يسوع والسلطات السياسية في زمنه وأورشليم - لوقا ١٣: ٣١-٣٥
الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس
٣١في تِلكَ السَّاعة دنا بَعضُ الفِرِّيسِيِّينَ فقالوا له: «اخرُجْ فَاذهَبْ مِن هُنا، لِأَنَّ هيرودُسَ يُريدُ أَن يَقتُلَكَ». ٣٢فقالَ لَهم: «اذهَبوا فقولوا لِهٰذا الثَّعلَب: ها إِنِّي أَطرُدُ الشَّياطين وأُجْري الشِّفاءَ اليَومَ وغَدًا، وفي اليَومِ الثَّالِثِ يَنتَهي أَمري. ٣٣ولٰكِن يَجِبُ عَلَيَّ أَن أَسيرَ اليَومَ وغَدًا واليَومَ الَّذي بَعدَهما لِأَنَّه لا يَنبَغي لِنَبِيٍّ أَن يَهلِكَ في خارِجِ أُورَشَليم. ٣٤أُورَشَليم أُورَشَليم، يا قاتِلَةَ الأَنبِياء وراجِمَةَ المُرسَلينَ إِليها! كَم مَرَّةٍ أَرَدتُ أَن أَجمَعَ أَبناءَكِ كَما تَجمَعُ الدَّجاجَةُ فِراخَها تَحتَ جَناحَيْها! فلَم تُريدوا. ٣٥ها هُوَذا بَيتُكُم يُترَكُ لكُم. وإِنِّي أَقولُ لَكُم: لا تَرَونَني حتَّى يَأتيَ يَومٌ تَقولونَ فيه: تَبارَكَ الآتي بِاسمِ الرَّبّ!
زمن سلام جديد. هل انتهت الحرب القديمة؟ ٧٣٤ يوم حرب، ابتداء من ٧ أكتوبر ٢٠٢٣. يوم الخميس ٩/١٠/٢٠٢٥ وقعوا على اتفاقية سلام. هل نبدأ نعُدُّ أيام السلام؟
"نُصرَتُنا بِاسمِ الرَّبِّ، صانِعِ السَّمٰواتِ والأَرْض" (مزمور ١٢٤: ٨). ارحمنا، يا رب. يا رب، قالوا ""اتفاقية سلام"، لكن الجوع ما زال مستمرًّا في غزة. قبل يومين، ومنذ اتفاقية السلام، قالت الأخبار: دخل غزة ٩٨٦ شاحنة غذاء، أي بمعدل ٨٩ شاحنة كل يوم، بينما المعدل الطبيعي هو ٦٠٠ شاحنة في اليوم. يا رب، إن عوننا بك، أنت ربنا وأبونا. أنت تصنع السلام في غزة، أنت صانع السماء والأرض. يا رب، لا تترك أبناءك في غزة. ارحمنا، يا رب.

إنجيل اليوم
"في تِلكَ السَّاعة دنا بَعضُ الفِرِّيسِيِّينَ فقالوا له: «اخرُجْ فَاذهَبْ مِن هُنا، لِأَنَّ هيرودُسَ يُريدُ أَن يَقتُلَكَ». فقالَ لَهم: «اذهَبوا فقولوا لِهٰذا الثَّعلَب: ها إِنِّي أَطرُدُ الشَّياطين وأُجْري الشِّفاءَ اليَومَ وغَدًا، وفي اليَومِ الثَّالِثِ يَنتَهي أَمري. ولٰكِن يَجِبُ عَلَيَّ أَن أَسيرَ اليَومَ وغَدًا واليَومَ الَّذي بَعدَهما لِأَنَّه لا يَنبَغي لِنَبِيٍّ أَن يَهلِكَ في خارِجِ أُورَشَليم. أُورَشَليم أُورَشَليم، يا قاتِلَةَ الأَنبِياء وراجِمَةَ المُرسَلينَ إِليها! كَم مَرَّةٍ أَرَدتُ أَن أَجمَعَ أَبناءَكِ كَما تَجمَعُ الدَّجاجَةُ فِراخَها تَحتَ جَناحَيْها! فلَم تُريدوا. ها هُوَذا بَيتُكُم يُترَكُ لكُم. وإِنِّي أَقولُ لَكُم: لا تَرَونَني حتَّى يَأتيَ يَومٌ تَقولونَ فيه: تَبارَكَ الآتي بِاسمِ الرَّبّ!" (٣١-٣٥).
يسوع والسلطات السياسية في زمنه وأورشليم.
