسوا الأكثرية لكي يقرروا السلام في أرضك. افتح، يا رب، فلوب الجميع لسلامك وعدلك. الظالمون المستبدون في هذا العالم، يا رب، بدِّلْ قلوبهم، أو بدِّلْهُم، في رحمتك. ارحمنا، يا رب.

إنجيل اليوم.
"وقال: «يَجِبُ على ابنِ الإِنسانِ أَن يُعانِيَ آلامًا شَديدة، وأَن يَرذُلَه الشُّيوخُ وعُظَماءُ الكَهَنَةِ والكَتَبَة، وأَن يُقتَلَ ويقومَ في اليَومِ الثَّالِث. وقالَ لِلنَّاسِ أَجمَعين: «مَن أَرادَ أَن يَتبَعَني، فَلْيَزْهَدْ في نَفسِه ويَحمِلْ صَليبَه كُلَّ يَومٍ ويَتبَعْني. لِأَنَّ الَّذي يُريدُ أَن يُخَلِّصَ حياتَه يَفقِدُها. وأَمَّا الَّذي يَفقِدُ حَياتَه في سَبيلي فإِنَّه يُخَلِّصُها. فماذا يَنفَعُ الإِنسانَ لو رَبِحَ العالَمَ كُلَّه، وفَقَدَ نَفْسَه أَو خَسِرَها؟" (٢٢-٢٥).
سِرُّ يسوع المسيح. "يَجِبُ على ابنِ الإِنسانِ أَن يُعانِيَ آلامًا شَديدة، وأَن يَرذُلَه الشُّيوخُ وعُظَماءُ الكَهَنَةِ والكَتَبَة، وأَن يُقتَلَ ويقومَ في اليَومِ الثَّالِث". الله، في تدبيره الأزلي، اختار الصليب ليخلِّص البشرية. قال يسوع لرسله: "يَجِبُ على ابنِ الإِنسانِ أَن يُعانِيَ آلامًا شَديدة". والتلاميذ الذين غلبت عليهم عقلية زمنهم وانتظار المسيح الزمني المنتصر، يجب أن يتركوا روح ذك العالم، ويدخلوا في رؤية الله، وفي سر حبه، الذي لا يُستَقصَى.
ونحن تلاميذ يسوع المسيح. مسيحيون في مجتمع غير مسيحي. يجب أن نسمح لروح الله كي يملأنا. الله يقول: منذ الأزل أحببتك، على الصليب. وأنتم إن أحببتم، فبِمِثلِ حبّ الله، وبالآلام وحمل الصليب- كذلك أكون مسيحيًّا، كذلك أطهِّر نفسي. يجب على ابن الأنسان أن يعاني آلامًا شديدة. ويجب على تلميذ يسوع المسيح أن يتألم ويعرف أن يحوِّلَ آلامه إلى صليب فداء. تلميذ يسوع، مثل يسوع ومعه.
وبعد الآلام والموت، مجد القيامة. كذلك في حياة التلميذ. بعد الصليب، مجد القيامة ومجد الحياة مع الله، خالقي وأبي، هنا، على الأرض، ثم في الأبدية.
ويتابع يسوع كلامه ويقول: "مَن أَرادَ أَن يَتبَعَني، فَلْيَزْهَدْ في نَفسِه ويَحمِلْ صَليبَه كُلَّ يَومٍ ويَتبَعْني". حياة المسيحي هي السير مع يسوع. وهي الزهد بالنفس، أي أن يترك كل شيء لينال الكل الحقيقي والحياة الحقيقية. التلميذ يجعل من كل هموم الأرض، ومن كل التزاماته فيها، صليبًا ويتبع يسوع. التلميذ يزهد بنفسه، لا يطلب شيئًا لنفسه، والله يعطيه كل شيء، على هذه الأرض وفي الأبدية.
"فماذا يَنفَعُ الإِنسانَ لو رَبِحَ العالَمَ كُلَّه، وفَقَدَ نَفْسَه أَو خَسِرَها؟" ماذا ينفع الإنسان أن يسيطر على العالم، وينسى خالق العالم، ويحيا وقلبه ممتلِئٌ بالموت في الحروب، ويسبِّبُ الموت لكثيرين؟ ماذا ينفع الإنسان أن يُدَمِّر عمل الله في هذا العالم، وأي رجاء في أرض ليس الله فيها؟ هذه هي الحرب، ليس الله فيها. الله محبة، والإنسان الذي يحيا، الكبير والصغير على السواء، هو الذي يعرف أن يحب، بمثل حب الله خالقه وأبيه.
أكون مسيحيًّا، فأقبل أن أتعلَّمَ من يسوع المسيح الذي أحبَّني وبذل حياته من أجلي. أتعلَّم من يسوع أن أُحِبّ، بمثل حب الله، الله والقريب.
ربي يسوع المسيح، أحببتنا، ومن أجلنا بذلت حياتك، وفي أعماق سرك، اخترت الصليب لتخلصنا. أعطنا القوة لنحمل صليبنا، ولنحب إخوتنا كما أحببتنا أنت. آمين.
الخميس ٦/٣/٢٠٢٥ بعد أربعاء الرماد - السنة/ج







