دير القديس ثيودوسيوس شرقي بيت ساحور
يعرف باللغة العربية أيضاً بدير دوسي وابن عبيد، ويقع الدير، بحسب التقليد، حيث استراح الحكماء الثلاثة (المجوس) في طريق عودتهم بعد زيارتهم للمسيح الطفل في بيت لحم، على بعد حوالي عشر كيلومترات شرقي بيت ساحور، مدخل صحراء يهوذا، مبني على أطلال الدير الذي أسسه القديس ثيودوسيوس – عطا لله – عام 465 م. وتظهر المغارة التي استراح فيها الحكماء كأحد أهم أقسام الدير حتى اليوم.
كنائس الدير
بلغ عدد الرهبان في الدير 793 راهباً. وقد ابتنى لهم القديس أربع كنائس. واحدة كانت التسابيح فيها باليونانية وواحدة بالسريانية وواحدة بالأرمنية وواحدة للغرباء والممسوسين. سبع مرّات في اليوم كانت الصلوات ترتفع إلى السماء. بعد قراءة الإنجيل المقدس كان الجميع ينتقلون إلى كنيسة اليونانيين ليكملوا القداس الإلهي. ثيودوسيوس كان أب الجميع وكان، بمثاله وتعاليمه، صورة حيّة للمسيح.
كان هناك أيضاً مدرسة للاهوت ومشاغل وإسطبلات للحيوانات ومرافق أخرى. لكن تلك المرافق والأنشطة لم تدم طويلاً بسبب الهجمات الفارسية عام 614 م وذبح 5000 راهب. لكن الدير عاد للازدهار بين القرنين الحادي والثاني عشر، وفي العهد الصليبي بالقرن الخامس عشر تُرك الدير وأصبح ملاذاً للبدو من قبيلة ابن عبيد، ومن هنا جاءت التسمية.
في عام 1881م، قام مدير مدرسة الصليب الكريم اللاهوتية – المصلبة – بشراء أطلال الدير من البدو، وعام 1896م قام بطريرك القدس آنذاك بوضع حجر الأساس للدير الجديد، وتم تدشين البناء الحالي عام 1952م.
ولد القديس ثيودوسيوس (عطالله) في قرية الكبّدوكية (تركيا)، وعاش إلى سن المائة وخمس سنوات، حيث توفي في العام 520 م.
قصة بناء الدير
ازداد عدد الإخوة يوماً بعد يوم، وضاقت المغارة بهم. وكان بينهم بعض الأغنياء والمقتدرين. لهذا السبب أخذوا يلّحون على قديس الله أن يعطي البركة لبناء دير يفي بالحاجات المتزايدة. تردّد القديس لبعض الوقت. رغبة قلبه كانت أن يترك كل شيء ويلتمس الوحدة والهدوء، ولكن محبة الله واعتبار قصده في هؤلاء الإخوة حتّما عليه الرضوخ. فقام وأخذ مبخرة وجعل فيها فحماً لم يشعله وبخوراً قائلاً في قلبه: أذهب بهذه المبخرة وحيثما اشتعل الفحم وفاحت رائحة البخور يكون هذا هو الموضع الذي اختاره الرب الإله لعبيده ديراً. فخرج على هذه الحال وتبعه تلاميذه. ولكن طالت بهم المسافة ولم يعطِ السيّد الإله ناراً. كل الأماكن التي كان يمكن، في ظن القديس وتلاميذه، أن تكون مناسبة عبروا بها ولكن من غير طائل. بلغوا صحراء كوتيلا وبحيرة الأسفلت ولمّ تظهر أية علامة. أخيراً ظنّ القديس أنها ليست مشيئة الله أن يشاد للإخوة دير فقفل عائداً إلى مغارته. ولكن، ما كاد وتلاميذه يعبرون بمغارة مهجورة حتى اشتعل الفحم وانبعثت رائحة البخور طيباً زكي الرائحة. فسرى الفرح عارماً بين الإخوة وعمدوا للحال إلى المباشرة بتنفيذ مأربهم. كان المكان على حوالي سبعة كيلومترات من بيت لحم.
على هذا بنى الإخوة كنيسة جميلة وديراً فسيحاً ومستوصفاً ومضافة وكل ما يعين لا في قضاء حاجة الإخوة وحسب بل الحجّاج والزوّار والفقراء والمرضى من قصّاد الدير أيضاً. وكذلك الرهبان الزائرين والنبلاء.
يقولون أن القديس ثيودوسيوس كان ذائع الصيت خصوصاً لثلاث مزايا اقتناها: أولاً النسك بدقة، ثانياً الضيافة بحبور دونما محاباة للوجوه، وثالثاً التركيز المتواتر على الصلاة المشتركة، لهذه الأسباب كثيرون تدفّقوا على الدير، فقراء ومعوزين، وكان القديس يهتم بهم فرداً فرداً ولا يهمل أياً منهم. بفرح كبير ومحبة دفّاقة كانوا يُستقبلون. كان القديس للأعمى عيناً وللعريان ملبساً وللبائس ملجأ وللمريض طبيباً ولكل مضروب بعاهة في النفس والجسد خادماً. كان يهتم بآلامهم الجسدية وجراحهم، يغسلهم ويلبسهم ويعزّيهم ويشجعهم على الصبر في البلوى التماساً للملكوت الآتي. وكان يقال أن الذين كانوا أكثر حاجة من سواهم وأقل أهمية من غيرهم، كان القديس يهتم بهم بالأكثر. وقلما انقضى نهار واحد ولمّا يفد على الدير مائة زائر ويزيد.
دفن القديس ثيودوسيوس في مغارة المجوس حيث توجد اليوم مقابر أمه القديسة أفلوغيا، والقديسة صوفيا والدة القديس سابا.
- بلطف عن صفحة المطران عطالله حنا












