اجتَهِدوا أَن تَدخُلوا مِنَ البابِ الضَّيِّق - لوقا ١٣: ٢٢-٣٠

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس

٢٢وكانَ يَمُرُّ بِالمُدُنِ والقُرى، فيُعَلِّمُ فيها، وهوَ سائِرٌ إِلى أُورَشَليم. ٢٣فقالَ لَه رَجُل: «يا ربّ، هلِ الَّذينَ يَخلُصونَ قَليلون؟» ٢٤فقالَ لَهم: اجتَهِدوا أَن تَدخُلوا مِنَ البابِ الضَّيِّق. أَقولُ لَكم إِنَّ كَثيرًا مِنَ النَّاسِ سَيُحاوِلونَ الدُّخولَ فلا يَستَطيعون. ٢٥«وإِذا قامَ رَبُّ البَيتِ وأَقفَلَ الباب، فَوَقَفتُم في خارِجِهِ وأَخَذتُم تَقرَعونَ البابَ وتقولون: يا رَبُّ افتَحْ لَنا، فيُجيبُكُم: لا أَعرِفُ مِن أَينَ أَنتُم، ٢٦حينَئِذٍ تَقولونَ: لَقَد أَكَلْنا وشَرِبْنا أَمامَكَ، ولقَد عَلَّمتَ في ساحاتِنا. ٢٧فيَقولُ لَكم: لا أَعرِفُ مِن أَينَ أَنتُم. إِلَيكُم عَنِّي يا فاعِلي السُّوءِ جَميعًا! ٢٨فهُناكَ البُكاءُ وصَريفُ الأَسنان، إِذ تَرَونَ إِبراهيمَ وإِسحٰقَ ويعقوبَ وجميعَ الأَنبِياءِ في مَلَكوتِ الله، وتَرَونَ أَنفُسَكُم في خارِجِه مَطرودين. ٢٩وسَوفَ يَأتي النَّاسُ مِنَ المَشرِقِ والمَغرِب، ومِنَ الشَّمالِ والجَنوب، فيَجلِسونَ على المائِدَةِ في مَلَكوتِ الله. ٣٠فهُناكَ آخِرونَ يَصيرونَ أَوَّلين وأَوَّلونَ يَصيرونَ آخِرين.

اجتَهِدوا أَن تَدخُلوا مِنَ البابِ الضَّيِّق - لوقا ١٣: ٢٢-٣٠

زمن سلام جديد. هل انتهت الحرب القديمة؟ ٧٣٤ يوم حرب، ابتداء من ٧ أكتوبر ٢٠٢٣. يوم الخميس ٩/١٠/٢٠٢٥ وقعوا على اتفاقية سلام. هل نبدأ نعُدُّ أيام السلام؟

"تَحَنَّنْ علَينا، يا رَبُّ، تَحَنَّنْ علَينا، فقَد شَبِعْنا هَوانًا" (مزمور ١٢٣: ٣). ارحمنا، يا رب. نعم، يا رب، هان الوضع في غزة بعض الشيء. شيءٌ ما، تغيّر. لكن الحرب ما زالت هناك. والخطر، وإرادة الشر، والأسوأ ومصدر الشر، إرادة السيطرة على كل المنطقة، على كل بلدان الشرق الأوسط. أعني حرب وموت ودمار... إلى متى يا رب تبقى أحلام هذا الاستعمار وتزرع الموت والدمار في بلداننا؟ ارحمنا، يا رب.

إنجيل اليوم

"وكانَ يَمُرُّ بِالمُدُنِ والقُرى، فيُعَلِّمُ فيها، وهوَ سائِرٌ إِلى أُورَشَليم. فقالَ لَه رَجُل: «يا ربّ، هلِ الَّذينَ يَخلُصونَ قَليلون؟» فقالَ لَهم: اجتَهِدوا أَن تَدخُلوا مِنَ البابِ الضَّيِّق. أَقولُ لَكم إِنَّ كَثيرًا مِنَ النَّاسِ سَيُحاوِلونَ الدُّخولَ فلا يَستَطيعون" (٢٢-٢٤).

