كلمة الله الأزلي، حياة ونور الناس - لوقا ١٠: ٣٨-٤٢

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا

"فِي البَدءِ كَانَ الكَلِمَة، وَالكَلِمَةُ كَانَ لَدَى الله، وَالكَلِمَةُ هُوَ الله. كَانَ فِي البَدءِ لَدَى الله. بِهِ كَانَ كُلُّ شَيءٍ وَبِدُونِهِ مَا كَانَ شَيءٌ مِمــَّا كَانَ". فِيهِ كَانَتْ الحَيَاةُ وَالحَيَاةُ نُورُ النَّاسِ" (يوحنا ١: ١-٤).

كلمة الله الأزلي، حياة ونور الناس - لوقا ١٠: ٣٨-٤٢

 

 ٣٨. وبينما هم سائرون، دخل قرية فأضافته امرأة اسمها مرتا. 

٣٩. وكان لها أخت تدعى مريم، جلست عند قدمَيْ الرب تستمع إلى كلامه. 

٤٠. وكانت مرتا مشغولة بأمور كثيرة من الخدمة، فأقبلت وقالت: يا ربّ، أما تبالي أن أختي تركتني أخدم وحدي؟ فمُرْها أن تساعدني.

٤١. فأجابها الرب: مرتا، مرتا، إنك في هم وارتباك بأمور كثيرة، 

٤٢. مع أن الحاجة إلى أمر واحد. فقد اختارت مريم النصيب الأفضل، ولن يُنزَعَ منها.

 

          "فَأَجَابَهَا الرَّبّ: مَرتَا، مَرتَا، إنَّكَ فِي هَمٍّ وَارتِبَاكٍ بِأُمُورٍ كَثِيرَةٍ، مَع أَنَّ الحَاجَةَ إلَى أَمرٍ وَاحِدٍ. فَقَد اختَارَتْ مَريَم النَّصِيبَ الأَفضَلَ، وَلَن يُنزَعَ مِنهَا" (٤١-٤٢).

       اليوم أيضًا حرب. كراهية وموت.

       هنا، في هذه الأرض، صار كلمة الله إنسانًا.

       "فِي البَدءِ كَانَ الكَلِمَة، وَالكَلِمَةُ كَانَ لَدَى الله، وَالكَلِمَةُ هُوَ الله. كَانَ فِي البَدءِ لَدَى الله. بِهِ كَانَ كُلُّ شَيءٍ وَبِدُونِهِ مَا كَانَ شَيءٌ مِمــَّا كَانَ". فِيهِ كَانَتْ الحَيَاةُ وَالحَيَاةُ نُورُ النَّاسِ" (يوحنا ١: ١-٤).

       كلمة الله الأزلي، حياة ونور الناس. ومع ذلك هذه الأرض، حيث جِئْتَ، يا رب، وصِرْتَ إنسانًا، لتملأها بالحياة والنور، هي اليوم في الموت وفي ظلمات الحرب.

       ربي يسوع المسيح، هنا، تجوَّلْتَ بين القرى والمدن، تعمل الخير، وتشفي من كل مرض وعلة، وتغفر الخطايا. ارحَمْ، يا رب، واغفِرْ. كلنا أخطأنا. كبارٌ من هذا العالم، كما في زمنك، لا يريدون أن يروا، لكنَّ "صغارًا" كثيرين في الأرض، وفي العالم، الذين كشف لهم الآب سِرَّ حُبِّه، يصلُّون ويسألونك الرحمة. ارحم، يا رب، الذين يموتون، والأحياء الذين يبكون عليهم. وارحم، يا رب، صانعي الحرب، والظالمين أنفسهم الذين يظلمون غيرهم وهم سبب الحرب. اللهم ارحم الجميع.

       "وَالكَلِمَةُ صَارَ بَشَرَا فَسَكَنَ بَينَنَا، فَرَأَيْنَا مَجدَهُ، مَجدَا مِن لَدُن الآبِ لِابنٍ وَحِيدٍ مِلؤُهُ النِّعمَةُ وَالحَقُّ" (يوحنا ١: ١٤). سكَنْتَ بيننا، يا رب، في هذه الأرض. وأعطَيْتَنا أن نرى مجدك، " مَجدَا مِن لَدُن الآبِ لِابنٍ وَحِيدٍ مِلؤُهُ النِّعمَةُ وَالحَقُّ". وهنا، يا ربّ، يا ابن الآب الوحيد، المملوء نعمة وحقًّا، هنا أتيْتَ وسكَنْتَ، وهنا حرب. الناس تملأهم الكراهية والموت. والأقوياء يظنون أن يزيلوا الكراهية بالكراهية، والموت بالموت. أعطهم أن يروا حقيقة كرامتهم الإنسانية التي وهَبْتَهم إياها، وأن يروا الكرامة نفسها التي وهَبْتَها للفقراء والصغار، الذين عصفَتْ بهم أيضًا عاصفة الحرب.

       اللهم، ارحَمْ واغفِرْ.

       هنا أيضًا، في أرضنا هذه، كان لك أصدقاء. في إنجيل اليوم، جئت تستريح لدى أصدقائك لعازر وأختيه مرتا ومريم. مريم كانت تصغي إلى كلامك. ومرتا كانت منشغلة في أمور الضيافة، فقُلْتَ لها: أمر واحد ضروري وهو الأفضل، توقَّفِي عن شؤون الأرض، وأصغي إلى ما أقول. ونحن أعطنا أن نتوقَّف عن الحرب حتى نصغي إلى ما تقول لنا عن الآب، وإلى ما يقول لنا الآب في همومنا الأرضية، وفي زمن الحرب هذا.

       ربي يسوع المسيح، هنا قضيت حياتك البشرية، وعلَّمْتَ، وشفَيْتَ، وغفَرْتَ الخطايا. هنا تألمت، ومُتَّ، لأنك أحبَبْتَنا حتى النهاية. وهنا لما ودَّعْتَنا ترَكْتَ لنا سلامك. اللهم، أرضُنا أرض الفداء، ولا فداء فيها، في أرضِنا كانت آلامك وموتك وقيامتك. وهي اليوم أرض حرب وكراهية وموت. وأنت جِئْتَ لتمنحنا الحياة والنور. 

       اللهم، اغفِرْ، وأضِئْ علينا، وخلِّصْ الذين خلَّصْتَهم، جميع الناس. أعطِ أرضك سلامًا قريبًا، نهائيًّا. افتَحْ وأَلهِم قلوبَ الكبار والأقوياء، والصغار أيضًا، والمظلومين، حتى يلتقوا كلُّهم في نورِك، ويبدأوا هنا ببناء أرض فيها سلام. آمين.

الثلاثاء ١٠/١٠/ ٢٠٢٣        الأحد ٢٧ من السنة/أ