حديث يسوع مع نيقوديموس من الفريسيين - يوحنا ٣: ٧-١٥

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس

٧ لا تَعْجَبْ مِن قَولي لَكَ: يَجِبُ علَيكم أَن تُولَدوا مِن عَلُ. ٨ فالرِّيحُ تَهُبُّ حَيثُ تَشاء فتَسمَعُ صَوتَها، ولكنَّكَ لا تَدْري مِن أَينَ تَأتي، وإِلى أَينَ تَذهَب. تِلكَ حاَلةُ كُلِّ مَولودٍ لِلُّروح. ٩ أَجابَه نيقوديمُس: كيفَ يَكونُ هذا؟ ١٠ أَجابَ يسوع: أَأَنتَ مُعلِّمٌ في إِسرائيل وتَجهَلُ هذِه الأَشْياء؟ ١١ الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكَ: إنَّنا نتكلَّمُ بِما نَعلَم، ونَشهَدُ بِمَا رَأَينا ولكِنَّكُم لا تَقبَلونَ شَهادَتَنا. ١٢ فإِذا كُنتُم لا تُؤمِنونَ عِندَما أُكَلِّمُكم في أُمورِ الأَرْض فكَيفَ تُؤمِنونَ إِذا كلَّمتُكُم في أُمورِ السَّماء؟ ١٣ فما مِن أَحَدٍ يَصعَدُ إِلى السَّماء إِلاَّ الَّذي نَزَلَ مِنَ السَّماء وهو ابنُ الإِنسان. ١٤ وكما رَفَعَ مُوسى الحَيَّةَ في البَرِّيَّة فكذلِكَ يَجِبُ أَن يُرفَعَ ابنُ الإِنسان ١٥ لِتَكونَ بهِ الحَياةُ الأَبديَّةُ لِكُلِّ مَن يُؤمِن.

حديث يسوع مع نيقوديموس من الفريسيين - يوحنا ٣: ٧-١٥

الحرب ١٨٤

      "الرب يَثني مُنكَسرِي القُلوب ويُضَمِّدُ جِراحَهم، الرَّبُّ يؤيِّدُ الوُضَعاء ويُذِلُّ الأَشْرارَ حتًّى الأَرض" (مزمور ١٤٧: ٣و٦).

        ارحمنا، يا رب. أنت الوحيد الذي تشفي القلوب المنكسرة، وتضمِّد جراحنا. اللهم، أيِّد الوضعاء وارفعهم، أيِّد المظلومين، والذين قرر الناس موتهم. أنت حِماهم الوحيد من شر الناس. تعال، يا رب، ولا تبطئ. أرنا وجهك، ونورك ورحمتك. يا رب، أبعِد الموت عن غزة، أبعد الحرب عنها، أوقف الحرب عليها. أصلح قلوب زعماء الحرب، وأعِدْ إلى غزة الحياة والعدل والسلام، والكرامة التي أنت منحتهم إياها.

      

        إنجيل اليوم

        حديث يسوع مع نيقوديموس من الفريسيين، من "كبار" زمنه، لكنه تواضع فرأى واعترف بالخير الذي كان يصنعه يسوع. فجاء إليه ليتعلَّم ويعرف المزيد. من كبار الأرض، لكن قلبه منفتح، ولو أنه ما زال خائفًا من الناس، لذلك جاء ليلًا. جاء، فاستقبله يسوع.

        "لا تَعْجَبْ مِن قَولي لَكَ: يَجِبُ علَيكم أَن تُولَدوا مِن عَلُ. فالرِّيحُ تَهُبُّ حَيثُ تَشاء فتَسمَعُ صَوتَها، ولكنَّكَ لا تَدْري مِن أَينَ تَأتي، وإِلى أَينَ تَذهَب. تِلكَ حاَلةُ كُلِّ مَولودٍ لِلُّروح. أَجابَه نيقوديمُس: كيفَ يَكونُ هذا؟  أَجابَ يسوع: أَأَنتَ مُعلِّمٌ في إِسرائيل وتَجهَلُ هذِه الأَشْياء؟" (٧-١٠).

        أصغى إليه يسوع، وكلَّمه عن الولادة الجديدة والإنسان الجديد، وشريعة جديدة، ورؤية جدية للبشرية التي يجب أن تولد من الروح. ولم يفهم نيقوديمس. الروح، روح يسوع، فوق شؤون الأرض، وفوق "كبار" الأرض. روح الله مثل "فالرِّيحُ تَهُبُّ حَيثُ تَشاء فتَسمَعُ صَوتَها، ولكنَّكَ لا تَدْري مِن أَينَ تَأتي، وإِلى أَينَ تَذهَب. تِلكَ حاَلةُ كُلِّ مَولودٍ لِلُّروح". أنت، بعلمك البشري، وحدك، لا تقدر أن تفهم. يجب أن تولد من جديد، بالروح. ولم يفهم نيقوديمس: " كيفَ يَكونُ هذا؟"  

        ما يقوله الله، وحدنا، لا نقدر أن نفهمه. كل شؤون الله، لا نقدر أن نفهمها إلا بنور الله. لهذا، نبدأ فنعترف أننا، وحدنا، لا نقدر. أننا فقراء، إلى الله. ونحن بحاجة إلى مساعدة، مهما كان علمنا البشري.

        وهذا أمر يجب أن نعود إليه دائمًا، ونكتشفه دائمًا، أننا على صورة الله، أننا مخلوقون دائمًا، وأننا مرتبطون دائمًا، غيرُ مستقلين، مرتبطون بالله، وهو أفضل ارتباط للإنسان، وأفضل فقر، الفقر إلى الله وإلى روح الله. يجب أن ندرك ذلك، ونحيا في هذا الوعي: أننا فقراء إلى الله.

        "ما مِن أَحَدٍ يَصعَدُ إِلى السَّماء إِلاَّ الَّذي نَزَلَ مِنَ السَّماء وهو ابنُ الإِنسان" (١٣).

        لم يصعد أحد إلى السماء، ولا أحد يفهم شؤون السماء، إلا ابن الإنسان الذي جاء من السماء، إلا كلمة الله. هو العلم. وجاء يعلِّمُنا. ابن الإنسان وابن الله جاء يعلِّمنا. ومن آمن به كانت له الحياة الأبدية (١٥).

        نحيا حياتنا على الأرض، ولنا حياة ثانية بعد هذه الأرض. لكنها تبدأ في هذه الأرض أيضًا. وهذا ممكن، إن نحن تركْنَا الله يعلِّمُنا، وإن قبلنا نحن أيضًا، مثل نيقوديمس، تعليم يسوع. جاء يسوع وعلَّمنا. فيجب أن نجتهد حتى نقبل، فنقرأ ونتأمل في ما قال لنا وفي كل الخير الذي صنعه، ونتأمل في كل ما يقول لنا وما يعطينا إياه في كل يوم وفي كل لحظة من حياتنا.

        ربي يسوع المسيح، علِّمْني. افتح قلبي وعقلي، حتى أرى، وأعرف أني فقير، وأني، وحدي، لا أقدر أن أفهم. املأني بروحك حتى أرى، حتى أراك، وأبدأ، هنا على الأرض، الحياة الأبدية التي تضيء وتهدي حياتي على الأرض. آمين.

 الثلاثاء ٩/٤/ ٢٠٢٤              بعد الأحد الثاني للفصح