كان يسوع سائرًا إلى أورشليم، ليتمم مشيئة الله، ليقدَم حياته، ليصالح البشرية مع الله. صعد إلى أورشليم ليبذل حياته ويموت... ونحن اليوم نحيا حياتنا اليومية، وكل لحظة منها، في القدس. المكان نفسه. والسر نفسه. والحاجة نفسها: مصالحة المدينة، والإنسانية مع الله. وكما في زمن يسوع، كثيرون لا يدركون سر الله في القدس. يرون فيها الحرب، ومدينة يريدون السيطرة علهيا، وفيها رجال ونساء يجب تدميرهم، حتى يحيا غيرهم...

صعد يسوع إلى أورشليم ليتمم مشيئة الله ويموت ويفدي البشرية. ونحن نحيا حياتنا اليومية في القدس، غير واعين لسِرِّها...

"فقالَ لَه رَجُل: «يا ربّ، هلِ الَّذينَ يَخلُصونَ قَليلون؟»

 هذا الرجل من الجمع، من المستمعين ليسوع، ماذا كان يفهم بسؤاله عن الخلاص؟ خلاص من شر الناس، أو من الاحتلال الروماني؟ أم خلاص النفس وكل الإنسان الذي جاء يسوع يحققه.

جاء يسوع لخلاص كل واحد، يريد ألا يهلك أحد. ومن هو الإنسان المخلَّص؟ هو الذي يعرف نفسه أنه خليقة، وخاطئ، وأن يعرف نفسه أنه بحاجة لأن يحرر نفسه من خطيئة نفسه، وأنه مسؤول مع كل إخوته وأخواته للعمل من أجل خلاص العالم بأسره.

الخلاص هو أيضًا معرفة يسوع المسيح، المخلِّص، معرفته أنه كلمة الله الأزلي، ومعرفة حبه، أنه أحبنا، وحبًّا لنا، وليخلصنا، تألم ومات ثم غلب الموت وقام.

الخلاص هو أن نعرف يسوع المسيح المخلص، نعرف أنه كلمة الله الأزلي، نعرف حبه لنا، وأنه حبًّا لنا وليخلصنا، تألم ومات وغلب الموت وقام.

هل الذين يخلصون كثيرون؟

يسوع صعد إلى أورشليم. ونحن اليوم حياتنا فيها.

حياتنا في أرض غير واعية، في إنسانية غير واعية، في "اورشليم" غير واعية، والخلاص هو أن نتحرر من هذا اللاوعي العام، ثم نطرح نحن أيضًا السؤال: «يا ربّ، هلِ الَّذينَ يَخلُصونَ قَليلون؟». يا رب، هل أَخلُصُ أنا؟ هل نخلص؟ القدس التي خلَّصْتَها وجعلتها مقدسة، ومكان ذبيحتك، متى ترى الخلاص؟ هل نرى نحن الخلاص فيها؟

حياتي كتلميذ، كمسيحي، مؤمن بيسوع المسيح، متى أبدأها؟ الله يعطيني دائمًا نعمته. غليَّ أنا أن آخذ، وأكون واعيًا لما يعطيني إياه الله.

حياتي تمر بين مظالم الناس، محاطًا بشر الحرب، وعذابات الألوف من حولي وألوف يموتون. من أجلهم يسوع مات، كما مات من أجلي. الحياة لهم كما هي لي. وإليهم أنا مرسل، وإلى آلامهم أنا مرسل... لأقاوم الظلم، والطرق كثيرة لمقاومة الظلم. أولا أن أكون واعيًا لما يحدث، ومتضامنًا مع كل متألم، وأومن أن الشر أخيرًا سينتهي، وأن خلاص المسيح هو للجميع، والحياة هي للجميع، ومن بين أعمال المقاومة الفعالة، الصلاة، أيضًا. لأن الله هو المخلِّص، وهو الأب، ويرى ويشفي ويغلب شر الناس.

«يا ربّ، هلِ الَّذينَ يَخلُصونَ قَليلون؟»

ربي، متى نرى خلاصك؟ القدس هل تبقى خاضعة لشر الناس، أم ستعرف يومًا خلاصها؟ ربي يسوع المسيح، إني أضع كل شيء بين يديك، أنا أومن أنت المخلص، ستخلصنا وسنرى وجهك. الشعوب كلها سترى يوما وجهك ومجدك في القدس. يا رب، زدنا إيمانًا. آمين. 

الأربعاء ٢٩ /١٠/٢٠٢٥                           الأحد ٣٠ من السنة/ج