الخلاف والخصام العائلي

الكاتب : الأب رامز الطوال – مرشد الشبيبة الكاثوليكية في الجليل وراعي كنيسة اللاتين في شفاعمرو

ينكسر قلب الأم والأب معًا عندما يقع خلاف بين أبنائهم، فما من شيء يمزّق قلب الوالدين أكثر من رؤية أولادهم في خصام، فهم لا يسألون من المخطئ ومن المنتصر، بل يحزنون لأن المحبة التي تجمعهم قد انكسرت، وهكذا أيضًا قلب الله الآب الذي يتألم حين يرى أبناءه منقسمين. لقد جاء المسيح ليصالح السماء مع الأرض وليجمع المشتتين في جسد واحد هو الكنيسة، ولذلك صلّى بحرارة قبيل آلامه قائلاً: «ليكونوا بأجمعهم واحدًا كما أنت أيها الآب فيّ وأنا فيك، ليؤمن العالم أنك أنت أرسلتني» (يو 17:21). والانقسام والخصام بيننا ليس مجرد مشكلة بشرية شخصية بين طرفين بل هو جرح في جسد المسيح وإهانة لصلاة الرب، ولهذا لا يجب ان يكون بيننا لروح الخصام والكبرياء كلمة، لأننا جميعًا نتغذى من مائدة واحدة ونشرب من كأس واحد ونحيا من جسد واحد هو جسد المسيح.

الخلاف والخصام العائلي

والمبادرة إلى السلام وقبول المصالحة ليست ضعفًا أو استسلامًا بل هي قمّة القوة المسيحية، لأنها تشبه المسيح الذي بادر أولاً إلى حمل الصليب عنّا وهو البريء، فمن يختار السلام يختار طريق الشجاعة ويعلن أن المحبة أقوى من الكراهية وأن الغفران أعظم من الكبرياء. وقد قال البابا فرنسيس: «صُنع السلام يتطلّب شجاعة أكثر من الحرب: الشجاعة أن تقول نعم للّقاء ولا للخلاف» (صلاة من أجل السلام في حدائق الفاتيكان، 8 حزيران 2014). وأكّد البابا بندكتس السادس عشر: «التربية على الغفران والمصالحة هي الطريق الحقيقي لبناء السلام» (رسالة اليوم العالمي للسلام، 1 كانون الثاني 2013). أما القديس يوحنا بولس الثاني فقال: «الحوار من أجل السلام ممكن دائمًا، وليس أمرًا وهميًا» (رسالة اليوم العالمي للسلام، 1 كانون الثاني 1983).

لذلك فلنبدأ من بيوتنا، من عائلاتنا، ومن رعيتنا، لنكسر جدار العناد ونزرع بذور السلام، فنفرّح قلب الله ونصير أبناءه بحق، إخوة متصالحين متّحدين في المحبة.

 المراجع:

  1. البابا فرنسيس، صلاة من أجل السلام في حدائق الفاتيكان، 8 حزيران 2014:

https://www.vatican.va/content/francesco/ar/speeches/2014/june/documents/papa-francesco_20140608_invocazione-pace.html

  1. البابا بندكتس السادس عشر، رسالة اليوم العالمي للسلام، 1 كانون الثاني 2013:

https://www.vatican.va/content/benedict-xvi/ar/messages/peace/documents/hf_ben-xvi_mes_20121208_xlvi-world-day-peace.html

  1. البابا يوحنا بولس الثاني، رسالة اليوم العالمي للسلام، 1 كانون الثاني 1983:

https://www.vatican.va/content/john-paul-ii/ar/messages/peace/documents/hf_jp-ii_mes_19821208_xvi-world-day-for-peace.html