بيت لحم تحتضن مؤتمر" لحظة الحقيقة: الإيمان في زمن الإبادة" بمبادرة من كايروس فلسطين

أطلقت المبادرة المسيحية الفلسطينية المسكونية "وقفة حق"، أمس الجمعة 14/11/2025، في مدينة بيت لحم، وثيقة "كايروس فلسطين الثانية" بعنوان: "لحظة الحقيقة: الإيمان في زمن الإبادة"، وقدّم البطريرك ميشيل صبّاح، مؤسّس مبادرة كايروس فلسطين، عرضًا لاهوتيًا مركّزًا من قلب الألم الفلسطيني، ما جعل كلمته محورية في رؤية الوثيقة ورسالتها. وجاء الإطلاق الوثيقة خلال المؤتمر الدولي السادس عشر للمبادرة، بعد أكثر من عامين على الحرب على غزة، وما يزيد عن 15 عامًا على صدور الوثيقة الأولى عام 2009، التي شكّلت آنذاك صرخة إيمان ورجاء ومحبّة من قلب المعاناة الفلسطينية، ولاقت صدى واسعًا في الكنائس محليًا وعالميًا، مؤكدة استمرار الصوت الكنسي في الدعوة إلى عدالة شاملة للشعوب. وذلك بمشاركة قادة الكنائس الفلسطينية والعالمية، وممثلي الهيئات المدنية

بيت لحم تحتضن مؤتمر" لحظة الحقيقة: الإيمان في زمن الإبادة" بمبادرة من كايروس فلسطين

البطريرك صبّاح ورسالة الإيمان والحرية

في مداخلته، عبّر البطريرك صبّاح عن إيمانه العميق بأن "أملنا ما زال متأصّلاً في الله، ومتجذّرًا في الأخوّة والطيبة الموجودة في العالم"، معترفًا بأن السنوات التي أعقبت غزة فرضت سؤالاً لاهوتيًا جديدًا: "ماذا بعد غزة؟ أي لاهوت بعد غزة وبعد واقع الإبادة فيها؟".

وأشار صبّاح إلى ما رآه في غزة من مآسٍ، موضحًا: "لقد رأينا في غزة ما رأيناه، وكشفت لنا الأيام نوايا الموت والإبادة". وأضاف بأن هناك من يقول للفلسطينيين صراحة: "أنتم … لا يجوز أن تكونوا هنا؛ إمّا الرحيل أو الإبادة"، لكنه ردّ بهمزة إيمانية ثابتة: "الله لا يقول ذلك. الله يقول سلامًا وحياة وحرية وعدلاً ومساواة".

وتحت هذا الإيمان، شدّد البطريرك على التزام الفلسطينيين بالبقاء في أرضهم، قائلًا: "بما أن الله هو ربّ الحياة والموت، فسنظلّ ثابتين. أمّا قرار الإنسان، مهما استبد واستعلى، فلن يكون هو الأعلى".

دعوة إلى المحبة والخدمة

لم يكتفِ صبّاح بالصلاة أو التأمل، بل وجه دعوة عملية نحو الوحدة والخدمة، خصوصًا من قادة الفلسطينيين: "بعد غزة، ماذا علينا نحن الشعب الفلسطيني أن نفعل؟ … علينا مزيدٌ من المحبّة، ومزيدٌ من روح الخدمة". واعتبر أن المحبة التي تجمع بين المطالبين بالحق والمقاومين للظلم هي السبيل إلى رؤية وطنية موحّدة: "الوطن أولًا، وفلسطين قبل أي حزب أو انتماء".

وأشار إلى قدسية الأرض ومسؤولية العالم تجاهها: "أرضنا مقدسة وهي أرض الجميع، أنتم مسؤولون عن سلامها، واقعنا اليوم هو أن جريمة ضد الإنسان في غزة حدثت وقصد الإبادة مستمر فيها وفي كامل الضفة الغربية، وهو أمر يفرض علينا تنبيه الشعوب في أنحاء العالم لما يحدث في غزة. كما أن واقعنا اليوم يقول إن هناك جماهير في العالم سارت وتظاهرت وصَلّت وصامت من أجل وقف الإبادة في غزة. كما بدلت دول كثيرة موقفها وخوفها من أجل وقف الإبادة في غزة".

وشدد على رؤيته المستقبلية: "لقد بدأنا مرحلة جديدة في أرضنا.. والله سبحانه بدأ معنا مرحلة جديدة، في ظل أن الحياة لمن يطلب الحياة، لقد دخلنا المرحلة الجديدة وهي مرحلة حياة للشعب الفلسطيني الذي سيسكن أرضه ومدنه وقراه".

كما نبّه إلى مسؤولية أخلاقية مشتركة تجاه السلام، موجّهًا كلامه للشعب الإسرائيلي: "مصير الشعب الإسرائيلي بين يديه. إن استمرّ في قتلنا سيجد الموت في نفسه. أمّا إن طلب الحياة بطرق الحياة، فسيجدها. حياة إسرائيل تكمن في سلامها مع الشعب الفلسطيني. فبقاء إسرائيل لا يتوقف على قوتها وأسلحتها، بل على سلامها مع الشعب الفلسطيني. هذه هي طريق الحياة والبقاء لإسرائيل".