جاء يسوع يكرز ويقول: اقترب منكم ملكوت الله. وأيد كلامه بالآيات، فشفى المرضى، وأقام الموتى... جاء ليحرر كل إنسان، الجماهير والسلطات السياسية، الظالمين والمظلومين. للجميع حمل حياة جديدة، وافرة، وسلامًا جديدًا. لكل المؤمنين به ستكون حياة على الأرض، ثم تليها الحياة الأبدية.
صنع يسوع المعجزات للذين يريدون أن يؤمنوا، لكن لم يرِد أن ينادوا به مسيحًا زمنيًّا جاء يقاوم المحتل الروماني... جاء لأسمى من ذلك بكثير. لكل تحرير في البشرية.
سمع هيرودس به، وجاء بعض الذين يسمعون يسوع يحذرونه منه: «اخرُجْ فَاذهَبْ مِن هُنا، لِأَنَّ هيرودُسَ يُريدُ أَن يَقتُلَكَ». لكن يسوع لم يأت ليحصر نفسه وعمله في خطط بشرية، وليهرب من وجه الناس، بل ليتمم إرادة الآب. والسلطة التي لا تريد أن تعرفه، تركها يسوع وشأنها.
«اذهَبوا فقولوا لِهٰذا الثَّعلَب: ها إِنِّي أَطرُدُ الشَّياطين وأُجْري الشِّفاءَ اليَومَ وغَدًا، وفي اليَومِ الثَّالِثِ يَنتَهي أَمري. ولٰكِن يَجِبُ عَلَيَّ أَن أَسيرَ اليَومَ وغَدًا واليَومَ الَّذي بَعدَهما... ".
الذين لا يريدون أن يفهموا لا يقدرون أن يفهموا. كلَّم يسوع بيلاطس أيضًا، الحاكم الثاني في زمنه، الذي حكم عليه بالموت، يسوع قال له: "«لو لم تُعطَ السُّلطانَ مِن عَلُ، لَما كانَ لَكَ علَيَّ مِن سُلْطان، ولِذٰلِكَ فالَّذي أَسلَمَني إِلَيكَ علَيه خَطيئَةٌ كبيرة» (يوحنا ١٩: ١١).
جاء يسوع ليخلص، وليصلح، وليمنح حياة جديدة "لكبار" هذا العالم أيضًا، إن عرفوا أنفسهم صغارًا...
نحن تلاميذ يسوع، أيا كانت الأوضاع البشرية، في الحرب والظلم، نعرف إلى من نلجأ، إلى رب الخليقة، صانع السماء والأرض، الذي له تجثو كل ركبة في السماء والأرض. وبقوة ربنا وخالقنا، رب السماء والأرض، نقاوم كل استبداد، أيا كان استبداد الناس. وما لا يقدر "الصغير" أن يصنعه، وما لا نقدر أن نصنعه، الله الذي يحب "الصغار" ويسهر على "الصغار" يكمله عنهم.
أورشليم
"أُورَشَليم أُورَشَليم، يا قاتِلَةَ الأَنبِياء وراجِمَةَ المُرسَلينَ إِليها! كَم مَرَّةٍ أَرَدتُ أَن أَجمَعَ أَبناءَكِ كَما تَجمَعُ الدَّجاجَةُ فِراخَها تَحتَ جَناحَيْها! فلَم تُريدوا. ها هُوَذا بَيتُكُم يُترَكُ لكُم. وإِنِّي أَقولُ لَكُم: لا تَرَونَني حتَّى يَأتيَ يَومٌ تَقولونَ فيه: تَبارَكَ الآتي بِاسمِ الرَّبّ!".
أورشليم، المدينة التي اختارها الله، لتكون مكان سكناه مع الناس. مكان فداء البشرية، مكان الصليب والموت والقيامة. المدينة المقدسة، مدينة الله، تحمل سرهـا، سر حب الله ورفض الناس.
ونحن التلاميذ اليوم، حياتنا في أورشليم، في القدس، وفيها نجد الحياة والقوة لمقاومة كل شر الناس.
اليوم أيضًا يوجد من يستقبلون يسوع، كلمة الله الأزلي ابن الله الحي، ويوجد من يرفضون. اليوم أيضًا، يوجد من يجد الحياة أو الموت، في القدس، ونحن رسالتنا هي أن نسير بالبشرية إلى الحياة. القدس مدينة الله، مدينة الحياة الوافرة، المدينة التي يلتقي الله فيها بالإنسان.
لتكن حياتنا في القدس اليوم، لنجد فيها الحياة ونمنح الحياة لكل إخوتنا.
ربي يسوع المسيح، أعطني أن أعرف كيف أتعامل مع كل شر هذه الأرض، املأني بنورك وقوتك، لأكون معك في أورشليم، لأجد الخلاص لي ولكل إخوتي. آمين.
الخميس ٣٠ /١٠/٢٠٢٥ الأحد ٣٠ من السنة/ج







