برك سليمان - عبقرية البناء وعبق التاريخ

وسط غابات من السرو والصنوبر في قرية أرطاس جنوب بيت لحم … شُقت ونُحتت وبنيت ثلاث برك من الصخر بطريقة هندسية متقنة منذ آلاف السنين وجعلت منة خزانًا عميقاً من المياه وشكلت مصدراً أساسياً في تزويد القدس وبيت لحم بالمياه العذبة. ولا يخفى على أحد أن تدخلات الحضارات المتعاقبة الرومانية والبيزنطية المملوكية والعثمانية تظهر في آثارها بشكل واضح وتشهد على عراقة وقدم المكان.

برك سليمان - عبقرية البناء وعبق التاريخ

في بلدة أرطاس، توجد ثلاث برك ماء، تسمى برك سليمان، وسميت بذلك نسبة إلى السلطان العثماني سليمان القانوني الذي بناها. ولقد شيدت هذه البرك لتجميع مياه المطر في فصل الشتاء، والمياه القادمة من عيون وادي البيار، وعين العروب على بعد 10كم، أما عند نهاية البركة الثالثة فتوجد عين ماء أخرى باسم عين عطان. إن قسما من هذه البرك محفور في الصخر الصلب، وقسم مبني أو مشيد بحجارة كبيرة مقصورة بالملاط (خليط الشيد مع الرمل). وتحيط بهذه البرك أشجار السرو والصنوبر، إذ كان يتوجه إليها الكثيرون من أهالي المنطقة، أو رحلات مدرسية للتنزه في الهواء الطلق، والاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة.

وقد زودت هذه البرك مدينة بيت لحم ومدينة القدس بماء الشرب لقرون عدة، وخاصة لأنها كانت توصل المياه إلى المسجد الأقصى، وحتى أوائل عهد الانتداب البريطاني إذ استبدلت القناة الفخارية بقناة ومضخة من المعدن، وذلك عام 1919م. وللأسف الشديد هذه البرك الثلاث أصبحت فارغة في وقتنا الحاضر.

وفي عام 1622م، قام السلطان مراد الرابع لبناء قلعة مقابل برك سليمان، وذلك لأنه خلال تلك الفترة تعمد اللصوص وقطاع الطرق تخريب أو تدمير أقنية المياه التي كانت توصل ماء الشرب إلى مدينة بيت لحم أولا، ثم إلى مدينة القدس لاحقا ، تمركزت فيه حامية عسكرية، وسير دورية على طول الطريق حتى عين العروب، وعيون واد البيار التي تصب ماءها في لبرك الثلاث المسماة ببرك سليمان، وتحتوي هذه القلعة على عدد من الغرف لمبيت الجنود ومسجدا للصلاة، وأربعة أبراج على الزوايا الأربع، ويوجد بجانب القلعة من الجهة الجنوبية نبع ماء صغير يسمى رأس العين.