عيد إرميا النبي - إرميا ١: ٤-١٠

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا

"قَبلَ أَن أُصَوِّرَكَ فِي البَطنِ عَرَفتُكَ، وَقَبلَ أَن تَخرُجَ مِنَ الرَّحِمِ قدَّسْتُكَ، وَجَعَلْتُكَ نَبِيًّا لِلأُمَمِ. فَقُلْتُ: آه أيُّهَا السَّيِّدُ الرَّبُّ، هَاءَنَذَا لَا أَعرِفُ أَن أَتَكَلَّمَ لِأَنِّي وَلَدٌ. فَقَالَ لِيَ الرَّبُّ: لَا تَقُلْ: إِنِّي وَلَد. فَإِنَّكَ لِكُلِّ مَا أُرسِلُكَ لَهُ تَذهَبُ، وَكُلَّ مَا آمُرُكَ بِهِ تَقُولُ. لَا تَخَفْ مِن وُجُوهِهِم، فَإِنِّي مَعَكَ لِأُنقِذَكَ، يَقُولُ الرَّبُّ" (٥-٨).

عيد إرميا النبي - إرميا ١: ٤-١٠

 

٤. فكانت كلمة الرب إليَّ قائلًا: 

٥. قبل أن أُصَوِّرَكَ في البطن عرفتك، وقبل أن تخرج من الرَّحِمِ قدَّسْتُكَ، وجعلتك نبِيًّا للأمم. 

٦. فقلت: آه ايها السيد الرب، هاءنذا لا أعرف أن آتكلَّم لأني ولد. 

٧. فقال لي الرب: لا تقل: إني ولد. فإنك لكل ما أُرسِلُكَ له تذهب، وكلَّ ما آمُرُكَ به تقول. 

٨. لا تخَفْ من وجوههم، فإني معَك لأُنقِذَكَ، يقول الرب 

٩. ثم مدَّ الربُّ يده، ولمس فمي، وقال لي الرب: هاءنذا قد جعلت كلامى في فمك. 

١٠. انظُرْ، إني أقمتك اليوم على الأمم وعلى الممالك، لتقلع وتهدم وتُهلِكَ وتنقض وتبنِيَ وتغرس.

 

في كنيسة القدس، اليوم عيد النبي إرميا  (٦٥٠-٥٨٧ ق.م).

        كان نبيًّا شهيدًا، في حياته. أرسله الله في أيام صعبة في زمنه. كان الناس قد ابتعدوا عن الله. فنادى بالتوبة، وأنذرهم وتنبأ بالويلات إن لم يتوبوا. لم يسمعوا له، بل اضطهدوه، لأنه كان يتنبأ بالويلات. وفي الواقع، سقطت مملكة يهوذا في أيدي نبوختنصر ملك بابل، وبدأ زمن الجلاء. النبي إرميا معروف أيضًا بمراثيه على دمار المدينة المقدسة.

        "قَبلَ أَن أُصَوِّرَكَ فِي البَطنِ عَرَفتُكَ، وَقَبلَ أَن تَخرُجَ مِنَ الرَّحِمِ قدَّسْتُكَ، وَجَعَلْتُكَ نَبِيًّا لِلأُمَمِ. فَقُلْتُ: آه أيُّهَا السَّيِّدُ الرَّبُّ، هَاءَنَذَا لَا أَعرِفُ أَن أَتَكَلَّمَ لِأَنِّي وَلَدٌ. فَقَالَ لِيَ الرَّبُّ: لَا تَقُلْ: إِنِّي وَلَد. فَإِنَّكَ لِكُلِّ مَا أُرسِلُكَ لَهُ تَذهَبُ، وَكُلَّ مَا آمُرُكَ بِهِ تَقُولُ. لَا تَخَفْ مِن وُجُوهِهِم، فَإِنِّي مَعَكَ لِأُنقِذَكَ، يَقُولُ الرَّبُّ" (٥-٨). 

        الله يدعو. من الأزل يدعو. "قَبلَ أَن أُصَوِّرَكَ فِي البَطنِ عَرَفتُكَ، وَقَبلَ أَن تَخرُجَ مِنَ الرَّحِمِ قدَّسْتُكَ، وَجَعَلْتُكَ نَبِيًّا لِلأُمَمِ". الله يدعونا، بالرغم من ضعفنا، لأنه هو الذي يعمل فينا. قال يسوع: "الروح يعمل فيكم". الضعيف في نظر الناس، قويٌّ بقوة الله. لَا تَقُلْ: إِنِّي وَلَد. فَإِنَّكَ لِكُلِّ مَا أُرسِلُكَ لَهُ تَذهَبُ... فَإِنِّي مَعَكَ". لا تخَفْ.

        خدمة الله، العمل لله، الإيمان بالله، لا يترك مجالًا للخوف. "لا تخَفْ لأني معك". الصعاب كثيرة أمام كل نبيّ. وكل مؤمن نبيّ، وعليه أن يتكلم بكلام الله. وكل مؤمن تواجهه صعاب كثيرة، لأنه يؤمن. صعاب في نفسه، مشاعره، ميوله، جهله، لامبالاة فيه، خطاياه... وصعوبات من غيره، في حياته الخاصة والعامة. والله يقول له دائمًا: لا تخَفْ. لا تخافوا الذين يقتلون الجسد. أنا معك لأنقذك. والروح يتكلم فيك ويؤيدك.

        مع الله، المؤمن الذي يعترف بالله أبًا له يحِبُّه، لا يخاف الناس. كرر يسوع مرارًا هذه الكلمة لتلاميذه: لا تخف، أيها القطيع الصغير. اليوم أيضًا يسوع يقول لنا: لا تخف أيها القطيع الصغير. لا تَقُلْ: نحن عدد قليل، تسحقنا الأعداد الكثيرة... لا تخَفْ، أنا معك. أنت، اعرف نفسك، أني فديتك، وأنك مُتَّ معي، وقُمْتَ معي. عِشْ الحياة الجديدة، حياة المعمودية والقيامة.

        "ثُمَّ مَدَّ الربُّ يَدَهُ، وَلَمَسَ فَمِي، وَقَالَ لِيَ الرَّبُّ: هَاءَنَذَا قَد جَعَلْتُ كَلَامِى فِي فَمِكَ" (٩). 

        الله يرسلنا، ويعطينا نعمته. "جَعَلْتُ كَلَامِي فِي فَمِكَ". من جهتنا، علينا أن نعرف كيف نستقبل نعمة الله، ألا نضع العوائق أمام الله سبحانه، وأن نسهر حتى إذا مرَّتْ بنا نعمة الله نراها ونعمل بها. وعلينا أن نعلم دائمًا أننا لسنا وحدنا. حياتنا ليست حياة مع أنفسنا فقط، ليست حياة نصنعها نحن وحدنا. ولا هي حياة نصنعها مع الناس. حياة الإنسان، حياتي، أصنعها مع الله. هكذا أستطيع أن أحيا. هكذا أستطيع أن أحمل رسالتي، وأن أجعل كلام الله هو كلامي.  كل مؤمن نبيّ.

        ربي يسوع المسيح، دعَوْتَني وأرسَلْتَني. أنت تعلم ما أستطيع، وما لا أستطيع، أنت تعلم العوائق فيَّ. امكُث معي. وساعِدْني لأبقى ساهرًا حتى أراك دائمًا إلى جانبي. آمين.

الجمعة ٢١/٧/٢٠٢٣                                      الأسبوع ١٥ من السنة/أ