وفاة الشاعر والصحافي والمترجم إسكندر حبش بعد مسيرةٍ طويلة من الإبداع والفكر الحرّ
توفي، مساء الخميس 30/10/2025، الكاتب والشاعر والمترجم اللبناني إسكندر حبش عن عمر 62 سنة وذلك بعد صراع طويل مع المرض. وُلد الشاعر والمترجم والناقد الراحل في بيروت عام 1963 لعائلةٍ من أصول فلسطينيّة من مدينة اللدّ، فحمل في وجدانه ذاكرة المكانين معاً، لبنان وفلسطين، وصاغ منهما هويةً ثقافيةً مزدوجةً تميّزت بالعمق والجمال والنزعة الإنسانيّة التحرريّة. كان ابن بيروت في حنينها، وابن اللدّ في صلابتها، فجمع بين الوجدان والموقف، بين القصيدة والمقاومة
منذ الثمانينات، كان من بين الوجوه التي أسّست لمشهدٍ شعريّ جديد في لبنان والعالم العربي، وأسهم في إطلاق مجلاتٍ شعريةٍ طليعيّة، كما أدار الصفحة الثقافية في جريدة السفير اللبنانية، حيث كرّس قلمه ومساحته لنصرة الثقافة التقدميّة والفكر الملتزم، مؤمناً بأن دور المثقف لا يقلّ أهميةً عن دور المناضل في الميدان.
أصدر عدداً من المجموعات الشعرية التي عبّرت عن انشغالاته الوجوديّة والفكريّة والسياسيّة، نذكر منها: بورتريه رجل من معدن ، نصف تفاحة، تلك المدن، أشكو الخريف، لا أمل لي بهذا الصمت، لا شيء أكثر من هذا الثلج، إقامة في غبار، وهي نصوصٌ جسّدت رهانه على اللغة كفعل تحرّرٍ وكشفٍ للإنسان في هشاشته ومجده معاً.
كما كان من أبرز المترجمين العرب الذين نقلوا إلى لغتنا أصواتاً عالمية مؤثرة، فعرّف القارئ العربي على فرناندو بيسوا، أمبرتو إيكو، مارغريت دوراس، ألساندرو باربكو، وميخائيل بولغاكوف، وساهم في بناء جسرٍ معرفيٍّ وإنسانيٍّ بين الثقافات، ليصبح الترجمة عنده شكلاً من أشكال المقاومة الثقافيّة ضد الانغلاق والاستعمار الرمزي.
أثرى المكتبة العربية بترجماتٍ ومؤلفاتٍ رفيعة، منها: «أجمع الذكريات كي أموت»، «نجهل الوجه الذي سيختتمه الموت»، و" هكذا تكلّم أمبرتو إيكو».
وكان آخر عطائه كتابه الحواريّ «ضوء الأمكنة المتناغمة» الصادر عن أكاديمية دار الثقافة ودار الفارابي، وهو شهادة شعرية على رؤيته للكتابة كبحثٍ دائمٍ عن النور الإنساني داخل الكلمة.
لقد مثّل إسكندر حبش نموذج المثقف الملتزم، المؤمن بأن الكلمة موقف، وأن القصيدة لا تنفصل عن قضايا الحرية والعدالة.







