العظة على الجبل. التطويبات - متى ٥: ١-١٢

الحرب ٢٤٥

        "وأَنتَ يا رَبُّ قريب وجَميعُ وَصاياكَ حَقّ.  مُنذُ القِدَمِ عَلِمتُ مِن شَهادَتِكَ أنَّكَ لِلأبدِ أَسَّستَها. أُنظُرْ إِلى بُؤسي وأَنقِذْني فإِنِّي لم أَنسَ شَريعَتَكَ" (مزمور ١١٩: ١٥١-١٥٣).

        "وأَنتَ يا رَبُّ قريب وجَميعُ وَصاياكَ حَقّ". أنت، يا رب، قريب. لكن، أين أنت، يا رب؟ ألا ترى الذين يفترسوننا ويدمِّرون بيوتنا، وحياتنا، وأطفالنا، بلا رحمة ولا شفقة. نحن نشعر بأننا بعيدون، قريبون من الموت، وأنت بعيد عنا، ولا حاميَ لنا من الناس الذين يقتلوننا. إنك قريب، يا رب، من الذين يدعونك، إنا ندعوك. أين أنت، يا رب؟ لا تتركنا. الناس أقاموا المجازر، قتلونا نحن وأطفالنا. أمس في يوم واحد أكثر من ٢٨٠ شهيد للسلام المستحيل. " أُنظُرْ إِلى بُؤسي وأَنقِذْني". يا رب، إنا نتضرع إليك، أسرع إلى إغاثتنا. ارحمنا، يا رب.  

        إنجيل اليوم.

        العظة على الجبل. التطويبات.

        "طوبى لِفُقراءِ الرُّوح فإِنَّ لَهم مَلكوتَ السَّمَوات. طوبى لِلوُدَعاء فإِنَّهم يرِثونَ الأَرض. طوبى لِلْمَحزُونين، فإِنَّهم يُعَزَّون. طوبى لِلْجياعِ والعِطاشِ إِلى البِرّ فإِنَّهم يُشبَعون. طوبى لِلرُّحَماء، فإِنَّهم يُرْحَمون. طوبى لأَطهارِ القُلوب فإِنَّهم يُشاهِدونَ الله. طوبى لِلسَّاعينَ إِلى السَّلام فإِنَّهم أَبناءَ اللهِ يُدعَون. طوبى لِلمُضطَهَدينَ على البِرّ فإِنَّ لَهم مَلكوتَ السَّمَوات. طوبى لكم، إِذا شَتَموكم واضْطَهدوكم وافْتَرَوْا علَيكم كُلَّ كَذِبٍ مِن أَجلي" (٣-١١).

        كل هذا عكس ما نعيشه اليوم، عكس الحرب، حيث الودعاء والرحماء وكل من يشبههم خسروا كل شيء وهم حتى اليوم تحت ضربات كبارٍ في هذه الأرض مستبدِّين. ومع ذلك، القاتلون، وصانعو الحرب، ليسوا هم الأحياء. يحملون الموت إلى غيرهم ويموتون هم أنفسهم. الحرب ليست حياةَ إنسان. المستبدون لا يعرفون الحياة، ولو فرضوا الموت على غيرهم، كثيرين. هم يحملون الموت، والحرب، ولا يقدرون أن يعملوا الخير، لا يقدرون أن يروا، لا يقدرون أن يحيوا حياة إنسان.

        الإنسان الذي خلقه الله على صورته هو أمر آخر. الإنسان الذي يسمع التطويبات ينتصر على المستبدين. هذه مهمة كل إنسان وكل مؤمن، أن يعيد الحياة إلى أرض الإنسان. كل واحد وكل واحدة مدعُوٌّ مهما كانت الظروف إلى أن يحيا مع المسيح٠ الذي يقول لكل واحد منا دائمًا: إني غلبت العالم، وأنت أيضًا قادر مثلي. "تُعَانُونَ الشِّدَّةَ فِي العَالَمِ لَكِنْ ثِقُوا إنِّي قَدْ غَلَبْتُ العَالَمَ" (يوحنا ١٦: ٣٣).

        حياة الإنسان هي فعل إيمان بالله الصالح القوي الصابر، هي معركة ضد كل أنواع الشر، وضد الحرب أيضًا، هي معركة لنكون ملحًا ونورًا، ملحًا يؤكَل، يذوب فلا يبقى شيء منه، إلا فِعلُه، ونورًا يفيض مثل الله نفسه، بالرغم من حروبنا والموت الذي يحمله المستبدون.

        حياة الإنسان نوعان: حياة مع الله، أو حياة وحدنا من دون الله. كل واحد يقرر لنفسه ويختار. وأسياد الأرض، ولو استبدوا، وبالرغم من كل الشر الذي يحملونه لا يقدرون أن يؤثروا فيما أختار. إن أردتُ الحياة مع الله، سأحيا في نوره، وفي قوة محبته. سأفهم معنى التطويبات، ووصية المحبة، وكل الحياة الجديدة التي حملها يسوع إلينا.       

        حياة الإنسان نوعان: إما مع الله، وإمّا وحدنا، مع شرور الناس.

        ونحن نريد أن نحيا مع الله خالقنا وفادينا وأبينا، الذي غلب العالم، وقهر الموت وكل شر. ومعه نصير قديسين كما أنه هو قدوس، ونحيا بحسب التطويبات، ونحمل الحياة إلى الجميع.

        ربي يسوع المسيح، جئتَ إلى أرضنا، صرتَ واحدًا منَّا حتى تعلِّمنا من جديد كيف تكون الحياة، الحياة الوافرة، ملء الحياة، حياة الإخوة فيما بيننا. حياتنا الآن مليئة بالموت. أعطنا القوة لكي نغلب، كما غلَبْتَ أنت. خلَقْتَنا لنغلب، وللسلام لا للحرب. ربي يسوع المسيح، علِّمنا، استمِرَّ في تعليمنا، واملأنا بك. وأعطنا أن نختار الحياة معك. آمين.

الاثنين ١٠/٦/ ٢٠٢٤             بعد الأحد العاشر من زمن السنة/ب