الطلاب العرب في أكرانيا بين مطرقة الدراسة الجامعية وسندان الحرب العالمية

القيامة - مثلما أن الغموض هو سيد الموقف حول الأوضاع العسكرية على الحدود الروسية – الأكرانية، كذلك هو سيد الموقف بالنسبة لوضع الطلاب العرب الدارسين في أكرانيا وما ينتظرهم في الفترة القادمة. وقد أشارت المعلومات إلى أن أكثر من 2000 طالب عربي من البلاد يدرسون في جامعات أكرانيا، وأن الغالبية العظمى منهم عادوا إلى البلاد قبل أسبوعين، في أواسط شباط الجاري.

الطلاب العرب في أكرانيا بين مطرقة الدراسة الجامعية وسندان الحرب العالمية

مروان حاج من دبورية، طالب طب سنة رابعة، يدرس في جامعة دنيبروفسك، يخبرنا بداية عن أجواء العودة إلى البلاد وكيف تم اتخاذ قرار العودة قائلا: "في البداية كنا محتارين كيف نتصرف. لكن عندما سمعنا تحذيرات رئيس الحكومة بينيت ونداءه للمواطنين الاسرائيليين في أكرانيا بالعودة إلى البلاد، وإلا فان كل شخص يبقى هناك يتحمل المسؤولية الشخصية، هنا قررنا العودة، رغم أن الجامعة لم تسمح لنا بالتوقف عن التعليم ولم تمنحنا اذنا بالعودة، لكن حصلت ضغوط من عدة جهات في البلاد منها وزارة الخارجية وغيرها على ادارات الجامعات الأكرانية، مما أدى إلى تراجع إدارة الجامعة وإتاحة الدراسة أمامنا عن طريق البث المباشر عبر الكمبيوتر". 

ويؤكد مروان بأن الطلاب بعدما عادوا بأعدادهم الكبيرة أيقنوا أنه لن تجازف الجامعة بفصلهم وستخضع للأمر الواقع، وهذا ما حصل، ويضيف بأن "الجامعة ما زالت مفتوحة وتعمل كالمعتاد في خدمة الطلاب المحليين والذين بقوا هناك من بلدان أخرى. حيث يدرس العديد من الطلاب الأجانب من أوروبا ودول عربية مثل شمال أفريقيا وكذلك لبنان، الذين لم يعودوا إلى بلادهم إلا بعدما صدرت الأوامر من سفاراتهم. أما الطلاب الأكرانيين فانهم يمارسون حياتهم بشكل طبيعي، ويواصلون دراستهم في الجامعة، ولا يتحدثون في موضوع الحرب حيث لا يبدون اهتماما به أو انزعاجا منه".

ويضيف مروان متحدثا عن وضعه الحالي ودراسته، فيقول: "حاليا ندرس مباشرة بواسطة الكمبيوتر عن بعد، بعدما نجحنا في الضغط على الجامعة، بمساعدة وزارة الخارجية الاسرائيلية، لأننا عدنا إلى البلاد ونحن نجهل ما ينتظرنا في الفترة القادمة. نحن نتابع الحالة في أكرانيا من خلال وسائل الاعلام، ولا ندري إذا كان التعليم سيتوقف، وسننتظر حتى نهاية نيسان القادم، حيث تخرج الجامعات الى عطلة عيد الفصح، وبعدها يمكن أن تتضح الصورة وما هي وجهة الدول نحو الحرب أم عدمها".

مروان حاج

رشاد زهير حلو من عرابة سنة رابعة طب عام يدرس في مدينة دنيبرو، القريبة من مدينة خاركوف والتي تبعد 3 ساعات عن الحدود الروسية، وهي مدينة صناعية وعدد سكانها يبلغ 1 مليون مواطن، وعدد الطلاب العرب فيها 250 طالبا يدرسون الطب والصيدلة.

يشرح لنا رشاد الوضع العام من وجهة نظره على النحو التالي: "المشكلة الحالية بين روسيا وأكرانيا ليست جديدة، والقوات موجودة على الحدود منذ 8 سنوات أي منذ 2014، بعدما أقدمت روسيا على ضم شبه جزيرة القرم إليها، والدخول إلى اقليمي لوهانسك ودونييتسك واقتطاع أجزاء منهما، لكن تصاعدت في الأيام الأخيرة خاصة بعد اعتراف روسيا باستقلال الاقليمين. التضليل الاعلامي وتضخيم أخبار التحركات تفوق الحقيقة والواقع، صحيح يوجد حشد ومدرعات على الحدود، لكن الحرب لن تقع خلال أيام قليلة، فالروس غير معنيين بها، وبوتين أظهر تفوقه العسكري بعدد قليل من جيشه لا يتجاوز عشر بالمائة، وبعد التوصل لتنازلات من أكرانيا عن الأقاليم، سيعود الجيش الروسي الى ثكناته. تبقى مسألة دخول أكرانيا الى حلف الناتو، وهذا ما لن تقبل به روسيا بأن تتواجد قوات الناتو على حدودها أي باب بيتها، فهذا خط أحمر بالنسبة لها. وقد عبر وزير الخارجية الأكراني عن موافقته على ذلك في سبيل تجنب نشوب حرب، لكن العقبة تكمن في الرئيس المتمسك بانضمام بلاده لحلف ناتو".

وأضاف رشاد قائلا: "التطورات الأخيرة تتعلق بالعقوبات التي فرضت على موسكو. نرى في تصريحات بوتين الأخيرة الاشارة الى الشيوعية والدولة السوفييتية، ويذكر الأكرانيين بالقواسم المشتركة فيما بينهما، وبالمقابل يقول لهم انكم تشكلون تهديدا علي، وعبر عن عدم رغبته في احتلال أكرانيا. فاحتمالات الحرب ضئيلة ولا أتوقع نشوبها، خاصة بعد سنتين من جائحة كورونا في العالم، كما ان أوروبا تحتاج إلى غاز وقمح روسيا".

رشاد حلو

بناء على ذلك فان رشاد أكد لنا أنه سيعود مطلع الأسبوع القادم إلى أكرانيا لمواصلة تعليمه الجامعي، كما سيعود الطلاب الآخرون من البلاد، لأن الجامعة ألزمتهم بالعودة بعد أسبوعين من عودتهم للبلاد وموافقتها على التعليم عن بعد. وأوضح لنا أن النظام يختلف بين مدينة وأخرى، وأن كل جامعة لها نظامها الخاص المستقل.

وأوضح رشاد أن "الحياة في أكرانيا بما فيها التعليم والعمل تسير كالعادة، والناس لا يتكلمون عن الحرب انما يعيشون حياتهم ويهتمون باجازة نهاية الأسبوع والعودة للعمل بعدها، هذا كا ما يهمهم. وأنا على تواصل مع أصدقاء لي هناك، وقالوا بأن التعبئة التي نسمع عنها ليست صادرة عن الجيش الأكراني، بل عن قوات الانفصاليين الموالين للروس، أي أن مظاهر الحرب في أكرانيا غير موجودة".