لبنان وإسرائيل يتوصلان إلى اتفاق حول ترسيم الحدود البحرية.. المخاض والمخاوف

الكاتب : رئيس التحرير

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، يائير لبيد، الثلاثاء الماضي، توصل إسرائيل ولبنان إلى اتفاق "تاريخي" حول ترسيم حدودهما البحرية. وكانت إسرائيل قد عبرت عن رضاها عن المسودة النهائية لهذا الاتفاق، وأضاف لبيد أن "هذا الاتفاق التاريخي سيعزز أمن اسرائيل، ويضخ مليارات في الاقتصاد الإسرائيلي ويضمن استقرار حدودنا الشمالية".

لبنان وإسرائيل يتوصلان إلى اتفاق حول ترسيم الحدود البحرية.. المخاض والمخاوف

في المقابل أفاد نائب رئيس مجلس النواب اللبناني، إلياس أبو صعب أن بلاده "حصلت على كامل حقوقها" في المقترح. وقال أبو صعب المكلّف من رئيس الجمهورية ميشال عون بمتابعة الملف: "اليوم وصلنا لحل يرضي الطرفين. وأُخذت جميع ملاحظات لبنان بعين الاعتبار". وقالت الرئاسة اللبنانية في بيان إنها "تعتبر الصيغة النهائية لهذا العرض، مرضية للبنان لا سيما وأنها تلبي المطالب اللبنانية".

وساطة أمريكية تثمر بعد عامين من المداولات

وتتوسط الولايات المتحدة منذ عامين بين لبنان وإسرائيل، للتوصل إلى اتفاق يهدف إلى ترسيم حدودهما البحرية، وإزالة العقبات أمام التنقيب عن النفط والغاز في شرق  المتوسط.

وكان البلدان قد أعربا عن ارتياحهما في مطلع تشرين الأول لمسودة نص الوسيط الأمريكي، أموس هوكستين الذي تم تسريبها إلى الصحافة وتنص على خضوع حقل كاريش بالكامل للسيطرة الإسرائيلية في مقابل منح حقل قانا للبنان، علما أن قسما منه يتجاوز خط الترسيم الفاصل بين مياه البلدين.  ولكن أبو صعب قال: "هناك تفاهم بين شركة توتال والإسرائيليين. وحسب الاتفاق يمكن أن تحصل (إسرائيل) على تعويضات من أرباح شركة توتال" وليس من لبنان

في هذا السياق، وصل لوران فيفييه، مدير الاستكشاف والإنتاج في شركة توتال إنيرجي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى لبنان الثلاثاء.

وفي وقت يسعى فيه الاتحاد الأوروبي إلى تنويع إمداداته من الغاز جراء تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا، تعول إسرائيل على حقل كاريش لزيادة شحنات الغاز إلى القارة العجوز.

من جانبه، سيتعين على لبنان الذي يواجه حالة انهيار مالي أن ينتظر، وفق المحللين، سنوات قبل أن يستفيد من ثروته الغازية المحتملة إذ لم تبدأ بعد عملية التنقيب في حقل قانا.

وأشاد الرئيس الأمريكي، جو بايدن بالاتفاق بين إسرائيل ولبنان بشأن ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، واصفا إياه بأنه "تاريخي". وقد هنأ بايدن الرئيسين اللبناني والإسرائيلي على المضي قدما في الاتفاق لترسيم حدود بحرية دائمة.

وقال بايدن في بيان إن الاتفاق "يتيح تطوير مجالات الطاقة لصالح كلا البلدين، ويمهد الطريق لمنطقة أكثر استقرارا وازدهارا، ويسخر موارد الطاقة الجديدة الحيوية للعالم".

شينكر: إسرائيل تجاوبت بالكامل مع المطالب اللبنانية

ورأى مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق، شينكر أن اللبنانيين يجب ألا يقرأوا اتصال الرئيس الأميركي ​​بالرئيس اللبناني على أنه تراجع للولايات المتحدة عن موقفها الداعم لإجراء الانتخابات من دون مماطلة. وأضاف شينكر: "عون هو رئيس لبنان حالياً، لهذا اتصل به بايدن للتهنئة على الاتفاق".

 ​وحذّر شينكر من تداعيات انتخاب صهر الرئيس الحالي، جبران باسيل لرئاسة الجمهورية؛ مشيراً إلى العقوبات الأميركية عليه بتهم الفساد.

وأشار شينكر الذي كان مسؤولاً عن ملف التفاوض لترسيم الحدود البحرية في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، إلى أن "الظروف الحالية في لبنان أدت إلى تراجع حزب الله عن عرقلته لاتفاق ترسيم الحدود".

واعتبر مساعد وزير الخارجية السابق أن إسرائيل تجاوبت بالكامل مع المطالب اللبنانية، فيما يتعلق بالخط 23 "لذلك أعتقد أن إسرائيل قدمت تنازلات أكبر؛ لكن على الرغم من ذلك فإن ما وافق عليه حزب الله والعونيون هو فعلياً اعتراف بإسرائيل، وهذا بحد ذاته تنازل". وتحدث شينكر عن الخطر المتزايد لحزب الله في المنطقة وتطور أسلحته؛ مشيراً إلى أن إسرائيل رأت هذا خطراً مباشراً على أمنها، لهذا دفعت باتجاه الاتفاق.

مخاطر تأجيل توقيع الاتفاق والعودة إلى نقطة البداية

 يبدو أن العائق الأساسي الذي يقف أمام الاتفاق، في الأسبوعين القادمين هو المعارضة السياسية والعقبات القانونية الداخلية في إسرائيل. فالطرف اللبناني التزم بالاتفاق بدون أي تحفظات إضافية.

بلورة الاتفاق ستجدد النقاش في ثلاثة التماسات قدمت للمحكمة العليا في محاولة على الأقل لاستصدار أمر مؤقت ضد المصادقة عليه. طرحت الالتماسات ثلاثة ادعاءات رئيسية مرتبطة ببعضها، هناك حاجة إلى إجراء استفتاء شعبي للمصادقة على الاتفاق؛ والاتفاق بحاجة لمصادقة الكنيست؛ والحكومة الانتقالية التي على شفا الانتخابات غير مخولة باتخاذ قرارات مصيرية. ستدعي الحكومة رداً على ذلك بأن قانون الاستفتاء مخصص لقرارات تتعلق بالسيادة، مثل إعادة هضبة الجولان، وليس لقضايا مثل المياه الإقليمية. وكدليل على ذلك، فأن اتفاق المياه الإقليمية الذي تم التوقيع إعليه مع قبرص لم يتم طرحه للاستفتاء.

أما بخصوص الكنيست، فان المصادقة على ميثاق دولي مشروطة بإيداع صيغته مدة أسبوعين من أجل إبلاغ أعضاء الكنيست به. ويبدو أن لبيد غير متحمس لفحص وضعه في التصويت، ويفضل الاكتفاء بالإيداع فقط على خلفية المشكلات الداخلية، التي لا تضمن له أغلبية منشودة. والخطر يكمن فيما إذا تم تأجيل النقاش إلى ما بعد الانتخابات في إسرائيل، فسيتم تفويت فرصة التوقيع على الاتفاق، لأن ولاية الرئيس اللبناني ستنتهي في نهاية الشهر، ومن غير الواضح متى ستستكمل إجراءات التعيين لوريثه، الذي يعد توقيعه شرطاً للمصادقة على الاتفاق.